رحلة إلى عَرَفة..

{clean_title}
الشريط الإخباري :  
د. علي أحمد الرحامنة

تتضارب المشاعر في الحديث عن موسم الحج هذا العام، ... وها هي النيابة العامة الأردنية تقرر إغلاق 3 شركات في قضية الحجاج الأردنيين، والحجز على الأموال والمتحصلات الجرمية، كما ارتفع عدد المشتكى عليهم في قضية الحجاج الأردنيين إلى 54 شخصا، وارتفع عدد الموقوفين على ذمة القضية إلى 27 شخصا مشتكى عليهم، بعد وفاة نحو مئة من الحجّاج الأردنيين "غير النظاميين"، وهم الّذين سافروا باستخدام الفيزا السياحية، وهي تأشيرة زيارة، وكان هدفهم أداء فريضة الحج، وكل ذلك خارج إطار بعثة الحجّ الرسميّة الأردنية. وكان في تجدّد إثارة هذا الموضوع، وعلى نطاق واسع، ما دعاني إلى كتابة هذه الكلمات، ...

فمن جهة، تبقى هذه الرحلة محطة روحية دينية وإنسانية ذات خصوصية يصعب وصفها ... كيف لا، والحاجّ في رحلة أدائه لهذه الفريضة السامية، يزور أقدس ما على هذه الأرض، ويعيش تجربة روحية قد لا يكون لها مثيلا. وفي الواقع، ما كنت أريد الخوض في بعض جوانب هذه التجربة الفريدة، لولا أن ما شهده موسم الحج لهذا العام كان في بعض جوانبه أحداثا مأساوية تمثلت في وفاة المئات من الحجاج من دول وجنسيّات عديدة، في ظرف استثنائي، وفي حدث غير مسبوق ربما، في مثل هذا الوقت من العام، الذي سُجّلت فيه درجات حرارة لاهبة، ما كان لكبار السن من الحجيج أن يحتملوها. وكيف لا، وكثير من هؤلاء كان عليهم أن يسيروا أكثر من 20 كيلومترا، من مكة إلى جبل عرفات، ذهابا، ومثلها إيابا، لأداء هذا الركن من المناسك! وهذا انطبق بشكل أخص، وكان ربما سببا في الغالبية الساحقة من الوفيات، بين "غير النظاميين" من الحجّاج الذين حُرموا من أي خدمات، بعكس الحجاج النظاميين الذين تُراعى مسائل عديدة من أجلهم متطلباتهم وحاجاتهم المعيشية والصحية والحياتية العامة وراحتهم ووسائل نقلهم، ... ولكن، قدرّ الله وما شاء فعل. ويبقى أن يكون في هذا عبرة ودرسا حتى لا تتكرر هذه المأساة في أي وقت من الأوقات في المستقبل. ورحم الله من قضوا وغفر لهم وندعو لهم أن يكونوا إلى جوار ربهم وفي ظل مغفرته ورحمته الواسعة، فهم ما أرادوا إلاّ إداء فريضة، وما سعوا إلاّ إلى طاعة ربّهم وقضاء فروض دينهم.
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences