الفساد الحكومي يسيطر على اهتمامات المواطن الفلسطيني ..

{clean_title}
الشريط الإخباري :  
أظهر استطلاع للرأي العام الفلسطيني، نفذ في كلٍّ من الضفة الغربية (بما فيها القدس) وقطاع غزة، أن ثقة المواطنين بمؤسسات النظام السياسي الفلسطيني ضعيفة، وهو ما أثّر على مدى رضا المواطنين عن جهود مؤسسات الدولة في مكافحة الفساد.

الاستطلاع حول واقع الفساد ومكافحته في فلسطين لعام 2022، خلال الفترة الواقعة ما بين 10-16 أيلول/ سبتمبر 2022، جاء بغرض رصد التغيّر في انطباعات المواطنين، ووعيهم حول واقع الفساد ومكافحته، وقد أظهرت النتائج أنّ المؤسسات الحكومية هي الأكثر عرضةً للفساد، وأنّ 73 بالمئة من المواطنين يرون أن أكثر الفئات المرتكبة للفساد هي من الفئات العليا.

وبيّن الاستطلاع أن معالجة تفشي الفساد تحتل الدرجة الثانية من حيث الأولوية لدى المواطن الفلسطيني، حيث جاءت القضايا الاقتصادية بالمرتبة الأولى.

وعبّر 68 في المئة من المستطلعة آراؤهم عن اعتقادهم بوجود فساد في الجهاز القضائي، ورأى 24 في المئة أن جريمة الواسطة والمحسوبية هي أكثر أشكال الفساد انتشارًا.

ووفقًا لنتائج الاستطلاع فإن نسبة ممارسة الرشوة في العام 2022 ارتفعت.

وأظهر الاستطلاع الصادر عن الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة (أمان) أنه ما زال كلٌّ من القضايا الاقتصادية، وتفشي الفساد، وممارسات الاحتلال، وضعف سيادة القانون، واستمرار الانقسام، المشكلات الخمس الأساسية التي يعتقد المواطنون أنّها يجب أن تحظى بالأولوية لحلها، فقد احتل موضوع تفشي الفساد المرتبة الثانية بنسبة 25% بعد الأزمات الاقتصادية (28%).

ويعتقد المواطنون أنّ ضعف الالتزام بسيادة القانون، وغياب المجلس التشريعي والمؤسسات الرقابية، وعدم الجدية في محاسبة كبار الفاسدين، وضعف مؤسسات المجتمع المدني، إضافة إلى الاحتلال قد ساهمت جميعها في اعتقاد المواطنين بوجود فساد في فلسطين.

 وأشارت نتائج الاستطلاع إلى أن 56% من المواطنين يرون أن مستوى الفساد في المجتمع الفلسطيني كبير، بينما يرى 73% من المواطنين أن أكثر الفئات التي ترتكب الفساد هي من الفئات العليا. في المقابل أظهرت نتائج الاستطلاع لهذا العام "تحسناً” في انطباعات المواطنين عن مستوى انتشار الفساد، حيث يعتقد 49% من المواطنين أن الفساد سيزداد مقارنة مع 59% في استطلاع العام الماضي.

ووفقا لتقرير هيئة مكافحة الفساد للعام 2021، نجد أنّ عــدد الشــكاوى والبلاغات الــواردة للهيئــة خلال العــام 2021 الخاصة (بفئــات عليــا) بلغت (119) شكوى أي حوالـي13% مـن مجمـل الشـكاوى الـواردة للهيئـة، والتـي بلـغ عددهـا (886) شكوى.

يرى غالبية المواطنين المبحوثين في الضفة الغربية وقطاع غزة أنّ القطاعات الأكثر عرضةً للفساد في عام 2022 هي المؤسسات الحكومية (الوزارات، وأجهزة الأمن، والهيئات المحلية)، حيث ترى نسبة من 24% أن السلطة التنفيذية (مجلس الوزراء والوزارات والهيئات العامة) هي الأكثر عرضة للفساد، ومن ثم تأتي الهيئات المحلية (البلديات والمجالس القروية) بنسبة 17%، ثمّ الأجهزة الأمنية بنسبة 16%، تليها السلطة القضائية (المحاكم والنيابة العامة) بنسبة 15%، ثمّ مؤسسة الرئاسة بنسبة 11%.

أما بالنسبة للوزارات والهيئات الحكومية ذات العلاقة المباشرة بتقديم الخدمات الأكثر عرضة لانتشار الفساد، فقد احتلت وزارة المالية المرتبة الأولى في هذا الاستطلاع برأي 14% من المبحوثين، تليها وزارة الصحة 13%، ثمّ وزارة التنمية الاجتماعية 12%، ثمّ المؤسسات الأمنية 10%، أما الوزارات والهيئات الحكومية الأخرى، فلا تتعدى نسبة من يراها من المواطنين بأنها الأكثر عرضةً لانتشار الفساد 8% لكلٍّ منها.

أشارت نتائج الاستطلاع للعام 2022 إلى أن انخفاض نسبة المواطنين المبحوثين الذين يعتقدون بوجود فساد في الجهاز القضائي عن العام السابق، إلّا أنَّ النسبة ما زالت مرتفعة حيث وصلت هذا العام إلى 68% من المستطلع آراؤهم.

يرجع هذا الاعتقاد الواسع لدى المواطنين لأسباب متعددة، منها طول أمد التقاضي، وضعف استقلال الجهاز القضائي، خاصة بعد القرارات بقوانين التي صدرت في السنتين الأخيرتين.

ورأى 24% من المواطنين أنّ الواسطة والمحسوبية هي الجريمة الأكثر انتشاراً، تليها جريمة اختلاس الأموال العامة بالمرتبة الثانية بنسبة 23%، ثم جريمة إساءة الائتمان بنسبة 13%، ومن ثمّ جريمة إساءة استعمال السلطة بنسبة 12%، وبنسبة 10% جرائم الرشوة مقابل تقديم خدمة عامة، وغسل الأموال بنسبة 8%.

كما يعتقد المواطنون أنّ بعض الخدمات لا يقدَّم بنزاهة عالية، خاصة في مجالات التعيينات والترقيات في الوظائف العليا، وكذلك الخدمات الصحية وتوزيع المساعدات الإنسانية ومنح التصاريح. حيث أشار 44% من المبحوثين الذين توجهوا إلى مؤسسات عامة لطلب خدمة خلال العام 2022 أنهم اضطروا للاستعانة بالواسطة للحصول عليها. وعلّل المبحوثون الذين مارسوا الواسطة بأنّ ذلك يعود إلى الرغبة في تقصير الوقت بعدم اتّباع الإجراءات البيروقراطية، والخوف من أن يأخذها شخص آخر غير مستحق لها بسبب الفساد، وثقافة المواطن الفلسطيني الذي لا يرى خطأً باللجوء للواسطة.

فيما وصلت نسبة المواطنين الذين قالوا إنّهم، أو أحد أقاربهم، دفعوا أو أعطوا هدايا لموظف عام مقابل الحصول على خدمة عامة إلى 24% مقارنة بمتوسط نتائج الأعوام الثلاثة السابقة (18%)، مسجلة بذلك ارتفاعاً ملحوظاً عن السنوات السابقة.

ووفقاً لآراء عدد من المبحوثين فإنّ خدمات منح التراخيص والأذونات الرسمية أكثر عرضةً لانتشار الرشوة خاصة في قطاع غزة، فقد اعتبر 41% من المستطلعين أنّ خدمات منح التراخيص والأذونات الرسمية هي الأكثر عرضةً للرشوة، ويعود ذلك لضعف دخل بعض صغار الموظفين، وضغط الاحتياج، وانتهاز محدودية فرص المواطنين في الحصول على الخدمة، وعدم محاسبة الكبار، ما شجع بعض العاملين في قطاع الخدمات على طلب الرشوة.

أظهرت نتائج الاستطلاع أن 85% من المواطنين يرون أنّ دور الإعلام الفلسطيني ضعيف أو متوسط الفعّالية في الكشف عن قضايا الفساد. في المقابل، يرى 59% من المواطنين أنّ الإعلام الرقمي (وكالات الإعلام الإلكترونية والإذاعات والفضائيات عبر الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي) هو أكثر الوسائل الإعلامية فعالية في تسليط الضوء والكشف عن قضايا فساد حدثت في العام 2022، مقارنة بالإعلام المرئي بنسبة 17%، والإعلام المسموع بنسبة 15%، والإعلام المقروء بنسبة 6%..

بالرغم من إقرار نظام حماية المبلغين عن الفساد، إلّا أنّ أغلبية المواطنين (55%) ما زالوا يعتقدون أنّ المواطنين يعزفون عن الإبلاغ عن الفساد للأسباب التالي: عدم وجود حماية كافية للمواطنين المبلغين والشهود، وعدم وجود وعي كافٍ بمعنى الفساد وأشكاله، بالإضافة إلى عدم معرفة من هي الجهة المخوّلة باستقبال شكاوى الفساد، والخوف من الانتقام.

وبيّنت نتائج الاستطلاع أن أغلبية واسعة من المواطنين (85%) ترى أنّ الجهود المبذولة لمكافحة الفساد غير كافية، ويعود ذلك إلى ضعف الشفافية في إدارة مؤسسات الدولة، وضعف الإرادة السياسية في مساءلة ومحاسبة الفاسدين، والعقوبات التي تطبَّقُ على مرتكبي جرائم الفساد غير رادعة، وافتقاد القدوة في التزام المسؤولين بقيم النزاهة والمحافظة على الموارد والمصلحة العامة.

وكشفت نتائج الاستطلاع أنَّ نصف المواطنين المبحوثين في الضفة الغربية غير مقتنعين بفاعلية وكفاية جهود الجهات المكلّفة بمكافحة الفساد، حيث إنهم ما زالوا يشكّكون باستقلاليتها بنسبة تصل الى 57%، ويعتقدون بوجود تدخّلات من قبل الأطراف السياسية المتنفذة. ويرى المواطنون أنّ رئاسة الوزراء، يليها مكتب الرئيس، ثم الأجهزة الأمنية، ومن ثم المحافظون ورؤساء البلديات، وقادة الأحزاب الأكثر تدخّلاً في عمل الجهات المكلّفة بمكافحة الفساد.

بينما نسبة (37%) من المواطنين المبحوثين في قطاع غزة ما زالت غير مقتنعة بجهود الجهات المكلّفة بمكافحة الفساد وكفايتها في القطاع، وما زالت نسبة من 47% تشكك باستقلالية الجهات المكلّفة بمكافحة الفساد، ويعتقدون بتأثّرها بأطراف السلطة الحاكمة في القطاع مثل الأجهزة الأمنية، والنائب العام، وأعضاء المجلس التشريعي، وقادة الأحزاب.

وأظهرت نتائج الاستطلاع أنَّ الجهات التي تتابع قضايا الفساد (هيئة مكافحة الفساد وديوان الرقابة المالية والإدارية في الضفة الغربية، ونيابة مكافحة الفساد وجرائم الأموال وديوان الرقابة المالية والإدارية في قطاع غزة)، تواجه في ممارسة دورها تدخلات وتأثيرات من قبل أطراف وجهات مختلفة، مثل مكتب الرئاسة والأجهزة الأمنية وقادة الفصائل في الضفة الغربية، و”حماس” بشكل خاص في قطاع غزة، الأمر الذي قد يؤدي إلى ضعف ثقة المواطنين في الضفة وغزة بالجهات المسؤولة عن متابعة قضايا الفساد.

وبحسب مؤسسة أمان فإنه على الرغم من التحسّن في تقديم الخدمات وآليات وإجراءات العمل في مؤسسات الدولة الفلسطينية خلال السنوات الماضية، إلّا أنَّ نتائج الاستطلاعات في السنوات الأخيرة حول انطباعات المواطنين ومواقفهم تجاه الفساد ما زالت مرتفعة؛ وقد يعود ذلك إلى سياسة عدم الانفتاح التي تنتهجها السلطات الحاكمة في الضفة والقطاع حول الإجراءات المتّخذة لمكافحة الفساد، وإلى جانب وسائل التواصل الاجتماعي التي تعجّ بالأخبار والتعليقات دون وجود آلية للتحقّق من مدى دقّة هذه المعلومات، ما يثير حساسية عالية لدى الجمهور الفلسطيني.

ورأت المؤسسة أن ذلك يتضاعف بالنسبة للحكومة في الضفة الغربية بسبب ضعف الثقة بها والتذمّر المتزايد حول أداء الطبقة السياسية، وتحميلها المسؤولية عن عدم إجراء الانتخابات التشريعية، إضافة إلى الشعور العام لدى المواطنين بضعف مؤسسات النظام السياسي، الأمر الذي أثّر على مدى رضا المواطنين عن أداء مؤسسات الدولة.
القدس العربي
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences