لماذا صفق الشيخ مراد العضايلة للحكومة ..؟؟

{clean_title}
الشريط الإخباري :  
لماذا صفق الشيخ مراد العضايلة قليلاً في فعالية عامة لوزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي قبل عدة أيام؟
سؤال يبدو أنه على سطح الحدث، لكن في محاولة الإجابة عليه تكمن الكثير من التفاصيل؛ لأن وصلة الغزل الإخوانية بتوقيع المراقب العام الشيخ العضايلة، طالت جملة دبلوماسية واحدة في موقف الوزير الصفدي، مع أن مواقفه وتصريحاته الجريئة في ملف العدوان على غزة متراكمة عملياً منذ تسعة أشهر.
الفكرة أن العضايلة قرر خلال لقاء فعاليات شبابية في الحركة الإسلامية، توجيه عبارة ترحيب جزئية خص بها وزير الخارجية؛ لأن الثاني أعلن بأن الأردن لن يرسل قوات إلى غزة ولن يشارك بما سماه الصفدي «أي عملية تنظيف وراء بنيامين نتنياهو وحكومته».
موقف للدبلوماسية الأردنية ينسجم تماماً مع معايير الخطاب الإخواني لا بل ينسجم مع ما سمعه العضايلة من مخاوف قيادة حماس بعد لقائه الأخير مؤخراً بالشيخ إسماعيل هنية.
والمعنى هنا أن قيادة الإخوان المسلمين قررت التعاطي بإيجابية مع الجزئية التي رفض فيها الوزير الصفدي فكرة تماهي البلاد مع منهجية أمريكية تقترح المشاركة بمهمة احتواء أثار العدوان.
طبعاً، سمع الأردنيون الرسميون ذلك عشرات المرات خلف الستائر من الأمريكيين حصراً.
وطبعاً، يعلم العضايلة أن الصفدي بما يمثله من رمزية دبلوماسية، قد يمنحه بعض الرضى في بعض التفاصيل، لكنه لن يمنح العضايلة ولا الإخوان المسلمين ولا حتى الشارع الأردني إطاراً شعبوياً أمام الميكروفون يرضي المعايير بالسقف الذي يريده الشارع.
الصفدي قال وجهاً لوجه لـ «القدس العربي» إن بلاده تتعامل مع التحديات في ملف غزة عندما تحصل وتقوم بدورها في إطار الواجب والاحترام، لا بل التضامن مع حقوق الشعب الفلسطيني.
دون كلمات إعلامية الطابع لقائد الأوركسترا الدبلوماسية الأردنية ترفض المشاركة في حملة التنظيف التي يريدها الأمريكيون، لا يمكن القول بأي حال أو صيغة إن الصفدي والعضايلة متوافقان سياسياً، ولا يمكن بالتوازي توقع أن الأردن يستطيع الالتزام بسيناريو النأي بالنفس عندما يتعلق الأمر حصراً بمخلفات اليمين الإسرائيلي، لكنه دولة لا تستطيع المغامرة والمجازفة بالنأي بالنفس عن مجمل مآلات وتداعيات القضية الفلسطينية.

عندما صفق الشيخ العضايلة لوزير الخارجية

في المقابل، يعلم الوزير الصفدي بالتأكيد أن واجباته الوظيفية والوطنية لا تتطلب إرضاء أدبيات الإخوان المسلمين، ولا تعمل حقاً على أساس الحصول على شكر خاص من الشيخ العضايلة، ليس فقط لأن الرجل الثاني في الحكومة الأردنية مسؤول الملف الدبلوماسي يتحرك بين خطين متوازيين رسماً له ولغيره من المسؤولين بدقة متناهية اعتباراً من صباح يوم 8 أكتوبر، ولكن أيضاً لأن تصريحات الوزير الصفدي الملتزم بمعايير الاشتباك في المجتمع الدولي والأقنية ضد رواية وسردية اليمين الإسرائيلي أنتجت له عملياً صنفين من الخصوم:
الأول في تل أبيب، وقد أبلغ وشهد بذلك في نقاش مع «القدس العربي» أيضاً عضو الكنيست أحمد الطيبي.
والصنف الثاني، بين نخبة عمان التي تجيد التربص بعدما حقق وزير الخارجية معدلات معقولة في الاختراق.
الأهم هو الإجابة على السؤال اللاحق: ما الذي يريده شيوخ الإخوان المسلمين بعد وصلة امتداح وزير الخارجية؟
الإجابة سياسياً سهلة، فالحركة الإخوانية الأردنية أعلنت المشاركة في الانتخابات وتحاول ملاعبة واحتواء التيار النافذ الذي يؤمن بإقصائها في بعض مؤسسات القرار الرسمي عبر تلطيف الأجواء هنا أو هناك، وأيضاً عبر البحث عن منطقة تلاقي ضمناً في الملف الفلسطيني مع خيارات الدولة، بدلالة أن الشيخ العضايلة قال مرتين على الأقل لحكام تل أبيب الذين يصفهم الصفدي بأنهم لا يتصرفون كممثلين لدولة حقيقية إن الإخوان المسلمين يترصدون لإسرائيل، وإن جماعة الإخوان قدر الكيان. البحث عن منطقة تلاق في سياق ملف غزة على الأقل، مهمة صعبة وقد تكون معقدة، فخيارات الدولة الأردنية ليست تكتيكية، ومن غير المتوقع أن تلتقي عند خيارات الإخوان المسلمين. وفي الوقت الذي يتربع فيه الإسلاميون على حد وصف الخبير الدكتور أنور الخفش، على صدارة كتلة شعبية واجتماعية ضخمة تؤيد المقاومة الفلسطينية في الأردن، لا يجد الخطاب الرسمي المضاد للمقاومة وللعدوان معاً في الواقع في مفارقة لا تحصل إلا في الأوساط الرسمية المحلية شركاء حقيقيون في الإعلام والشارع يمكن الرهان عليهم في عزل أو تقليص الحاضنة الاجتماعية الضخمة في البلاد للمقاومة الفلسطينية، وبالأخص منها حركة حماس.
صحيح أن الوزير الصفدي يعبر عن عمق في استراتيجية بلاده عندما يطرح هتافاً فكرته عدم الانجرار إلى عملية تنظيف وراء نتنياهو.
لكن صحيح في المقابل ووفقاً لبوصلة المعلومات، أن خلايا خلفية بدأت تتفاعل مع بعض الأفكار والمقترحات بعناوين تفصيل حصة الدور الأردني ضمن دور خماسي عربي في الإجابة عن سؤال ما بعد وقف العمل العسكري وإطلاق النار في غزة.
مؤخراً، في بعض الغرف المغلقة، اكتشف الأردن وقائع عربية وأمريكية تقول إن النظام الرسمي العربي موحد إزاء مسألتين في ملف غزة، هما: مستقبل غزة بدون حماس، وثانياً ركوب موجة حل الدولتين حتى بصيغة الهندسة العكسية غير المنتجة التي يقترحها الأوروبيون ووصفها يوماً بحضور «القدس العربي» وعبرها المفكر الراحل عدنان أبو عودة، بأنها ليست أكثر من أغنية بلا برنامج عمل.
المعنى هنا أن الصفدي قد يمنح الشيخ العضايلة فرصة التصفيق جزئياً له عندما يتعلق الأمر بقرار الأردن الرسمي الاشتباك مع اليمين الإسرائيلي المنفر. لكن ذلك لن يعني تفويضاً شاملاً في ظل أولويات الدول العربية الشقيقة والصديقة والحليفة عندما يتعلق الأمر بأي دور مستقبلاً بعد الإغاثة واللوجستيات يمكن أن يلعبه الأردن في ثلاثية «إعادة بناء البنية الصحية والتعليمية والأمنية» في غزة وبدون حماس، وهو أمر بالضرورة لا يمكن للعضايلة أن يصفق له.
القدس العربي
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences