“الحمة”.. الفقر والمرض يسرقان العيش الكريم من السكان

{clean_title}
الشريط الإخباري :  
علا عبداللطيف

لواء بني كنانه- يعيش سكان منطقة الحمة التي تقع في لواء بني كنانة التابع لمحافظة اربد على هامش الحياة، مفتقدين لأدنى متطلبات العيش الكريم، فلا خدمات صحية ولا مياه للشرب، ولا بنية تحتية ولا حتى منازل للعديد من الأسر التي تجد ببيوت قديمة وخيام مأوى وحيدا لها، فيما مرض اللشمانيا والامراض النفسية تستوطن المنطقة، بانتظار اهتمام رسمي يخفف وطأة المعاناة.
منطقة الحمة التي تبعد عن مدينة اربد حوالي (25 كم)، يغلب على سكانها البساطة والعفوية، أغلبهم يعملون في القطاع الزراعي او العمل في المسابح التي تشتهر بها المنطقة، يعيشون أبسط انواع الحياة التي تكاد تخلو من أي خدمات أساسية، حتى المدارس الموجودة لا ينتفع منها جراء بُعدها وعدم توفر التخصصات المهنية، ما يدفع ببعض الطالبات الى ترك مقاعد الدراسة جراء عدم القدرة المالية على الذهاب الى مناطق اخرى للدراسة والتي تحتاج الى مواصلات.
تقول ام نزار البشير وهي من سكان المنطقة، يعيش جزء من السكان على القليل من مردود زراعتهم التقليدية المحصورة بصنف واحد وهي الجوافة، يبذلون جهودا كبيرة في زراعتها وبيعها على الطرقات، وهو دخل موسمي لا يفي بمتطلبات الحياة، فيما يفضل آخرون العمل في المسابح التى تعود للمستثمرين من خارج المنطقة وتربية المواشي التي باتت هي الاخرى غير مجدية وتجلب لهم الخسائر المتتالية نتيجة ارتفاع كلفة تربيتها.
وأمام محدودية فرص العمل، يواجه سكان المنطقة اقسى انواع الفقر والقلة، دون بصيص امل بالتغيير، فيما جل تفكيرهم تدبير قوت يومهم.
يقر عضو المجلس البلدي سابقا حسن حردان بمعاناة السكان، مؤكدا ان تلك المنطقة من المناطق التى تحتاج الى اهتمام رسمي جراء غياب الخدمات وخصوصا الطرق والصرف الصحي ومركز صحي لا يفي بالحاجة جراء انتشار الامراض المختلفة بين السكان وخصوصا الامراض الجلدية بسبب ارتفاع درجات الحرارة وفيضان حفر الصرف الصحي التي تتسبب بانتشار الحشرات والقوارض، إضافة الى انتشار الخنازير البرية مما ساهم ذلك بانتشار الامراض الجلدية ومرض اللشمانيا والحمى القرمزية اضافة الى الامراض النفسية ناهيك عن الامراض الوراثية بسبب الزواج من الاقارب لقلة المهور وعدم المقدرة على الزواج من خارج المنطقة، ورفض الفتيات الاخريات الزواج في منطقة المخيبة.
وتقول اخلاص العايد من سكان المنطقة وهي ام لـ 5 اطفال، لا تتوقف حياة سكان المخيبة عند حد المعاناة من الفقر وقلة الدخل، إذ يستوطن في المنطقة مرض عنيد وهو "اللشمانيا”، الذي ينغص حياتهم ويترك آثاره في اجسادهم المنهكة أصلا، لتكتمل حالة البؤس الشديد في منطقة يبدو أنها ما زالت حبرا على ورق رغم الاهمية السياحية ووجود افضل انواع المياه المعدنية والاطلالة الجميلة على الجانب الاخر ناهيك عن توفر اشجار الجوافة والتى تتميز بها المنطقة.
ومرض اللشمانيا ينتشر عند تعرض الإنسان للسعات نوع من البعوض يعتاش على نوع من الفئران يسمى بالفأر السمين، ويتغذى على نبات العضو الذي ينمو في منطقة تجمع المياه، لتشكل كلها دورة حياة متكاملة للمرض، والذي يصيب السكان نتيجة لدغات تظهر على شكل فقاعات تتحول إلى اللون الأسود، وتترك أثرا لا يزول على شكل ندوب سوداء تظل طيلة حياة الشخص.
ويعاني الأشخاص المصابون بالمرض من ارتفاع في درجات الحرارة وتقرحات في الجلد وندوب سوداء تعمر مع صاحبها، حتى في حال تلقي العلاج.
وما يزيد قساوة العيش افتقار المنطقة لمركز صحي اولي، حيث يضطر العديد من المرضى إلى مراجعة مراكز صحية في لواء بني كنانه او في منطقة الشونة الشمالية والتى تبعد عنهم حوالي 60 كم، فيما الكثير منهم غير مشمولين بالتأمين الصحي لوجود بعض المتغيرات التى لا تتفق او توافق قوانين التنمية الاجتماعية كوجود شاب غير متزوج في العائلة او وجود متغير اقتصادي آخر.
