خطة الجنرالات .. 4 عوامل تفرض على إسرائيل وقف الحرب في غزة الآن
على خلفية مقترحات مختلفة المضمون والمصادر لوقف النار في غزة ولبنان، يصل وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن إلى المنطقة اليوم، وفي جعبته 10 زيارات سابقة منذ بدء الحرب على غزة، وصِفر نجاحات من ناحية أهدافها المعلنة.
في ما يتعلق بلبنان، تنتظر إسرائيل مخرجات الجولة والمداولات الحالية للمبعوث الأمريكي عاموس هوكشتاين في بيروت، بعدما سلّمته مقترحها بوقف للنار مقابل “حزب الله” على مبدأ احترام القرار الأممي 1701، لكن مع “احتفاظها بالحق بالتدخل العسكري البري والجوي”، في حال لم تتدخل قوات الأمم المتحدة لمنع انتهاك الاتفاق.
يقضي مقترحُ هوكشتاين شبه الخيالي بتعزيز القوات الدولية في مناطق في لبنان أوسع من الجنوب، وتعيين “رئيس معتدل”
وحسب مصادر لبنانية، يقضي مقترحُ هوكشتاين شبه الخيالي بتعزيز القوات الدولية في مناطق في لبنان أوسع من الجنوب، وبسلام بينه وبين إسرائيل. كما قالت مصادر إسرائيلية، اليوم، إن إسرائيل تدرس إمكانية دعم وقف النار في الشمال يشمل تعيين “رئيس معتدل” في لبنان، محاولة من جديد أن “تجرب المجرب”، بعدما فشلت في حرب لبنان الأولى، عام 1982، في فرض رئيس على اللبنانيين وفق مقاساتها، بشير الجميل.
وفي التزامن، تفيد تسريبات إسرائيلية أن رئيس الشاباك، رونين بار، وفور عودته من القاهرة ولقاء رسمي أول مع رئيس المخابرات المصري الجديد، حسن محمود رشاد، قد طرح مقترحًا لوقف النار في غزة أمام الكابينت، نقل عن مكتب نتنياهو قوله عنها إنها “أفكار خلاقة”.
وطبقًا للإذاعة العبرية العامة، صباح اليوم، فقد طرح بار ملامح المقترح الذي قيل عنه ثمرة لقائه مع رشاد، ويقضي بوقف النار لحوالي أسبوعين، مقابل الإفراج عن بعض الرهائن، على أمل أن تكون هذه مقدمة لصفقة شاملة.
وحسب مصادر إسرائيلية، فقد تم طرح المقترح على الكابينت، دون الخوض التفصيلي رسميًا، فيما أيّده معظم الوزراء الأعضاء، وعارضه سموتريتش وبن غفير الداعمان لمواصلة الحرب، وتحقيق المكاسب حتى “النصر المطلق”، فيما قيل إن نتنياهو طلب من وزير الشؤون الإستراتيجية، درمر، تطوير مقترح متكامل خاص بغزة، التي أعلن اليوم عن تبني جيش الاحتلال مشروع تقديم مساعدات إنسانية لسكانها من خلال رجل أعمال يهودي له شركة مختصة في تقديم معونات إنسانية في العالم، وذلك من أجل منع “حماس” من السيطرة عليها.
استمرار الثرثرة
وفيما تنوي إسرائيل الاحتفاظ بالبقاء عسكريًا في مناطق معينة داخل القطاع، تؤكد حركة “حماس” موقفها التقليدي بأنها تؤيد اتفاقًا يشمل وقف الحرب على القطاع، انسحابًا كاملًا لقوات الاحتلال، مع الإفراج عن أسرى فلسطينيين.
حتى الآن، لا يبدو أن نتنياهو يتجه لتغيير موقفه لحسابات أيديولوجية وسياسية وشخصية حيال غزة ولبنان وإيران، وهو يعمل لإطالة أمد الحرب في عدة جبهات، وتبادل اللكمات مع إيران، مواصلًا الاستخفاف بالإدارة الأمريكية، كما تجلى في تصريح ترامب، الذي قال، أمس الأول، إن نتنياهو أبلغه بأنه لا يصغي لبايدن، فهل تختلف زيارة بلينكن عن بقية زياراته الكثيرة من ناحية الجدوى أو البقاء في دائرة الثرثرة؟
من جهته لم يفصح بلينكن عمّا إذا كان يحمل مقترحًا جديدًا، مكتفيًا بـ “أسطوانته المشروخة”، واجترار مقولته، قبيل وصوله، بأن الولايات المتحدة تسعى لوقف النار، والحفاظ على أمن إسرائيل، وتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني، ومن المنتظر أن يلتقي رئيس حكومة الاحتلال نتنياهو ورئيس إسرائيل هرتسوغ.
علينا وقف النزيف
ومنذ استشهاد قائد “حماس”، يحيى السنوار، تتزايد الأوساط الإسرائيلية الداعية لـ “استغلال الفرصة”، والإعلان عن انتصار، وإتمام صفقة تعيد المخطوفين مقابل أسرى فلسطينيين، وتنهي الحرب على غزة.
من أبرز الدعوات دعوة مستشار الأمن القومي السابق، الجنرال في الاحتياط غيورا آيلاند، لوقف الحرب على غزة الآن، معللاً ذلك بأربعة عوامل.
في مقال تنشره صحيفة “يديعوت أحرونوت”، يقول آيلاند ربما تكون هناك إمكانية لتحسين شروط الصفقة، خاصة بما يتعلق بعدد الأسرى الفلسطينيين الذين سيُفرج عنهم، لكن لا حاجة للعناد والتصميم على أمور تافهة، خاصة فيلادلفيا.
ويعلل آيلاند دعوته لوقف الحرب على غزة الآن بالقول إنه، علاوة على الحاجة المُلحّة لإنقاذ المخطوفين في فرصة أخيرة، هناك أربعة أسباب إضافية:
أولاً: المصابون عندنا. كنا نبكي على كل جندي قتيل، ويبدو أننا فقدنا هذا الشعور، وقلوبنا صارت أكثر قسوة وغلظة مقابل موت الجنود وإصابتهم، لكن الحديث يدور عن شباب يفقدون أطرافهم، وعالمهم يخرب عليهم.
ثانياً: الضغط الشديد على الجنود في الجيش النظامي وفي الاحتياط، وهناك حاجة لتخفيف الضغط الشديد.
ثالثاً: الأعباء الاقتصادية. فكل يوم قتال يكلّف نصف مليار شيكل، وهذا على حساب احتياجاتنا المدنية والعسكرية في المستقبل.
رابعاً: العالم يريد وقف الحرب، إذ هناك فهم لماذا تحارب إسرائيل في لبنان وإيران، ولكن لا أحد يفهم ما الذي نريده الآن في غزة!
ويؤكد آيلاند أنه، بحال واصلنا الحرب في غزة لنصف عام آخر أو سنة، فلن يتغير الواقع، و”سيحدث شيئان: سيموت كل المخطوفين، وسيقتل جنود إسرائيليون إضافيون”.
ويخلص للربط بين إعادة إعمار غزة ونزع سلاح المقاومة فيها.
آيلاند: هناك فهم لماذا تحارب إسرائيل في لبنان وإيران، ولكن لا أحد يفهم ما الذي نريده الآن في غزة!
اللافت أن مثل هذه الدعوة، التي يؤيدها عددٌ متزايد من المراقبين والعسكريين السابقين منذ استشهاد السنوار، تصدر عن جنرال في الاحتياط (آيلاند)، سبق ودعا لاستهداف الدولة اللبنانية بفظاظة، وعدم الاكتفاء بمحاربة “حزب الله”، مثلما دعا لقتل المدنيين في غزة، لكون النساء والأطفال هم بنات وزوجات وأولاد مقاتلي “حماس”، وهو أيضًا الذي قاد خطة الجنرالاتلتهجير الشمال وخنق غزة.
إنقاذ إسرائيل
ومن أبرز وأقدم دعاة وقف الحرب رئيس الكليات العسكرية سابقًا، الجنرال في الاحتياط يتسحاق بريك، الذي يحذر مجددًا من “مغامرة استمرار الحرب”.
في مقال تنشره صحيفة “هآرتس”، يقول بريك، المعروف إسرائيليًا بـ “نبي الغضب” لتوقعه “طوفان الأقصى”، إن استبدال القيادة السياسية والعسكرية هي الطريقة الوحيدة لإنقاذ الدولة من الانهيار. منوهًا إلى الخطأ الذي ترتكبه أوساط في الشارع الإسرائيلي، ترى ضرورة مواصلة الحرب حتى تدمير “حزب الله” و”حماس” من أجل إزالة كل تهديد وجودي على إسرائيل.
ويتابع: “الجيش الإسرائيلي الآن لا يستطيع فعل ذلك، وينبغي السعي لوقف القتال وإحراز تسوية للحيلولة دون انهيار إسرائيل”.
القدس العربي