كيفية ممارسة الإدارة العامة الرقابة الذاتية بوسيلة سحب القرارات الإدارية المعيبة..

{clean_title}
الشريط الإخباري :  
سحب القرار الإداري :
 وهو انهاء آثار القرار الإداري بالنسبة للمستقبل والماضي ومن يوم صدوره أي اعدامه باثر رجعي وهو وسيلة تستخدمها الأدارة بإرادتها المنفردة لأنهاء القرار الإداري من الوجود القانوني فيصبح بالسحب كأن لم يكن وهو يشبه الالغاء القضائي من ناحية الاثر المترتب عليه وتهدف الأدارة من وراء سحبها للقرار الإداري الى تصحيح الاخطاء التي وقعت فيها كما انه وسيلة من وسائل الرقابة التي تعتمدها الأدارة لملاحظة قراراتها حيث ان سحب الأدارة لقراراتها خير لها من الوقوف أمام القضاء والظهور بمظهر المخالفة للقانون او المتعسفة باستخدام سلطاتها وهي تسحب قراراتها الإدارية غير المشروعة احتراما لمبدأ المشروعية.

فالمبدأ القانوني في القوانين الإدارية في العالم هو " من يملك الشيء يملك عكسه" وهذا ما يترجمه صلاحية الإدارة المطلقة في سحب قراراتها المعيبة وإلغاء أثر تلك القرارات من تاريخ صدورها لتكون كأن لم تكن، وهذا ما يعتبر رقابة ذاتية لها ذات الأثر الذي للأحكام القضائية الإدارية فهي تعيد الحال إلى ما كانت إليه قبل صدور القرار.

وممارسة الإدارة لهذا السلوك الإيجابي الذي يعني فحص الإدارة لقراراتها النهائية ومراجعة الأسباب التي بني عليها القرار قد يأتي بطريقين هما :
١-أن تسحب الإدارة قراراتها بعد أن يظهر لها وجود تسرع في هذه القرارات وتتولد الرغبة في إستدراك الوقوع في الأخطاء التي تشوب القرارات فتجعلها معيبة ومعرضة للفسخ والإلغاء من قبل القضاء الإداري.
٢- أن يتقدم المتضررون من تلك القرارات بطعن أو إعتراض لجهة إصدار القرارات فتقوم الإدارة نتيجة لنظر الإعتراض أو الطعن بمراجعة هذه القرارات فتقوم بسحبها توخيا لتجنب الأخطاء وإلحاق الضرر بالأشخاص أو الجهات التي تصدر تلك القرارات في مواجهتها.

وتعتبر هذه الوسيلة في الرقابة الذاتية أكثر منفعة للصالح العام والصالح الخاص للإدارة نفسها من حيث أن سحب القرارت هو مجرد تصحيح للخطأ وأثره هو إلغاء أثر القرار وإعادة الحال إلى ما كانت عليه بالنسبة لأطراف المعادلة،دون أن يلحق بأي طرف أي أثر سلبي مالي أو إداري، بينما إمتناع الإدارة عن هذا النهج والسلوك بإنتظارها أن يلجأ المتضرر للقضاء الإداري ينم عن جهل الإدارة وعدم وعيها لعواقب الإلغاء أو الفسخ بأمر قضائي أو عن عدم إكتراث مصدر القرار لما قد يلحق الإدارة العامة من ضرر مالي أو إداري حيث أن أثر اللجوء للقضاء يرتب - في حال فسخ القرارات - كلفا مالية بتكبد الإدارة عندما تكون الطرف الخاسر لرسوم ومصاريف التقاضي بالإضافة إلى تعرضها لأحكام قضائية تلزمها بدفع التعويضات المالية عن الأضرار المعنوية والمادية للمتضررين من قراراتها المعيبة التي يتم فسخها وهذا حق لخصوم الإدارة يقره القانون مما يرتب أعباء مالية على الخزينة العامة وهو ما يعتبر هدرا للمال العام.

و المؤسف هنا أن القانون الإداري الأردني وقانون القضاء الإداري الأردني وإن أقرأ حق المتضرر من القرار الإداري الملغي أو المفسوخ في طلب التعويض إلا أن الذي يضمن ويتكبد الأثر المالي لهذا التخبط في إصدار القرارات هي الإدارة العامة والخزينة العامة وأموال الشعب ولا يتكبد مصدروا هذه القرارات أي أثر مالي أو إداري يطالهم بشخوصهم وذممهم المالية ولهذا يصبح السلوك الغالب لهم أن يتركوا الأمر للقضاء حتى وإن تولدت لديهم القناعة بأنهم أخطأوا في إتخاذ القرارات فتأخذهم العزة بالإثم وليس على المتضررين إلا اللجوء للقضاء الإداري وهذا ما لا يحسب له أصحاب القرارات حساب لأنهم في النهاية لا يسألون عن تخبطهم أو تسرعهم في إتخاذ القرارات فالخزينة العامة والمال العام وحدهما من يتحمل الآثار السلبية لفسخ القرارات الإدارية.

في نهاية هذه المطالعة المقتضبة لواقع الحال في الإدارة العامة الأردنية ولحال التشريعات الناظمة والمتصلة بالإدارة العامة نخلص إلى ضرورة تنبه المشرع الأردني لضرورة إشراك مصدري القرارات النهائية بتحمل بالآثار السلبية للقرارات المعيبة والمتخبطة والمتسرعة بأن يتحملوا دائما في حال فسخ القرارات الإدارية نصيبا من الأثر المالي الذي تتكبده الخزينة العامة وهذا وحده ما سيجعل الإدارات العامة حريصة كل الحرص على تجنب إساءة إستعمال السلطة أو التسرع والتخبط في إصدار القرارات كما يجعلها دائما تحرص على وجود إدارات قانونية ومستشاريات قانونية كفوءة تدقق صحة القرارات ومشروعيتها وسلامتها قبل صدورها مما يترجم فعليا مبدأ سيادة القانون وهذا بحد ذاته سيشكل ثورة بيضاء ومشروع إصلاح إداري ذاتي حقيقي.

والله والوطن من وراء القصد. 

المستشار القانوني :
رايق عياد المجالي
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences