الميان الصهيوني مرعوب من الهدنة وإدخال صحافيين أجانب إلى غزة سيكشف عن فظائع نازية ..
الشريط الإخباري :
تزامنا مع تصريحات فلسطينية وأمريكية عن قرب إتمام "الصفقة الأسرى” بين إسرائيل وحماس، ترجّح مصادر إسرائيلية أنها باتت فعلا وشيكة واحتمالاتها أكبر من أي وقت مضى، في ظل ازدياد الضغوط الداخلية على حكومة الاحتلال لاستعادة المحتجزين الآن كهدف أوّل يسبق "تدمير حماس”.
في الجانب الفلسطيني، قال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، في بيان مقتضب خلا من التفاصيل: "سلمت الحركة ردها للإخوة في قطر والوسطاء ونحن نقترب من التوصل لاتفاق الهدنة”.
وفي عددها الصادر اليوم الثلاثاء، تقول صحيفة "الغارديان” إن الصفقة تشمل هدنة لخمسة أيام، والإفراج عن 50 إلى 100 من المدنيين الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة، مقابل الإفراج عن 300 من الأسرى الفلسطينيين.
إسرائيليا، كان مجلس الحرب المصغّر قد اجتمع في تل أبيب ليلة أمس، ومن المرجّح أنه تداول "الصفقة المفقودة” حتى الآن، وقبل ذلك التقى نتنياهو للمرة الأولى مع نحو 100 عائلة من ذوي المحتجزين لإطلاعهم على مساعي حكومته لاستعادتهم. وقبل ذلك أيضا، حدث ما وصفته الصحف العبرية بـ”الفضيحة” حيث اضطرت عدد من عائلات المحتجزين في غزة للوقوف تحت المطر على أعتاب مقر وزارة الجيش في قلب تل أبيب، ولم يؤذَن لهم بالدخول بدعوى أنه لا يوجد مكان كافٍ للجميع، وأنه لم يتم تسجيلهم مسبقا، مما دفع العائلات للتظاهر في المكان.
وحسب وسائل الإعلام العبرية، غادر عدد من العائلات الاجتماع الذي طال لثلاث ساعات بسبب انطباعهم أن استعادة المخطوفين ليست هدفا مركزيا قبل تدمير حماس لدى نتنياهو الذي يغرقنا بـ”شعارات فارغة من المضمون”.
وعلى خلفية الكشف عن خيبة أمل لدى قسم من العائلات وتسريب بعض ما جاء في الاجتماع معه، بادر نتنياهو عند منتصف الليلة الماضية إلى القول في تغريدة إن "استعادة المخطوفين هدف مقدّس وهي مسؤوليتي الشخصية مثلما أنا مسؤول عن تدمير حماس”.
استعادة المحتجزين أولا
وبذلك، قلب نتنياهو للمرة الأولى سلم أولويات الحرب، واضعا "استعادة المخطوفين” في صدارتها قبل تدمير حماس، بعكس ما قاله منذ شن الحرب على غزة. ويبدو أنها محاولة للتساوق مع الرأي العام الإسرائيلي الواسع الذي يطالب باستعادتهم حتى بثمن باهظ.
ويرى المحلل العسكري لصحيفة "هآرتس” عاموس هارئيل، أن "احتمالات الصفقة تزداد بسبب تغيير في موقف حماس، وأيضا بسبب تغيير في إسرائيل أيضا.
وفي مقال بعنوان "تعديل الاتجاه” نشر في الصحيفة اليوم الثلاثاء، يوضح هارئيل أن وزير الجيش يوآف غالانت، وقائد الأركان هرتسي هليفي، يدركان أن المؤسسة الأمنية تحتاج للبدء في تصحيح، وهذا مرتبط باستعادة الأمهات والأولاد. لافتا إلى تسرب خلافات مجلس الحرب المصغّر خلال مداولات الأيام الأخيرة حيال "الصفقة”، ولكن الآن يبدو أن هناك تغييرا في الموقف.
وعن معنى ذلك يقول هارئيل: "هذا مرتبط باستعداد مرجح لدى السنوار للتقدّم نحو صفقة، ولكن بالتزامن، طرأ تغيير أيضا في الجانب الإسرائيلي على ما يبدو مرتبط بالأساس بفهم غالانت وهليفي بأن إسرائيل لا تستطيع التركيز فقط بالعملية العسكرية الهجومية في شمال القطاع. وعلى المؤسسة الأمنية المسؤولة عن الفشل المريع في السابع من أكتوبر، أن تبدأ بالتصحيح وهذا لا ينحصر باحتلال القطاع وقتل مخربين. هذا مرتبط بمحاولة استعادة المخطوفين خاصة الأولاد والنساء في المرحلة الأولى. طيلة أيام، أبدت قادة المؤسسة الأمنية موقفا يرى أن تصعيد التوغل البري فقط سيؤدي للضغط على حماس وتليين موقف السنوار في المفاوضات، وهذا بخلاف موقف غانتس وأيزنكوت اللذين شككّا بذلك، ورغبا بالتركيز أولا على عودة المخطوفين”.
ومع ذلك يبدي هارئيل تحفّظا، ويقول إن الصفقة لم تغلق بعد، مرجحا أن ذلك مرتبط بنقاط خلافية بين الطرفين، وبشخصية السنوار الذي تستصعب إسرائيل فهمه. ومثال على ذلك، موقفه من من المخطوفات من أصل روسي. فرغم مناصرة بوتين لحماس، لم يفرج عنهن بعد، والسنوار غير متوقع ومن شأنه تشويش الصفقة.
