غزة لم تعد تئن هي اليوم تصرخ
على وقع ما يحدث في المنطقة من أحداث متتالية جميعها مأساوية، نرى أن الاحتلال الإسرائيلي يزداد عنفا وإجراما على الأهل في غزة، فبينما أداة حربه تتسلط على الأشقاء في لبنان، تزداد عنفا وكوارث في غزة، بمجازر لم تنته ولم تتوقف منذ أكثر من عام، رغم وجود من يعتقد أن إسرائيل خففت من وطأة حربها على قطاع غزة، لكن ذلك لم يحدث ما يجعل من بقاء العين على غزة أمرا ضروريا بل حاجة ماسة لأهلنا في غزة.
الأوضاع المأساوية في غزة لم تنته، وعلى ما يبدو من مؤشرات واضحة أنها على المدى المنظور لن تنتهي، ومستمرة، وبذات الأسلوب الإجرامي من مجازر تترك عائلات أشلاء أجسادهم تتوزع وتتبعثر بأكثر من اتجاه، وللأسف لا صوت يمنع كل هذه الجرائم، بل على العكس ما زلنا نسمع أصواتا تقول من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها، وحقيقة لم نعد نعرف من ماذا تدافع عن نفسها، ومِن مَن؟! لأن ما يحدث من إبادة جماعية وعقاب جماعي حقيقة غير معروف السبب، وتظهر حقيقة واحدة أن إسرائيل تقوم بجرائمها بدعم من بعض الدول لتحقيق أهدافها وتمرير خططها، وحديثها عن حق الدفاع عن النفس وهي أساسا دولة محتلة، ما هي إلاّ حجة بهشاشة بيت العنكبوت .
أن يجد الأب يدا من ابنه، أو ابنته، فلم يبق سواها من جسده، وأن تدمّر مستشفيات بالكامل، وأن تُحرق الأجساد، وأن تُبتر أطراف الآلاف، وغيرها من الجرائم التي حقا تعجز أقلامنا عن وصفها، وإن كان الاحتلال لم يبق وسيلة إلاّ وانتهجها لغايات التعتيم على جرائمه في غزة، ومن أبرزها استهداف الصحفيين، إلاّ أن الصورة ما تزال تصلنا ببشاعتها وخطورتها وإجرامها، ما يجعل من غزة حاضرة وبقوة على مخططات إسرائيل الكارثية في فلسطين والمنطقة، وعلى الجميع أن يرى الحقيقة التي تبدو ساطعة كشمس الظهيرة، بأن الحرب على غزة لم تنته بل تزداد خطورة وإجراما.
وللأسف تمضي إسرائيل أيضا في جرائمها بالضفة الغربية المحتلة والقدس الشريف، وسط غياب كامل لأي صوت يوقف هذه المجازر والكوارث، أو صوت يقف مع الأردن الذي لم يتوقف للحظة مطالبا بالحق الفلسطيني والغزي، وعلى رأس ذلك وقف فوري ودائم للحرب في غزة، وتسهيل إيصال المساعدات، فهناك صمت حقا لم يشهده التاريخ من المجتمع الدولي، الذي حقيقة لم يحرّك ساكنا تجاه ما يحدث في غزة وفلسطين، واليوم في لبنان، وكأن ما يحدث أمرا عاديا أو كما يحب البعض تسميته بأنه دفاع عن النفس، يبدو أن «النفس» الإسرائيلية تحتاج ملايين الأرواح لتدافع عن نفسها !.
غزة لم تعد تئن، هي اليوم تصرخ ألما، فما شهدته وتشهده خطير بل أخطر من الخطير، والمضي في إبادة هذا الشعب الذي واجه أخطر أنواع الأسلحة، وأبشع أشكال الحروب، يحتاج كلمة الحسم، وعدم إدارة الظهر له، ففي ذلك جريمة سيسجلها التاريخ بأقلام «مرجوجة» وبأحرف من دم، مرحلة حتما ستبكيها قلوب قبل العيون، ويجب بقاء غزة أولوية، وفي وقف إطلاق النار بها حتما سيكون حلا لكل مشاكل المنطقة وتحديات المرحلة، ولن يحدث الاستقرار إن لم يتم وقف الحرب على غزة، فهذه الرؤية الأردنية منذ أكثر من عام، وحتما في تطبيقها مخرج حقيقي لكل أزمات وكوارث المرحلة.