سعوديات يقدن سيارات أجرة لتحسين دخلهن وسط غلاء متزايد
الشريط الإخباري :
الرياض ـ أ ف ب: باتت الموظفة السعودية فهدة فهد، تعمل سائقة أجرة على سيارتها الخاصة، إنّما لخدمة النساء فقط، في مسعى لتوفير دخل إضافي يساعد أسرتها على مواجهة ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة.
ويشكو عدد من السعوديين من ارتفاع كلفة المعيشة مع غلاء أسعار المنتجات والخدمات، خصوصا بعد رفع ضريبة القيمة المضافة إلى 15 في المئة في تموز/يوليو 2020.
واستفادت فهد (54 عاما) من حملة الاصلاحات الاجتماعية غير المسبوقة التي تشهدها السعودية وشملت السماح للنساء بقيادة السيارات في 2018.
وهي تعمل موظفة اتصالات بدوام كامل في مركز طبي من الثانية ظهرا وحتى العاشرة مساء، لكن راتبها البالغ أربعة آلاف ريال (1066 دولارا) لا يلّبي كامل احتياجات أبنائها الأربعة.
وتقول المرأة التي ارتدت عباءة سوداء اللون»قرّرت أن أعمل سائقة أجرة كعمل إضافي لزيادة دخلي» صباحا قبل مواعيد عملها أو في طريقها للمنزل بعد انتهاء الدوام.
وتتابع وهي تجول بسيارتها الكورية الخضراء الجديدة في وسط الرياض «الراتب لا يكفي متطلبات الأبناء والحياة خصوصا أن لدى ابنة من ذوي الاحتياجات الخاصة».
وتقبل أسرة فهد الأمر لكنّ «بشرطين ألا أذهب في رحلات بعيدة وألا أوصل زبائن رجال». وتؤكد المصرية آية دياب (31 عاما) أنّها تشعر»براحة أكبر في التعامل» حين يكون السائق امرأة.
وارتفع معدل التضخم في أسعار المستهلكين بنسبة 1,2 في المئة في كانون الأول/ديسمبر الماضي على أساس سنوي، على ما أظهرت البيانات الرسمية. وزادت أسعار النقل بنسبة 7,2 في المئة، وأسعار المواد الغذائية والمشروبات بنسبة 1,1في المئة.
وتوضح فهد أنّ عملها كسائقة يوفر لها حوالى 2500 ريال (666 دولارا) شهريا في المتوسط.
وتؤكد أن هذا الدخل الإضافي يوفر لها «مساعدة زوجي المتقاعد في دفع الفواتير الشهرية وتوفير الطلبات الثانوية لابنائي» قبل أن تطالع هاتفها لمعاينة طلب جديد على أحد تطبيقات شركات سيارات الأجرة المخصصة للنساء فقط. واعتادت الأسر السعودية لعقود على توظيف سائقين رجال بسبب منع قيادة النساء، لكنّ ذلك تغير جذريا مع السماح لهنّ بالقيادة. وحصلت أكثر من 200 ألف امرأة على رخصة القيادة خلال أقل من أربعة أعوام، ما رفع مبيعات السيارات في البلاد العام الماضي بنسبة 5 في المئة، حسب تقارير في الإعلام المحلي.
فرصة جديدة
منذ تعيين الأمير محمد بن سلمان وليا للعهد السعودي في 2017 تشهد الدولة الخليجية الغنية بالنفط تغيرات كبيرة على خلفية سياسة انفتاح اجتماعي، وإصلاح اقتصادي يهدف الى تنويع مصادر الدخل المرتهن للنفط والحد من المساعدات التي تقدمها الدولة لمواطنيها.
لكنّ هذه التغيرات ترافقت كذلك مع حملة قمع للمنتقدين والصحافيين والمعارضين، وخصوصا الناشطات الحقوقيات.
فتح الانفتاح أبواب سوق العمل أمام آلاف السعوديات. وباتت الأسر السعودية تقبل عمل نسائها في مختلف قطاعات سوق العمل. كذلك، بات مألوفا رؤية سعوديين بل حتى سعوديات يعملون في المطاعم أو المقاهي أو في محال بيع الأحذية، فيما تطمح البلاد منذ سنوات لاستبدال ملايين الوظائف التي يشغلها عمال أجانب بسعوديين في ما يطلق عليه سياسة «السعودة».
وارتفع معدل مشاركة السعوديات في القوى العاملة السعودية إلى 34,1 في المئة في الربع الثالث من 2021 بزيادة قدرها 1,7 عن الربع الثاني، حسب ما أوضحت البيانات الرسمية. كذلك، انخفض معدل البطالة في صفوفهن ليصل إلى 21,9 في المئة.
على غرار فهد، تعمل الأرملة الثلاثينية إنصاف، سائقة أجرة على سيارتها لتوفير نفقات المعيشة لأسرتها بعد وفاة زوجها المبكرة. وتقول إنصاف، التي فضّلت استخدام اسم مستعار لحساسية الأمر»توفي زوجي فجأة ولم يترك ثروة وبات عليّ العمل للإنفاق على أطفالي الثلاثة».
وبحثت الأم الشابة عن فرصة عمل تناسب مؤهلها البسيط ووقتها الضيق لكنها لم تجد وظيفة مناسبة.
وتتابع «قررت استخدام سيارة زوجي في توصيل النساء والأطفال من جيراني للمدارس والمراكز التجارية وهو ما وفر لي دخلا مناسبا». وتقول إنصاف «أسعار كل شيء ارتفعت خصوصا الأغذية بعد فرض ضريبة القيمة المضافة. أسعار اللبن والبيض والفاكهة زادت كثيرا خلال العام الماضي».
لكن الشابة التي ارتدت عباءة ملوّنة تضيف بارتياح «عملي كسائقة أجرة منحني فرصة حياة جديدة».
ولا يوفر العمل كسائقة أجرة فرصة جيدة للسائقات فحسب، بل للزبائن أيضا. وتقول زبونة سعودية أربعينية فضلت عدم ذكر اسمها لأسباب شخصية إنّ تجربة استقلال سيارة تقودها امرأة تشعرها بـ»أريحية وأمان».
وتضيف وهي جالسة بجوار فهد في طريقها لمنزلها «أشعر أنني مع أختي».