ويشير هارئيل إلى أن الصفقة المطروحة تشمل استعادة 50 من النساء والأطفال المحتجزين في القطاع، مقابل 150 من النساء والأطفال الأسرى الفلسطينيين، علاوة على هدنة لخمسة أيام تشمل وقف حركة الطيران في سماء غزة.
ويقول هارئيل إن بعض المحتجزين الإسرائيليين موجودون في أيدي جهات مختلفة عدا حماس والجهاد الإسلامي، ومن بينها ناس عاديون وبعضهم عصابات محلية، بحسب توصيفه. وربما يتقاطع هذا مع معلومات أولية تم نقلها عن مصادر إسرائيلية قولها، إن هناك جهات في إسرائيل تستعين بعصابات إجرام داخل أراضي 48 في محاولة للكشف عن مكان ومصير عدد من المخطوفين لدى جهات جنائية داخل قطاع غزة.
دريسدن الفلسطينية والخوف من اكتشاف الفظائع في غزة
من جهتها، قالت الإذاعة العبرية صباح اليوم، إن التقدم في المفاوضات جاء نتيجة عدة عوامل، منها ضغوط مصر على حماس للإفراج عن الأطفال والنساء الإسرائيليين.
وعبّرت وزيرة التعليم الإسرائيلية السابقة، يفعات ساشا بيطون، عن تأييدها الكبير لاستعادة المحتجزين في غزة فورا، معللة ذلك بالقول إن الوقت حيوي جدا ويمضي بسرعة، ولذا ينبغي أن يكون هذا هدفا مركزيا يسبق القضاء على حماس.
في المقابل، هناك مراقبون إسرائيليون أمثال المعلقين الصحافيين البارزين ناحوم بارنياع في صحيفة "يديعوت أحرونوت”، ورافيف دروكر من القناة 13 العبرية، يشككّون منذ عدة أيام برغبة نتنياهو في إتمام صفقة، ويحذرون من احتمال خلطه الحسابات وإطالة أمد الحرب استبعادا ليوم الحساب العسير الذي ينتظره إسرائيليا فور انتهاء الحملة على غزة.
وفي حديث للإذاعة العبرية العامة، انتقد مسؤول "ملف المخطوفين والمفقودين” في الموساد سابقا، رامي إغرا، المطلب الإسرائيلي الواسع باستعادة المحتجزين والسعي لإتمام صفقة بكل ثمن، معتبرا ذلك استبعادا لها. ويعلل إغرا رفضه للصفقة بقوله إن الهدنة خطيرة لأنه من الصعب تجديد الحرب بعدها، ولأن حماس ستلتقط أنفاسها وترتّب أوراقها الميدانية، ولأنها توقف حركة الطائرات المسيرة التي تعتبر عيون وآذان إسرائيل في هذه الحرب، مما سيعرض القوات داخل القطاع للخطر، علاوة على مخاطر إدخال حماس لطواقم صحافية أجنبية، مما يعني الكشف عن ملامح النار والدمار الذي يذكّر بتدمير مدينة دريسدن الألمانية في الحرب العالمية الثانية. وهذا برأيه من الممكن أن يدفع العالم لإجبار إسرائيل على وقف الحرب.
وتابع: "رغم أنني مصدوم من الفشل الذريع المتتالي لهذه الحكومة، لكنني أؤيد تريثها في إخراج صفقة لحيز التنفيذ”.
وفي ذروة الحرب، يتصاعد غضب الشارع الإسرائيلي على حكومة نتنياهو لتورطها في ما تسميه الصحافة العبرية "فضيحة تلو الأخرى” خاصة أن الحرب المكلفة إسرائيليا أيضا طالت، والتوغل البري انطلق منذ 25 يوما دون استعادة المحتجزين، بعكس مزاعم القيادة الإسرائيلية في السابق.
فضائح متتالية
وعلاوة على الاستخفاف بعائلات المحتجزين، وإبقائهم في الخارج تحت المطر ليلة مقابل مقر وزراة الجيش في تل أبيب، تشير صحيفة "يديعوت أحرونوت” للاجتماع المخزي للجنة الأمن القومي في الكنيست برئاسة الوزير المتطرف إيتمار بن غفير، للمصادقة على مشروع قانون يقضي بإعدام الأسرى الفلسطينيين، رغم توسلات عائلات المخطوفين في غزة بالكف عن هذا التشريع لتهديده أقربائهم المحتجزين.
ومما زاد الفضيحة، قول نائب عن حزب "القوة اليهودية” المتطرف ألموغ كوهن لمندوبي عائلات المحتجزين بفظاظة: "الوجع ليس حكرا عليكم”. وعن ذلك كتبت "يديعوت أحرونوت” في عنوانها الرئيس اليوم: "لا حدود للاستخفاف”.
من جهتها، اختارت صحيفة "هآرتس” تكريس عنوانها الرئيس في صفحتها الأولى لفضيحة أخرى بالقول: "الاستخبارات العسكرية أنذرت خطيا نتنياهو مرتين في آذار وتموز الماضيين، بأن إيران وحزب الله وحماس يرصدون فرصة للقيام بعاصفة كبرى”، لكن نتنياهو وحكومته واصلوا الانشغال بإصلاحات قضائية مزقّت لُحمة الإسرائيليين ودفعت أعداءهم للتجرؤ عليهم.