وتعاني اجزاء من المنطقة من عدم الوصول مياه الشرب اليها لوجودها خارج التنظيم، فيما تتزود المساكن بمياه الصهاريج، وهي ماساة تضاف الى معاناة سكان المنطقة.
أم محمد، تعيش اوضاعا قاسية، زوجها يعمل في المزارع والمسابح وبشكل موسمي، وعند انتهاء الموسم يبقى دون عمل، حيث يتحكم أصحاب مزارع في المنطقة بأجور العمال التي لا تتجاوز سبعة دنانير يوميا، ويتميز العمل بأنه متقطع وغير ثابت.
تطالب ام محمد بضرورة زيادة أعداد مساكن الأسر العفيفة في المنطقة، اذ لا يتوفر فيها سوى اعداد بسيطة، فيما الأسر التي تسكن بيوتا مستأجرة تقدر بحوالي 200 اسرة.
فاطمة علي من سكان منطقة المخيبة تسكن في بيت يفتقد لمعاني الانسانية، تعاني هي الأخرى اشد انواع الحياة قسوة، تقول إن حياتهم قاسية بكل المقاييس، حيث تردي أوضاع المنطقة صحيا وتعليميا، وبيوتهم المتهالكة اصلا تتساقط على رؤسهم ولا تقي حال استمرارها من حر الصيف ولا برد الشتاء وأمطاره.
وعلى ما يبدو وفي حياة تكاد تفتقد لكل شيء، يصبح الحديث عن أوضاع التعليم بالمنطقة من باب الترف، غير ان السكان ووسط قائمة الشكاوى لا يجدون بدا من ادراج واقع التعليم المتردي ضمن القائمة.
وتعاني مدارس المنطقة من تردي أوضاع بنائها، فيما التعليم يتوقف فيها عند الصف العاشر لغياب بعض التخصصات في المدرسة والذهاب الى المدارس الاخرى يحتاج الى مواصلات وهو الامر المستحيل لدى العديد من الاسر.
ويؤكد علي الحمد أن مدارس المنطقة تدرس حتى الصف العاشر، وبعدها ينتقل الطلبة ذكورا وإناثا إلى مدارس أخرى أقربها تبعد 50 كم، في ظل عدم وجود خطوط نقل عام تخدم في المنطقة.
من جانبه، يؤكد مصدر من مديرية التربية والتعليم أن أعمال صيانة مرتقبة وفي وقت قريب جدا ستتم لعدة مدارس، اذ يتم معالجة سقوط اسقف بعض الغرف الصفية، وخصص لها مبلغ مالي كاف إضافة إلى صيانة عامة، لافتا إلى أنه سيتم دراسة إمكانية فتح شعب للصف الأول الثانوي للذكور والإناث.
وقالت عضو بلدية خالد بني الوليد حمدة النواشي إن المنطقة من المناطق الاشدا فقرا جراء غياب الخدمات مؤكدة ان غياب الخدمات سببه عدم التنسيق بين الجهات المعنية، لافتتا الى ان ميزانية البلدية قلية جدا ولا تكفي لتقديم الخدمات كما ان الميزانية توزع على 5 مناطق وهذا غير عادل، مطالبة بضرورة العمل على زيادة الميزانية لتقديم الخدمة المثلى للمنطقة، منوهتا الى ان البلدية تعتزم عمل العديد من المشاريع وتعبيد الشوارع وفتح البعض وتنظيم العمل كما ان البلدية تعتزم استقطاب مستثمرين للحد من مشكلتي البطالة والفقر.
ويشير الناشط الاجتماعي ورئيس جمعية خيرية في المنطقة عبدالله البراهمة إن اغلب السكان يحصلون على مساعدات من صندوق المعونة، كما ان المنطقة ينتشر بها الفقر جراء غياب العدالة في توزيع الخدمات المقدمة، مطالبا بمزيد من المشاريع الاستثمارية التى تعمل على تشغيل أبناء المنطقة وتخفيف المشاكل الاجتماعية.
ولا يختلف حال قطاع الصحة عن التعليم، والذي هو الآخر على موعد، مع احداث نقلة نوعية بإنشاء مركز صحي اولي بالمنطقة، وهو ما اكده مصدر أن مديرية الصحة باللواء ستضع ضمن خططها للعام المقبل إنشاء مركز صحي فرعي في المنطقة، لافتا إلى أن الصحة المدرسية تقوم وبشكل دوري بالكشف الصحي على طلبة المدارس، كما فريق تطعيم للأطفال يقوم بتطعيم كافة الأطفال في المنطقة ويجوب المنطقة بشكل مستمر.
وبين أن جهودا كبيرة تبذلها مديرية الصحة بالتعاون مع مديرية صحة اربد لمكافحة الحشرات ومنها البعوض الناقل للمرض.
وفيما تطمئن تصريحات مديريتي الصحة والتعليم وتبشر بإمكانية تحسين واقع المنطقة صحيا وتعليميا، تفتقد مديرية المياه لأي حلول لمشكلة نقص المياه، متعذرة بصعوبة مد شبكة مياه للمنطقة، مبررة ذلك بأن اقرب منطقة فيها خدمة الشبكة هي لواء بني كنانه، اضافة الى امكانية الاعتداء على الشبكة من قبل المزارع التي ستعبر من خلالها أنابيب الشبكة.
الغد
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences