نحو مؤتمر شعبي فلسطيني

{clean_title}
الشريط الإخباري :  
الحلقة الثانية

سواء مبادرة الإنقاذ الوطني المعلنة يوم 27 تموز يوليو 2022، الصادرة عن عدد من الشخصيات الفلسطينية المعتبرة، أو مبادرة اللجنة التحضيرية للمؤتمر الشعبي الفلسطيني المعلنة يوم 14 تشرين أول أكتوبر 2022، الصادرة عن عدد مماثل من الشخصيات الفلسطينية الأخرى، تتوسل المساهمة في معالجة الوضع الفلسطيني المتعثر، وللفريقين اجتهادات وأولويات، تبدو متقاربة بالهدف، بل متطابقة في المسعى، ولكنها تختلف في التفاصيل، وصولاً إلى الهدف، تلك الملاحظة الأولى التي سجلها مراقبون لكلا الفريقين، حيث يجد قطاع من العاملين المنشغلين بالهم الفلسطيني، ضرورة تلاقي الفريقين، والبحث والتدقيق في تفاصيل مبادرتيهما، والتوصل إلى القواسم المشتركة التي تقوي مركزيهما، وتقدم ما يمكن في اختزال عوامل الزمن تحقيقاً للهدف المرجو الكامن في مضمون هذه المبادرات، بعيداً عن الادعاء بالتفوق والتقاط الأهم، فكلاهما ما زالا يسكنان في ركن الاختبار والتجريب والبحث عن أفضل الطرق والوسائل لمواجهة التردي والانحسار والتراجع لمجمل الحركة السياسية الفلسطينية.

في التدقيق لبرنامجي الإنقاذ الوطني، ولجنة التحضير للمؤتمر الشعبي، نجد أنهما يقفزان عن معاناة أهل قطاع غزة وحالة التفرد التي تستأثر بها حركة حماس منذ حسمها العسكري في حزيران 2007 إلى الآن.

لقد انحسر الاحتلال عن القطاع، وخرجت قوات الاحتلال وتم فكفكة المستوطنات وإزالة قواعد جيش المستعمرة، وغزة محاصرة براً وجواً وبحراً، ولكن السلطة التي تتحكم بسير الحياة سلطة محلية، يُفترض أن تقدم نفسها نموذجاً للسلطة المرغوبة، سلطة التعددية، سلطة وطنية، سلطة ديمقراطية، سلطة الشراكة، وهذا لا يتم إلا عبر انتخابات بلدية ونقابية ومجالس طلبة الجامعات، وقيام سلطة شراكة من القوى السياسية لتتفوق على عملية الاستئثار المنفردة لدى الضفة الفلسطينية.

في مبادرتي الإنقاذ الوطني واللجنة التحضيرية للمؤتمر الشعبي، لا يتم التعامل مع غزة باعتبارها وضعاً يختلف عما يجري لدى الضفة الفلسطينية، فبدلاً من تقديم قطاع غزة نموذجاً متقدماً مستقلاً متحرراً تسوده التعددية السياسية والفكرية والحزبية، وتحتكم إدارته لنتائج صناديق الاقتراع، تتسلط سلطة الأمر الواقع على قراراته ومقدراته، وكأن حركة حماس هي وحدها البرنامج الأفضل الذي وُلد بديلاً عن منظمة التحرير وتاريخها وتضحياتها وإنجازاتها.

تتحدث ورقة اللجنة التحضيرية عن منظمة التحرير وميثاقها الوطني لعام 1968، لتصل إلى اتفاق أوسلو 1993، وقيام السلطة الفلسطينية متجاهلة البرنامج المرحلي الذي أقره المجلس الوطني عام 1974، فهل هم مع البرنامج المرحلي أم ضده؟؟.

كما يتجاهل أصحاب المبادرتين الواقع السياسي وقواه المناضلة في مناطق 48 الذين يناضلون من أجل المساواة، فهل هم مع برنامج المساواة أم ضده؟؟.

وهم يؤكدون حق العودة للاجئين وفق القرار الدولي 194، ولكن مبادرة السلام العربية التي أنتجتها قمة بيروت العربية عام 2002 فيها مساس بحق العودة من خلال مبادرة تقوم على حل متفق عليه، أي حل ترضى به المستعمرة، فهل المستعمرة تقبل بعودة اللاجئين إلى اللد والرملة ويافا وحيفا وعكا وصفد وبيسان وبئر السبع، واستعادة ممتلكاتهم منها وفيها وعليها؟؟ فلماذا تجاهل هذه المعطيات، والتركيز فقط على اتجاه واحد يستهدف سلطة رام الله التي تمارس التنسيق الأمني المرفوض، ولا يستهدف سلطة غزة التي تمارس التهدئة الأمنية التي لا تقل سوءاً إلا في الشكل والتفاصيل عن التنسيق الأمني، وما جرى في عدوان آب أغسطس 2022 ضد الجهاد الإسلامي أبرز إدانة صارخة لمعنى التهدئة الأمنية وانحدارها غير اللائق.


© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences