الخلافة

{clean_title}
الشريط الإخباري :  
فارس الحباشنة - المفكر المصري علي عبدالرزاق أول من فتح سؤالا عن علاقة الاسلام بالسلطة، وكان كتابه المثير للجدل «الاسلام واصول الحكم».
وجاءت المبررات من فقهاء السلطة في عهد الملك فؤاد تحت عنوان أن الخلافة سادس فروض الاسلام، وان ولي الامر «الخليفة» مكلف بها. ومن هنا فتح أول جدل وكانت شرارة الصدام بين رغبات الملك ومفكر قرر أن يدخل الى حقل الالغام في قضية مثيرة للجدل «الخلافة الاسلامية». 
السؤال المركزي الذي طرحه علي عبدالرزاق في كتابه، هل الاسلام دين أم دولة ؟ وهل الخلافة فرض سادس ؟ وهل يعترف الاسلام بحكم طبقة رجال الدين والفقهاء بانهم وكلاء الله على الارض ؟ 
الاسئلة ما زالت جارحة وحارقة وناقدة، وما زالت تبعث إشكاليات في الفكر والسياسة العربية والاسلامية. علي عبدالرزاق فتح المعركة، ودخل الى الحقل الديني والسياسي باسئلة فجرت سجالا مازال مستمرا عن الاسلام والدولة والسلطة والحكم. 
طبعا، فإن علي عبدالرزاق خاض معركة مع فقهاء السلطة الذين يمثلون غطاء سميكا للنظام السياسي العام. فكرة الخلافة تهاوت بعد ثورة أتارتورك عام 1924، واتاتورك مثلا نموذج للشاب المثالي الخارج من عباءة الرجل العثماني المريض.
في التاريخ المعاصر ثمة كتب فتحت معارك في الفكر والثقافة العربية، طه حسين في الشعر الجاهلي وعلي عبدالرزاق في الاسلام واصول الحكم، وقاسيم امين في تحرير المرأة ونجيب محفوظ في اولاد حارتنا وجلال صادق العظم في نقد الفكر الديني. 
الثقافة الرسمية ترفض أي كتاب ناقد، ولا تمنح اي شرعية الا للكتب التقليدية والمحافظة على القيم والافكار والمعرفة المكررة. معركة علي عبدالرزاق خرجت من الاطار النخبوي وتحولت الى قضية رأي عام. 
فيما بعد جرّاء محاكمة لعلي عبدالرزاق واتهم بالالحاد، وكانت في التاريخ المعاصر أول محاكمة لكتاب ومفكر اتهم بانه بالالحاد لان فكره عاكس اتجاهات السلطة ورغباتها. 
و بعد حوالي مئة عام أتى ابو بكر البغدادي وصعد منبر الجامع الكبير في الموصل ليعلن احياء الخلافة الاسلامية وينصب نفسه اميرا للمؤمنين. وحارب لاعوام لاحياء الخلافة، قتل ودمر وشرد وحرق واثار فوضى، وقسم المجتمع على الهويات الطائفية، وخطط لتشكيل طلائع الخلافة.
 قتل العجم الخليفة البغدادي قبل أسابيع، ولكن فكرة الخلاقة ومشروعها ما زال حيا. المجتمعات العربية تعيش «شيزوفرانيا «، وحالة من الهستيريا المضاعفة نتيجة للفشل في بناء الدولة الوطنية وتثبيت مبادئ وقيم العدالة الاجتماعية والحرية والحكم الرشيد. فتاملوا كم نحن ضائعين في اسئلة منقرضة يجلبوها من رفوف الكهوف، وستبقى تلقي بسوادها على واقع لا يخيم عليه الا الجهل والظلم والتخلف والفساد والقهر.
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences