المشهد السياسي قبل وبعد مجيء الرئيس ترامب ..

{clean_title}
الشريط الإخباري :  

نضال منصور

قبل مجيء الرئيس الأميركي القادم دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، ورحيل الرئيس بايدن يبدو أن المشهد في منطقة الشرق الأوسط يُعاد ترتيبه، وهذا يُفهم في سياقين؛ الأول أن إدارة بايدن تريد أن تسجل لنفسها نجاحات، واختراقات في كثير من الملفات الشائكة في المنطقة، والتي طال الأمد دون حلول لها، والثاني أن الجميع يُسارع إلى إيجاد حلحلة قبل دخول ترامب للبيت الأبيض، وحدوث صدامات معه، وفي كل الأحوال ومهما كان السبب، والسياق فإن بعض التحولات إيجابية، وربما تكون مبشرة في انفراجات قريبة.


 وفي تفكيك المشهد؛ فإن أكثر استعصاء في العقد الماضي كان الوضع الدامي في سورية، مع ما حمله هذا الملف من مآسي اللجوء، والانتهاكات التي تعرض لها الشعب السوري، وفي لحظة تاريخية سقط نظام الأسد، وكأن صلاحيته السياسية انتهت، وتفاهم اللاعبون الرئيسيون على ضرورة خروجه من الملعب، واليوم أصبحت دمشق ساحة رئيسية ومنطلقا للتغيير، فبعد سقوط نظام الأسد، وما يحمله من مؤشرات على تراجع الدور الإيراني، وانكسار في قدرات حزب الله، وتفاهمات مع الروس، استطاع البرلمان اللبناني انتخاب جوزاف عون رئيسا للجمهورية بعد أن ظل الموقع شاغرا لأكثر من عامين، وهذا تأكيد آخر على ترتيبات سياسية تأتي بعد اتفاقية وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل، وما كان ذلك ممكنا لولا حالة الحصار، والضعف العسكري، والسياسي لحزب الله، وحلفائه (نظام الأسد سابقاً، وإيران).
 وعلى نفس الاتجاه، والمسار فإن التصريحات المتفائلة لقادة حركة حماس عن احتمالات توقيع صفقة تبادل للرهائن مع دولة الاحتلال قبل تسلم ترامب في العشرين من هذا الشهر، وما يصاحبها من شروط، والتزامات عسكرية وسياسية يؤشر على معطيات، ووقائع جديدة في الملف الفلسطيني، ربما لا تكون إيجابية، ولكنها قد توقف شلال الدم المتدفق منذ السابع من أكتوبر، وتضع حدا لحرب الإبادة التي شنّها الاحتلال الإسرائيلي على غزة. إذن مشهد سياسي مختلف يرثه الرئيس ترامب مع بداية عهده، ولكن الأسئلة الأخطر ما سيفعله، وما هو قادم إذا ما نفذ تهديداته، وأكمل على نفس النهج الذي اختطه في ولايته الرئاسية الأولى؟
الرئيس ترامب يبدو صريحا حد الوقاحة في التعبير عن مواقفه، ففي رئاسته الأولى قدم دعما غير مسبوق لدولة الاحتلال الإسرائيلي، وأخطر ما في تصريحاته قبل وصوله للبيت الأبيض أنه يرى أن دولة الاحتلال صغيرة بمساحتها الجغرافية الحالية، وفهم من تصريحاته تلك إطلاق يد الحركة الصهيونية في ترجمة نفوذها، وتوسعها، واستيطانها ربما أبعد من حدود كل فلسطين.
 وفي ولايته الأولى عدا عن محاولات فرض التطبيع مع إسرائيل، والنجاحات التي حققها بما سمي «اتفاقيات ابراهام» مع الإمارات والبحرين، فإن نهج الابتزاز المالي، والاقتصادي، والسياسي لدول الخليج كان عنوانا لافتا، ولهذا فإن هواجس، ومخاوف المنظومة الخليجية من إدارة ترامب التي تظهر أكثر تشددا منه تبدو مشروعة، ولا يُعرف إلى أين ستمضي في الضغوط، وهناك عنوان واحد واضح على الأقل، وهو تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل دون شروط الرياض بإقامة دولة فلسطينية.
الأردن الذي اتسمت علاقته في ولاية ترامب الرئاسية الأولى بالشدّ، والتوتر، ومحاولات التضييق عليه، لا يبدو أكثر تفاؤلا في الولاية الرئاسية الجديدة للرئيس ترامب، فهي تتحسب منذ الآن ماذا سيفعل، وهل سيطلق يد المتطرفين الصهاينة في تل أبيب لتنفيذ طرد، وتهجير الفلسطينيين في الضفة الغربية إلى الأردن؟
 كيف سيواجه الأردن مخطط «الترانسفير»، والتقليل من أهمية الوصاية الهاشمية على المقدسات في القدس، فهل تستطيع عمّان مواجهة الضغوط، مع ملاحظة أن واشنطن الداعم الاقتصادي الأول للأردن.
 كل المراقبين يتوقعون أن الأردن سيمر بوقت عصيب، ويراهنون على أن علاقات القيادة الأردنية في الدولة العميقة في واشنطن (الكونجرس، ومجلس الشيوخ، وأجهزة استخباراته) ستقلل من فداحة الضرر، والضغوط.
 واقع الحال؛ الدبلوماسية الأردنية يتمنون لو يغمضون عيونهم فيجدون أن السنوات الأربعة من رئاسة ترامب قد انقضت، وهم يعتمدون على تكتيك اعتمدوه المرة الماضية، وملخصه بسيط، لن نتصادم مع ترامب، ولن نرضخ له أيضا، وسنعتمد المناورة، وإضاعة الوقت، فلن نقول لا، ولن نقول نعم، وسنبقى في المنطقة الرمادية، فهل ينجح الأردن في الصمود بزمن ترامب؟

© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences