«شارب» حافظ الأسد وملابس بشار الداخلية!
حينما كنست دمشق رجس الطغاة وأعوانهم، فتحت قرائح المصورين والشعراء والكتاب، لاستحضار تاريخها البهي، فسالت أنهار الشعراء تحببا واعتزازا.
ولعل ما يلفت النظر هذه الأيام تناقل رواد التواصل لسجال الشاعر السوري أنس إبراهيم الدِّغيم، ابن بلدة جرجناز في منطقة معرة النعمان، مع الشاعر تميم البرغوثي، والذي أسقط على ما حدث ويحدث الآن في الشام.
وغصت المواقع بما قاله البرغوثي في أمسيته في معرض الكتاب في بغداد، حينما قال «إن الحسين عراق حل في جسدي.. إن العراق حسين آخر الأبدي.. ودهره أموي ما له شرف»!
ليرد الدغيم: «أقول خَلُّوا الحَسَينَ وآلَ البيتِ وانصَرِفوا.. فدهرُكم كِسرويٌّ ما بهِ شَرَفُ.. وغادِرونا إلى تاريخِكم، فَلنا تاريخُنا، ولنا الآتي، لنا السَّلَفُ ونحن مَن نحنُ، فامحوا مِن قصائدكم هذا الزُّهُوَّ، فأدنى زَهوِكم ترفُ.. من عبد شمس وشمس الله لا تقف ومن أمية هذا العز والشرف.. الفاتحون بلاد الله.. كم بلد لم يعرف اللهَ إلا حينما عُرفوا.. الممطرون وفي إيمانهم كِسفٌ.. والواقفون وما في الأرض من يقفُ.. فصفقوا للمخازي.. ربما سكن الموج العتي لتطفوا فوقه الجيف».
هذا السجال كان موجها للفرس، وليس لأبناء بلاد الشام على اختلاف مذاهبهم، فدمشق دائما كانت تنهض بعد كبواتها، ولم تمت يوما.
كم كان ليسعد نزار قباني برؤية حبيبته الأثيرة خارجة من غبار هذه العائلة المجوسية، التي احتلت منزله الدمشقي العريق لتحوله لمركز ثقافي إيراني.
وكم ستتردد كلمات عاشقها الشاعر فادي عزام وتسيل أحبار، وهو يقول: «شقيقة بغداد اللدودة، ومصيدة بيروت، توأم القاهرة، وحلم عمان، ضمير مكة، غيرة قرطبة، مقلة القدس، مِغْنَاجٌ المدن وعكاز تاريخ لخليفة هرم.
إنها دمشق امرأة بسبعة مستحيلات، وخمسة أسماء وعشر ألقاب، مثوى ألف ولي ومدرسة عشرين نبي، وفكرة خمسة عشر إله.
إنها دمشق الأقدم والأيتم، ملتقى الحلم ونهايته، بداية الفتح وقوافله، شرود القصيدة ومصيدة الشعراء.
من على شرفتها أطلّ هشام ليغازل غيمة أموية عابرة، «أنى تهطلي فخيرك لي» بعد أن فرغ من إرواء غوطتها بالدم، ومنها طار صقر قريش حالماً، ليدفن تحت بلاطة في جبال البرينيه.
إنها دمشق التي تحملت الجميع، قوّادين وحالمين، صغار كسبة وثوريين، عابرين ومقيمين، مدمني عضها مقلمي أظفارها وخائبين وملوثين، طهرانين وشهوانيين.
رُضِعت حتى جفّ بردى، فسارعت بدِّمها بشجرِها وظلالِها، ولمَّا نفقت الغوطة، أسلمت قاسيونها – شامتها الأثيرة- يَلعقونه يَتسلقونه، يطلّون منه على جسدِها، ويدعون كل السفلة ليأخذوا حصتهم من براءتها، حتى باتت هذه مهنة من يحبها ومن لا يقوى على ذلك.. لكنَّها دمشق تعود فتية كلما شُرِقَ نقي عظامها».
هذه دمشق التي غسلت دائما وجهها القدسي في كل مراحل التاريخ، وعلينا جميعا كسوريين وعرب المساهمة في عودتها جنة كما يليق بها.
أين الفنانون العرب؟
لماذا لم نسمع فنانين عربا يشاركون السوريين أفراحهم ويهنئونهم بالتحرير، بالرغم من فضل سوريا الكبير على غالبية الفنانين العرب مطربين، ومطربات وممثلين وممثلات؟
اللافت جدا أن غالبية الفنانات والفنانين اللبنانيين خاصة، لاذوا بالصمت بعد هروب بشار وسقوط نظامه، رغم أنهم وبلدهم كان ضحية لهذا النظام القذر، فهل كانوا ضمنيا من شبيحته أو ما زال الخوف يتملكهم، أم أنهم يخشون من الحكومة الانتقالية الحالية، أو لعلهم كانوا من المستفيدين من فضلاته؟!
لا عزاء للعديد من الفنانين والمطربين العرب، وبعض النجمات الذين عملوا عناصر أمن وشبيحة لهذا النظام، وحسبنا أن السوريين لن ينخدعوا بهم مجددا، ولن يكنون لهم أي نوع من الاحترام أو الاعتبار.
تحطيم وحرق ودوس التماثيل
من شاهد مسارعة وتسابق السوريين لهدم تماثيل وأصنام حافظ الوحش وأبنائه وأصنام هُبل الحديثة، التي كانت منتشرة في كل زاوية من سوريا ومزروعة بالقهر في أرواح وأجساد السوريين، لا يخالطه شك أن الصروح الوطنية تحرسها الأرواح والقلوب والعقول، ولا تحتاج دائما حراسات حتى في المحن، لأنها مزروعة بمحبة في أنسجة وخلايا المواطنين وأفئدتهم.
لم يبق في البلاد طولا وعرضا – حتى في مسقط رأس عائلة الوحش غير العربية، وغير العلوية بشهادة كبار العلويين – أي أثر لهذه التماثيل التي كانت تشيِّد بأموال وعرق السوريين، وتتكلف ملايين الدولارات، وكأن هؤلاء القوم كانوا خلال 52 عاما هباء منثورا وسوادا جاثما غير مندمج أو مقيم بين السوريين.
انظروا إلى صروح الشرفاء وموحدي الأوطان، مثل تمثال صلاح الدين الأيوبي في دمشق وسلطان باشا الأطرش في جبل العرب، وغيرهم من الشرفاء الوطنيين في باقي المحافظات محفوظة ذكراهم في القلوب، ولم يمسسها أحد، إلا للتبرك والمحبة والإعجاب، على عكس قبر المقبور الذي تحول الى مبولة ومحرقة لروحه الشيطانية، التي استعبدت البلاد والعباد.
بين «شارب» حافظ الأسد و «كلسون» بشار
نشط الممثل السوري المبدع – ابن الساحل – بشار إسماعيل في خمس مقابلات تلفزيونية خلال هذا الأسبوع، حينما تحدث بتفاصيل العارف لهذه الأسرة التي حكمت البلاد بالنار والحديد، والقهر والإذلال والتأليه.
الفنان، الذي عايش تاريخ هذه الأسرة، هو ووالد وجده، كشف حقائق مرعبة، حول كيف وصلت الى الساحل، وعمل جدهم سليمان الأسد في مهنة العتالة والحمل في القرداحة، وكيف كانت هذه الأسرة ترطن بلغة غير مفهومة، واعترف بأنها غير عربية وغير علوية وباعتراف شقيق حافظ، الذي قال إنهم كاكائيون، وهناك طبعا الكثير من علامات الاستفهام حول أصولهم، والأيام حبلى بكشف الحقائق.
حافظ، الذي اختلى بجثة ابنه باسل لأكثر من ساعة في مشفى «المواساة» في دمشق، كان يتوقع أنه قادر على احيائه من الموت، ظنا منه أنه قد أصبح إلها من سطوته وسيطرته! أليس هو من قتل وصفى كل الوطنيين في سوريا ولبنان وفلسطين؟ هذا الذي أصر على الظهور دائما بشارب كث، وفرض على كل من حوله هذا الشارب، كون الشارب هو رمز للرجولة في بلاد الشام، لكن ألبوماته وقصصه المخفية عرت تماما رجولته وصورته وشاربه، وبدل أن يزين هذا الشارب شخصيته، كما زين مسلسل «رجال الحارة» أصبح مسخا، مر عنوة على تاريخ هذه البلاد.
ألم يحاول ابنه بشار تأليه نفسه كذلك مثل ابيه، رغم اعتراف كل من قابله أنه كذاب آشر مريض نفسيا، لكن القدر ولعنة التاريخ كانت للإثنين بالمرصاد، هذا الهروب المخزي كالفأر، هو وأسرته، تاركا مريديه وخدامه وكل أسراره خلفه، فضحه على المستوى الشخصي والإنساني وبات كلسونه، الذي ظهر في معظم ألبومات صوره، أكبر أداة لسخرية السوريين وتفكهم حول شخصيته.
يا سبحان الله، نزع عنهم ستره في الدنيا فكيف ستكون أخرتهم؟! إنها لعنة التاريخ ودرس للسوريين أن لا يؤلهوا شخصا بعد هؤلاء الطغاة.
انور القاسم