( غزة أقدم المدن التي عرفها التاريخ )

{clean_title}
الشريط الإخباري :  
ماذا يحدث في غزّة؟

إعداد: سليم النجار- وداد أبوشنب

" مقدِّمة"

مفردة "السؤال" وحدها تحيل إلى الحرية المطلقة في تقليب الأفكار على وجوهها، ربّما هدمها من الأساس والبناء على أنقاضها، كما أنَّها من أسس مواجهة المجازر وحرب الإبادة التي يتعرّض لها الشعب الفلسطيني في غزّة والضّفّة، من قِبَل الاحتلال الاسرائيلي٠

في هذا الملف نلتقي بعدد من الكُتّاب العرب الذين يُقدِّمون لنا رؤاهم حول ماذا يحدث في غزّة؟

 وما يستدعي الدرس والتمحيص والنقاش والجدال والنقد، لأنّ الأشياء تحيا بالدرس وإعادة الفهم، وتموت بالحفظ والتلقين٠

 القاص والروائي هاشم محمود من أريتيريا والمقيم في قطر يكتب لنا من زاويته "ماذا يحدث غزة"؟

 

غزَّة مدينة الصمود والنضال

هاشم محمود/أريتيريا

 

 1-غزة قلب العالم العربي

 قيل عنها إنها من أقدم المدن التي عرفها التاريخ، كما قيل إنها ليست بنت قرن من القرون، أو وليدة عصر من العصور، وإنما هي بنت الأجيال المنصرمة كلها، ورفيقة العصور الفائتة كلها، من اليوم الذي سطر التاريخ فيه صحائفه الأولى إلى يومنا هذا.

    ووصفها بعضُهم بأنها "نقطة التقاء للقوافل التي كانت تنقل بضائع جنوب الجزيرة العربية والشرق الأقصى إلى البحر الأبيض المتوسط، ومركز توزيع هذه البضائع إلى سوريا وآسيا الصغرى وأوروبا، وهي كذلك همزة الوصل بين فلسطين ومصر".

    وهي إلى جانب ذلك كله مدينة الصمود والنضال، وأرض البطولة والفداء، وهي التي تقف وحدها الآن في مواجهة آلة الحرب الإسرائيلية، وتسطر بدماء أبنائها ملحمة من البسالة والصبر، وتخوض بمفردها معركة قاسية من أجل الحرية والكرامة.

إنها غزة:

     مدينة ساحلية فلسطينية، وأكبر مدن قطاع غزة وتقع في شماله، في الطرف الجنوبي للساحل الشرقي من البحر المتوسط. تبعد عن مدينة القدس مسافة 78 كم إلى الجنوب الغربي، وهي مركز محافظة غزة إداريًا وأكبر مدن السلطة الفلسطينية من حيث تعداد السكان، حيث بلغ عدد سكان مدينة غزة 590,481 ألف نسمة في عام 2017م، ما يجعلها أكبر تجمع للفلسطينيين في فلسطين. تبلغ مساحتها 56 كم2، مما يجعلها من أكثر المدن كثافة بالسكان في العالم.

 

1-  أصل تسميتها:

    تُعتبر غزة أحد أقدم المدن التي عرفها التاريخ، أما سبب تسميتها بهذا الاسم فهو غير مُثبت بدقة، لأن هذا الاسم كان قابلاً للتبديل والتحريف بتبدل الأمم التي صارعتها، فهي عند الكنعانيين (هزاتي)، وعند الفراعنة (غزاتو)، أما الآشوريون واليونانيون فكانوا يطلقون عليها (عزاتي) و (فازا)، وعند العبرانيين (عزة)، والصليبيون أسموها (غادرز)، والأتراك لم يغيروا من اسمها العربي (غزة) أما الإنجليز ويطلقون عليها اسم (گازا) (بالإنجليزية: Gaza)‏.

    وقد اختلف المؤرخون - كعادتهم بالنسبة لكثير من المدن القديمة – في سبب تسميتها بغزة، فهناك من يقول إنها مشتقة من المَنَعَة والقوة، وهناك من يقول إن معناها: «الثروة»، وآخرون يرون أنها تعني: «المُميزة» أو «المُختصة» بصفات هامة تميزها عن غيرها من المدن. أما ياقوت الحموي فيقول عنها في معجمه: «غَزَّ فلان بفلان واعتز به إذا اختصه من بين أصحابه».

    ارتبط العرب بغزة ارتباطاً وثيقاً فقد كان تجارهم يَفِدون إليها في تجارتهم وأسفارهم باعتبارها مركزاً مهماً لعدد من الطرق التجارية، وكانت تمثل الهدف لإحدى الرحلتين الشهيرتين اللتين وردتا في القرآن الكريم في «سورة قريش»: «رحلتا الشتاء والصيف»: رحلة القرشيين شتاءً إلى اليمن، ورحلتهم صيفاً إلى غزة ومشارف الشام. وفي إحدى رحلات الصيف هذه مات هاشم بن عبد مناف جد الرسول المصطفى عليه الصلاة والسلام، ودُفن في غزة بالجامع المعروف حالياً بجامع السيد هاشم في حي «الدرج».

 

3-شيءٌ من التاريخ:

غزة في العصر الحديث:

    ولقد عاشت غزة كغيرها من المدن الفلسطينية حالة من الهدوء حتى سقطت في يد الغزو البريطاني أثناء الحرب العالمية الأولى، هذا أدى بسهولة إلى أحداث النكبة الفلسطينية عام 1948 ميلادي، وفي أعقابها تولت مصر إدارة القطاع، في عام 1967 م احتلت إسرائيل غزة، وفي عام 2006 بدأ الحصار على غزة من قبل الاحتلال الإسرائيلي، واشتدت بعد سيطرة حركة حماس على غزة في يونيو 2007 وحتى الآن يعيش أهالي غزة في مرارة الاحتلال.

بعد الانتصار في حرب عام 1967، سيطرت إسرائيل على مدينة غزة ومنطقة قطاع غزة بشكل عام، واستمر هذا الاحتلال لمدة تقدر بـ27 سنة. خلال هذه الفترة، عانت المدينة والمنطقة المحيطة بها الاحتلال الإسرائيلي الذي أثر بشكل كبير على حياة السكان. بالإضافة إلى ذلك، صادرت سلطات الاحتلال مساحات كبيرة من الأراضي في قطاع غزة واستخدمتها لإقامة المستوطنات الإسرائيلية.

وفي عام 1987، شهدت مدينة غزة اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى، حيث شارك سكان المدينة بنشاط في الاحتجاجات ضد الاحتلال، وتمثل هذه الفترة تحولاً مهماً في مسار الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، حيث تصاعدت التوترات والمواجهات بين الشعب الفلسطيني والقوات الإسرائيلية.

ورداً على هذه الانتفاضة، اتخذت إسرائيل إجراءات قمعية بحق الفلسطينيين، بما في ذلك إغلاق المدارس وحظر التجول واعتقالات جماعية.

    بعد صدور الاتفاقية التي أبرمها رئيس وزراء إسرائيل ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية في سبتمبر 1993، جرى الاتفاق على انسحاب إسرائيل من مدينة غزة ومناطق أخرى في 1994. في مايو 1994، انسحبت القوات الإسرائيلية جزئياً من المدينة، وبدأت السلطة الفلسطينية في إدارتها.

    ومع ذلك، استمرت بعض المستوطنات تحت السيطرة الإسرائيلية في قطاع غزة. وتماماً في أغسطس 2005، انسحبت إسرائيل بالكامل من قطاع غزة بقرار من رئيس الوزراء الإسرائيلي، وبقي قطاع غزة محاصراً، براً وبحراً وجواً.

     فيما بعد، اندلعت مناوشات بين حركتَي "فتح" و"حماس". وفي يونيو 2007، سيطرت "حماس" على قطاع غزة بالكامل. وفي نوفمبر 2008، بدأت إسرائيل حملة عسكرية شنتها على قطاع غزة، وأسفرت عن وفاة الكثير من المدنيين، وحاصرت إسرائيل قطاع غزة ومنعت إمدادات الكهرباء والوقود والأدوية، حيث يستمر الحصار حتى اليوم، مما أدى إلى معاناة كبيرة للسكان.

    جرت محاولات متكررة لكسر الحصار عن طريق إرسال سفن محمَّلة بالمساعدات الإنسانية، لكن إسرائيل منعتها، وفي 2010، تعرض أسطول الحرية لهجوم إسرائيلي.

    ثم في 2012، شنت إسرائيل هجوماً آخر على غزة، وردَّت المقاومة الفلسطينية عبر إطلاق صواريخ نحو إسرائيل، وفي 2014، اندلعت حرب أخرى مميتة في غزة.

    هذه الأحداث جعلت من قطاع غزة مكاناً مليئاً بالمعاناة والصراع طويل الأمد. وجدير بالذكر أن الاحتلال الإسرائيلي ما زال يشن هجومه على الأراضي الفلسطينية حتى يومنا هذا.
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences