قراءات في نتائج نتائج إنتخابات مجلس النواب العشرين (الجزء الأول)

{clean_title}
الشريط الإخباري :  

يستمر تسجيل العاصمة (عمان) الحد الأدنى من المشاركة في الإنتخابات في الأردن منذ عقود رغم الكثافة السكانية التي تشكلها عمان والبالغة حوالي (%42) من الكثافة السكانية في الأردن، وذلك مرده لأن عملية الإنتخابات في الأردن مرتبطة بثلاثة معايير لا علاقة لها بالكثافة السكانية وهي :  التصويت على أساس عشائري وجهوي، ثانيا التصويت على أساس ديموغرافي واقليمي، ثالثا : التصويت على أساس خدمات ومساعدات  المرشح المقدمة لمنطقة ما.

وبالنظر لتقسيمات العاصمة حسب  ما سبق يمكن أن نعي التقسيمات الإجتماعية في الأردن التي ساهمت في حفض نسبة الإقتراع فيها وهي بالشكل الآتي : اولا تعد الطبقات الإقتصادية في عمان الأفضل إذا ما قارنها بالبوادي والمحافظات و المخيمات فعلى سبيل المثال تسجل عمان الغربية وشمالها أدنى مستويات الفقر والبطالة مما يعني عدم حاجة هذه المنطقة لمعونات أو مساعدات المرشحين الذين يبحثون عن بناء قواعد إنتخابية لهم، ولا يعنيهم وجود مجلس خدماتي، حيث يتجه المرشحون الخدماتيون بالعادة نحو عمان الشرقية وأطراف عمان التي تعاني فقر وبطالة والتي تعد بيئة خصبة لهم لبناء قواعد شعبية لما يمكنهم أن يقدموه من وعود في تحسين معيشتهم وتوظيف أولادهم وتقديم المساعدات والمعونات لهم خلال الفصول، حتى انه إذا ما نظرنا إلى ما يسمى بالمال السياسي أو المال الأسود نجده في المناطق الفقيرة من عمان موجود وملحوظ.

ثانيا : تضم عمان العديد من الأصول والمنابت ونظرا لأهمية عنصر العشائرية وعنصر الجغرافية و الإقليمية في الأردن يفضل العديد من سكان عمان تحويل نقاط إقتراعهم نحو مسقط أصول عشائرهم مما يدفع الراغبين بالإقتراع ترك العاصمة و التوجه لصناديق في محافظاتهم وبواديهم ومخيماتهم لذلك يبقى التصويت في عمان أضعف من غيره من المحافظات والبوادي والمخيمات.

لتعد هذه الأسباب الرئيسية في خفض نسب الإقتراع في عمان وبالطبع هذا سيعني رفع نسبة إنتخاب الأشخاص غير المناسبين واستمرار تأطير دور المرشح في الخدمات أو العشائرية فقط بدل من ممارسة دوره الرئيسي وهو التشريع و/أو أن يكون نائب وطن، كمان ان هذه المعايير يبدو أن حلها ليس قريب إذ ان إرتفاع البطالة والفقر سيبقي المال الأسود و/أو استهداف مرشحين الخدمات لهذه الطبقات عاليا، كما أن الإنتخاب في هذه الدوره لا يزال على أساس العشائرية حتى ان الأحزاب اتبعت خطة المعايير الثلاثة ولوحظ ان كل الأحزاب تقوم بتوزيع صور مرشبحها حسب تكتلات العشائر في المحافظات للبحث عن مؤازرين أو داعمين أو أبناء هذه العشائر، ولم تنجح خطة الأحزاب هذه الدورة لعدم توزينها للمقاعد المتقدمة على هذه الأسس ولعدم تقديمها وجوه جديدة كرزماتيه لديها معرفة هائلة او قدرة على التحشيد واحتساب الكوتات في القوائم وهو الأمر الذي تنتبهت له جبهة العمل الإسلامي مبكرا. .

لتعكس هذه الدورة ثغرات هذه المعايير، كما أن عزوف الكثيرين عن المشاركة في الإنتخابات عموما يعود لعدة معايير منها : عدم الثقة بكل ما يفرز عن الحكومات ومجالس النواب لاسيما بعد فشلت المجالس النيابية المتتالية في تحسين الأوضاع الإقتصادية وتذتذب ما يقدمة النواب وازدواجيه ارائهم إذ تراه يشجب الموازنة ثم يمنح صوته بالموافقه عليها، كما أن المواطن بات يربط مجلس النواب بالمساعدات والخدمات الفئوية بمعنى نرى نوابا عشائريا أو مناطقيا يفاضلون المساعدات و الواسطات لأبناء عشيرته أو محافظتهم او مخيمهم ولا يحاول أن يخرجوا من هذا الطوق  حيث يمكن أن تغيب مساعدات عن قرية أو عائلة ما بالكامل أو شبه كامل إذا لما تصدر نائبا ! .

مما يدفع المواطنين عموما نحو العزوف عن المشاركة بالإنتخابات.

الدروس المستفادة

 نحتاج إلى التركيز على تغير الصورة الذهنية عن مهام النواب لنصدر نواب وطن يخدمون الجميع دون محاباة أو مغالباة، وإن يعملوا على العمل التشريعي والرقابي بدل الإقتصار على الخدمات وان تتوازن ارائهم تحت القبة أو تبحث بالتبرير المنطقي، وهذا يحتاج إلى إعداد قيادات جديدة شابة ونسائية حتى من الرجال بمنهج فكري جديد يؤمن بمدرسة الوطن وليس منطقة معينه أو عشيرة معينة أو محيط محدد وهذا التطوير يحتاج إلى اقتناع الأفراد بضرورة هذا التغير وتبني القيادات الجديدة لفكرة خدمة الوطن بالكامل دون محاباة لأجل الوطن وتحقيقا للعدالة  التكافل الإجتماعي وتطوير قدرتهم ليكونوا على درايه كافية بالتشريعات القوانين ليناقشوا بشكل متوازن وحقيقي لا شعبوي أو عابر حتى تعاد الثقة لناس بمجلس النواب وتقل فجوة الثقة بشكل عام  على كل المستويات ويصدر فعلا مجلس قوي يعي مسؤولياته ومهامه وبالتالي  حتى لا نرى أسرا بالكامل ومناطق كثيرة تعزف عن المشاركة في الإنتخابات .

أخيرا نأمل أن تكون الدورات الإتتخابية القادمة قد خلت على الأقل مشكلة الإقليمية أو العشائرية وبدأ الإختيار على أساس صوت الوطن أو القائمة الحزبية بشكل عام وهذا يعني أن على الحزبين أن يكونوا موجودين في الأقاليم الثلاث، وبرنامج الحزب يجب أن يراعي إحتياجات الأقاليم الثلاثة ليحصل مسح شامل حقيقي ويولد نواب وطن بشكل حقيقي رغم محاولة بعض الاحزاب تصدير نواب وطن يحاولون ترجمة برامج انتخابية متكاملة وهذه تعتبر مؤشرات ايجابية لولادة أحزاب وطنية وامكانية تصدير نواب وطن في الدورات القادمة، ونأمل ان نرى نواب مشرعين ومراقبين ومذليلين لصعاب التحديات ومشاكل الوطن والمواطن وتسير حسب التوجيهات الملكية السامية.

© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences