امل خضر تكتب الوفاء للوطن

{clean_title}
الشريط الإخباري :  

  بداية  استذكر قصة الثلاثة الذين انطبقت عليهم الصخرة من الجبل فسدت عليهم الغار، فقالوا إنه لا ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم. فقال أحدهم اللَّهم كان لي أبوان شيخان كبيران، وكنت لا أغبق قبلهما أهلا ولا مالا، فنأى بي طلب الشجر يوما، فلم أرُح عليهما حتى ناما، فحلبتُ لهما غبوقهما، فوجدتهما نائمين، فكرهت أن أوقظهما وأن أغبُقَ قبلهما أهلا أو مالا، فلبثتُ والقدح عَلَى يدي أنتظر استيقاظهما، حتى برق الفجر والصبية يتضاغون عند قدمي، فاستيقظا، فشربا غبوقهما، اللَّهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك ففرج عنا ما نحن فيه مِنْ هذه الصخرة.. فانفرجت عنه.

في يقيني أن ترسيخ قيمة الوفاء للأم، هو ترسيخ لقيمة وطنية قبل أن تكون قيمة إنسانية، والتاريخ يقص علينا أن كل من ضيع مقدرات وطنه وغامر بمستقبله وتنكر لشعبه، هو في الأساس لم يكن وفيا لأمه.  إن حب الوطن والوفاء له والانتماء لترابه، ليست كلمات تجري على اللسان وتسمعها الآذان، كما أنها ليست دفقات حماسية تنتابنا، إنها قيم عليا تحفر في العقول والقلوب، ودماء تجري في العروق وهوى النفس السوية التي لا يملك الفرد أن يقف دونها أو أن يسأل نفسه لماذا، بل يكون على استعداد لبذل روحه رخيصة فداء له.. وهل يسأل المحب لماذا أحب!  تجلى حب الوطن في كونه فطرة جبلنا عليها، حيث تعتبر هذه الفطرة نبض قلبك، ودمه الذي يجري فيه، فالوطن هو مكان النشأة والولادة، ويستمد حبه من دروس الهجرة النبوية، حيث كان الرسول محمد صلى الله عليه وسلم يحب  مكة المكرمة كثيرا، وعندما تركها غم غما شديدا حتى قال عند خروجه منها  (والله إني أعلم أنك خير أرض الله وأحبها إلى الله ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت)،
ومن ناحية أخرى لا يعني حب الوطن التعصب لوطن دون آخر، أو لجنس دون جنس، أو تقسيم الأمة إلى أقسام متباغضة ومتنافرة، فحب الوطن يعني الأخوة، والتعاون، ونصرة جميع المسلمين في جميع أنحاء العالم.
ومع ذلك يعيش الإنسان ويربى على حب الوطن والانتماء إليه، فكلمة الوطن تعني الكثير فهو لكل واحد منا كبيته الذي يملكه.
وحب الوطن متأصل في النفس البشرية، ونعني بالوطنية: الشعور بانتماء الشخص لوطنه حيث الولاء والانتماء، ومن حق الوطن على المواطن الوفاء والفداء والحماية ورحم الله شوقي حين قال:
وللأوطان في دم كل حر    يد سلفت ودين مستحق             حماك الله يااردن الهواشم وحمى مليكنا وشعبها الطيب

© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences