الانتخابات الرئاسية الأمريكية تجمد مصير أوكرانيا ..
الشريط الإخباري :
قالت صحيفة "لوفيغارو” الفرنسية، إن الجيش الروسي يتقدم في دونباس ويقترب من طرق كراماتورسك، المركز العصبي للعمليات الأوكرانية. وما تزال قوات كييف عالقة في الكماشة. وبعد الصعوبات على الأرض، شهدنا ظهور تردد الغربيين منذ بداية العام.
ففي الولايات المتحدة، تنتظر المساعدات المقدمة إلى أوكرانيا انتصار المعسكر الديمقراطي في نوفمبر/ تشرين الثاني، وهو أمر لا يبدو سهل التحقيق على الرغم من الخطوات الأولى المشجعة التي اتخذتها كامالا هاريس. أما الأوروبيون، فهم يعلمون أنهم لن يتمكنوا من تولي زمام الأمور في حال انشقاق الأمريكيين.
ويضاف إلى الصعوبات على الأرض، تردد الغربيين منذ بداية العام. وفي الولايات المتحدة، تنتظر المساعدات المقدمة إلى أوكرانيا انتصار المعسكر الديمقراطي في نوفمبر/ تشرين الثاني، وهو أمر بعيد كل البعد عن التحقق على الرغم من الخطوات الأولى المشجعة التي اتخذتها كامالا هاريس.
أما الأوروبيون، تضيف "لوفيغارو”، فهم يعلمون أنهم لن يتمكنوا من تولي زمام الأمور في حال انشقاق الأمريكيين. كما أن خطاباتهم الداعمة لكييف تتصاعد بقوة متزايدة ضد الجدران البغيضة التي أقامتها قوى الجنوب.
وتواجه روسيا صعوبات عسكرية، لكنها حققت انتصاراً دبلوماسياً مع "الجنوب العالمي”. فعدد كبير من البلدان، التي رغم إدانتها لروسيا لا تفرض عقوبات عليها، تنظر إلى موقف الغرب باعتباره شكلا من أشكال التطرف.
ويفسر دعم دول ”الجنوب العالمي”، لا سيما الصين وإيران وكوريا الشمالية، صمود الجيش الروسي الذي يتلقى أسلحة ومعدات عسكرية لمواصلة حربه. ويفسر ذلك أيضا قيام الاقتصاد الروسي، بدعم من نفس الدول، وكذلك الهند وتركيا، بمساعدة الكرملين على الالتفاف على العقوبات ودفع النمو إلى 6,1%. وحتى لو كانت الأساسيات سيئة، وأبرزها الإنتاجية والتضخم، فإن اقتصاد الحرب يعطي زخماً كافياً للنظام حتى يتمكن من الصمود عند هذه المرحلة، تتابع "لوفيغارو”.
فأداء الاقتصاد الروسي أفضل بكثير مما توقعه الخبراء. ليس فقط لأن العقوبات الغربية لم تكن كافية لتغيير الخيارات الروسية، ولكن هذه هي المرة الأولى التي تسببت فيها العقوبات في معاناة للأوروبيين أكثر من معاناة روسيا نفسها، كما قال محلل سياسي واقتصادي روسي يعيش في أوروبا، خلال مؤتمر إيفري.
كل هذه الأسباب، بالإضافة إلى التوترات التي تؤثر على فولوديمير زيلينسكي، الذي لم تعد شعبيته في أوجها، دفعت الرئيس الأوكراني إلى الحديث في منتصف يوليو/ تموز الجاري، عن موضوع المفاوضات مع روسيا، بعد أن ظل مُحرّما منذ بداية الحرب. ووفقاً لاستطلاع للرأي أجري مؤخراً، فإن 43% من سكان أوكرانيا يؤيدون ذلك. واقترح زيلينسكي تنظيم قمة سلام جديدة في نوفمبر/ تشرين الثاني، بحضور روسي هذه المرة. وعقدت الدورة السابقة، في يونيو/ حزيران، في سويسرا بدون روسيا والصين، ولم تخرج بنتائج كثيرة ملموسة.
ومضت " لوفيغارو” قائلة إنه عندما أثار الرئيس الأوكراني الموضوع، كان جو بايدن ما يزال مرشحا، وكان دونالد ترامب في طريقه إلى فوز محتمل. لكن فولوديمير زيلينسكي قال دائماً إنه في مرحلة لاحقة يجب إعادة دمج روسيا في اللعبة. وهو يقترح المفاوضات، ولكن بشروطه، وليس بشروط الروس. ووفقا له، يجب على روسيا قبول معايير خطة السلام الخاصة به، وهذا ليس هو الحال في الوقت الحالي.
ليس هناك شك في أن زيلينسكي سيقبل الشروط الروسية، وتخلي أوكرانيا عن المناطق الأربع المحتلة وشبه جزيرة القرم، فضلاً عن تخليها عن الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي والمعسكر الغربي، وهذا يعني الاستسلام. ويؤيد موقفه 83% من الأوكرانيين الذين يرفضون التنازل عن الأراضي لروسيا. مثل هذا التنازل من شأنه أن يفقده دعم شعبه، تقول "لوفيغارو”.
ومن خلال إظهار نفسه منفتحاً على المفاوضات والحوار، أراد الرئيس الأوكراني أيضا أن يكذّب أولئك الذين يتهمونه بأنه العقبة الرئيسية أمام بدء مفاوضات السلام، كما يقول دبلوماسي للصحيفة.
بالنسبة زيلينسكي، يتعلق الأمر أيضا بمحاولة توسيع معسكر دعمه ليشمل دول "الجنوب العالمي” التي مالت منذ بداية الحرب نحو موسكو، وعرض بعضها، مثل الصين والبرازيل، خطة غير مواتية للغاية لكييف.
وأخيرا، تسمح المبادرة للقادة الأوكرانيين، من الناحية النظرية على الأقل، بمواجهة روسيا، التي تدعي أنها منفتحة على المفاوضات، بمسؤولياتها. وعلى أسس سياسية ودبلوماسية، ستظل الحرب مجمدة حتى يوم الانتخابات الأمريكية، والتي ستحدد نتيجتها جزئيا مصير أوكرانيا.
وفي حالة فوز دونالد ترامب، الذي وعد بحل الصراع في غضون أيام قليلة، حتى على حساب كييف، فإن أوكرانيا ستتأرجح بلا شك بشكل حاد. وقامت إدارة بايدن بتركيب عدد من أقفال الطوارئ لتجنب الانهيار الكامل للسياسة الخارجية الأمريكية في حالة فوز ترامب. والقانون الصادر في 16 ديسمبر/ كانون الأول 2023، الذي يفرض ما لا يقل عن ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ ليتمكنوا من مغادرة الناتو فجأة، هو بمثابة حاجز الحماية الرئيسي.
وفي قمة واشنطن، تعهد الحلفاء في”الناتو” بقنوات المساعدة العسكرية لأوكرانيا، لحمايتها من التغييرات المحتملة في البيت الأبيض. لكن في حال انتخابه، سيكون بمقدور ترامب فرض ما يسميه أحد الدبلوماسيين "النسخ المتدهورة” من الانفصال عن حلف شمال الأطلسي، على سبيل المثال من خلال التعبير عن تردده في تطبيق المادة 5 من معاهدة الحلف التي تنظم الدفاع الجماعي.
وستكون المساعدات المقدمة لأوكرانيا أقل تهديدا إذا فازت كامالا هاريس. ولكنها، إذا انتُخبت، ستستمر بلا أدنى شك، في إبراز الانحدار في السياسة الأمريكية الأوروبية، والذي صاغه كل الرؤساء منذ باراك أوباما.
ووفاء لرؤية تقليدية للعلاقة عبر الأطلسي، كان جو بايدن بلا شك أحد آخر ممثلي أولئك الذين يعتقدون أن أمريكا وأوروبا، المتحدتان بنفس الرؤية السياسية والثقافية والاستراتيجية، يجب أن تحافظا على علاقة عميقة ومتينة بينهما. ففي الولايات المتحدة، تتطلع الأجيال الجديدة بسهولة نحو آسيا، أو نحو المناطق الداخلية في بلادهم، تقول "لوفيغارو ”.