واردوغان: إسرائيل تحاول «نسف الثورة» السورية

عقد الرئيس السوري للمرحلة المؤقتة أحمد الشرع، أمس الجمعة، سلسلة لقاءات في منتدى أنطاليا الدبلوماسي، الذي وجه خلاله الرئيس التركي رجب طيب أردوغان رسائل لإسرائيل، متهماً إياها بمحاولة «نسف الثورة» في سوريا.
لقاءات الشرع
وأفادت الرئاسة السورية، في سلسلة منشورات عبر منصة «إكس»، بأن الشرع وصل إلى تركيا، للمشاركة في النسخة الرابعة من منتدى أنطاليا الدبلوماسي، حيث عقد عدة لقاءات مع زعماء ومسؤولين، حيث التقى الشرع، بحضور وزير الخارجية أسعد الشيباني، الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ووزير الخارجية هاكان هاكان.
كما التقى رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني.
وأيضا عقد الشرع والشيباني، لقاءين منفصلين مع رئيس أذربيجان إلهام علييف، ورئيسة كوسوفو فيوسا عثماني. ولم تصدر على الفور تفاصيل بشأن مضمون هذه اللقاءات.
وانطلقت فعاليات النسخة الرابعة من منتدى أنطاليا الدبلوماسي أمس الجمعة، تحت شعار «التمسك بالدبلوماسية في عالم منقسم» حيث يمتد خلال الفترة بين 11 و13 أبريل/نيسان، بمشاركة رؤساء دول وحكومات ووزراء خارجية وممثلين عن منظمات دولية.
ويشارك في المنتدى نحو 450 ممثلاً من قرابة 140 دولة، بينهم أكثر من 20 رئيس دولة وحكومة، ورئيسا برلمان، و74 وزيراً، و23 نائب وزير، و11 نائباً برلمانياً، حسب المنظمين.
وأكد أردوغان في كلمة الجمعة، خلال افتتاح المنتدى: أن إسرائيل «تحاول نسف ثورة الثامن من كانون الأول/ديسمبر من خلال تأجيج الخلافات العرقية والدينية في سوريا وتحريض الأقليات في البلاد على معارضة الحكومة».
وزاد إسرائيل تستمر بعدوانها على فلسطين وهجماتها على سوريا ولبنان، وتستهدف استقرار المنطقة وتهددها وتثير المشاكل فيها، وتريد بث الفتنة في سوريا واستفزاز الأقليات ضد الإدارة الجديدة، مشدداً على أن موقف تركيا واضح في هذا الشأن، ولن تسمح لأحد بزعزعة استقرار سوريا.
وقال «نعلم بأن سوريا عانت منذ 15 عاماً حالة عدم استقرار، وتركيا من أكثر الدول التي تأثرت من هذه الحالة، وهناك اليوم فرصة ذهبية لتحقيق الاستقرار في المنطقة، ولن نسمح لأحد أن يتسبب بإضاعة هذه الفرصة، ولن نغض الطرف عن أولئك الذين يحاولون بث الفتنة والتفرقة، فنحن لدينا حدود طويلة مع سوريا ونحترم سيادة سوريا ووحدة أراضيها» حسب المصدر.
وأشار أردوغان إلى أن الشعب السوري أنهك تماماً من الحروب ومن الآلام، وبالتالي لا يحق لأحد أن يتسبب بهذا الأمر من جديد للسوريين، ولن تسمح تركيا بتكرار هذا الأمر وستستمر بحل المشاكل بالطريقة الدبلوماسية، مبيناً أنه على الجميع ألا يفهم هذا الأمر بشكل خاطئ، وألا يظن أنه لا يمكن لتركيا أن ترد على من يريد زعزعة استقرار هذه المنطقة.
أجرى مباحثات مع نظرائه التركي والأذربيجاني والكوسوفي ورئيس وزراء قطر
وأضاف: نريد السلام والرفاهية لكل شعوب المنطقة بجميع أطيافها، ونريد الاستقرار والرفاهية والأمان لهذه المنطقة، وأيضاً وحدة الأراضي السورية والمحافظة على استقرارها أمر مهم، ونحن في تركيا على تواصل مع الرئيسين الأمريكي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين، وكل أولئك الذين يلعبون دوراً في هذا الأمر من أجل تحقيق هذا الهدف، إضافة إلى ذلك سنقوم باتخاذ الخطوات اللازمة لتنفيذ الاتفاقيات التي عقدناها مع الإدارة السورية الحالية لتحقيق هذه الأهداف في المنطقة.
ولفت إلى أن تركيا تريد رؤية المنطقة تنعم بالسلام بدلاً من النزاعات، وبالرفاه عوضاً عن الدماء والدموع والآلام والتوترات، داعياً مجلس الأمن والمجتمع الدولي مرة أخرى لوقف نزف الدماء في غزة والوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني الذي لا يمكن لأحد أن يشوه نضاله البطولي ضد الاحتلال عبر وصمه بالإرهاب.
مصالح مشتركة
وحول أهمية المنتدى، وأهم الملفات المطروحة، والرسائل التركية والسورية منه، قال الباحث السياسي لدى مركز الحوار السوري الدكتور أحمد القربي، إن المصالح التركية ـ السورية المشتركة هي السبب وراء الزيارة.
وأضاف: «أهم الملفات المطروحة في هذا اللقاء، هو الملف الأمني، المرتبط بجانب منه بـ«قسد»، وبجانب آخر بالتعاون العسكري بين الطرفين، وكما هو معلوم فإن تركيا مهتمة بإقامة قواعد عسكرية لها داخل سوريا، ويبدو أن هذا الاجتماع هو عبارة عن خطوة لإبرام اتفاقيات في ملفات متعددة للطرفين».
أما الملفات الأخرى التي تصدرت طاولة المباحثات، فهي حسب المتحدث، ملف التعاون الاقتصادي، إذ أن الحكومة السورية وتركيا تربطهما مصالح في إبرام تفاهمات اقتصادية.
واستبعد أن تحضر ملفات جديدة في هذا المنتدى، لعدم وجود برلمان في سوريا، حيث رجح أن يكون المنتدى «استكمالا لملفات قائمة أصلا، ومن المعلوم أن الإدارة الجديدة والحكومة الانتقالية أصبحت تمتلك الشرعية، ولكن هذه الشرعية منقوصة في ظل عدم استكمال البرلمان، لأن أي معاهدة حاليا سيتم إبرامها ستحتاج ان تمر على المجلس التشريعي، وهذا المجلس التشريعي إلى الآن لم يشكل»، وبناء على ذلك اعتبر المتحدث أن الاجتماع لن تكون له نتائج مباشرة، إنما هو استكمال للمشاورات السابقة بين الطرفين.
التسويق السياسي
وإزاء الرسائل الموجهة من هذه الزيارة قال القربي: إنها رسائل بعدة اتجاهات، الأولى إظهار التقارب التركي السوري، من خلال دعوة الشرع، خصوصا إذا علمنا أن عدد الرؤساء الحاضرين في هذا المنتدى هو 20 رئيسا ومسؤولا، وهو عدد ليس كبيرا، والأهم من ذلك محاولة التسويق السياسي للإدارة الجديدة، وهو أول منتدى على مستوى دولي يحضره الشرع، لو استثنينا قمة جامعة الدول العربية.
وحول أهمية زيارة الرئيس السوري إلى تركيا من حيث التوقيت، اعتبر السياسي السوري الدكتور طلال عبد الله جاسم، في حديث مع «القدس العربي» أن هذه الزيارة تأتي في وقت غاية في الأهمية والخطورة، حيث صعدت إسرائيل من عدوانها على سوريا ودمرت مطار حماة إضافة لمطارات أخرى ومواقع عسكرية عديدة، ولم تكتف بذلك بل هاجمت قرى في محافظة القنيطرة وأيضا في درعا، وهناك لقاء هام جرى بين تركيا وإسرائيل في أذربيجان حول التنسيق في سوريا وبإشراف أمريكي ومتابعة من الرئيس ترامب.
أهمية الدعم التركي
وفي جوابه حول حاجة سوريا الى الدعم التركي، على المستويين السياسي والاقتصادي، قال إن سوريا في حاجة ماسة لدعم تركي على كل الأصعدة، حيث ما زالت العقوبات الأمريكية تعرقل أي جهود لمساعدة سوريا والسوريين، عسكريا وحتى أمنياً.
ولفت إلى أن تركيا ايضا تحتاج سوريا في ملفات كبرى مثل خطوط نقل البضائع ونقل الطاقة إضافة لملف المتوسط والتعاون السوري التركي.
وقال: هناك حذر تركي باتخاذ أي خطوة حرصا على الإدارة السورية الجديدة، وحرصا على مصالح تركيا الكبيرة في سوريا.
الملف الاقتصادي
ووفق رؤية السياسي السوري، فإن تركيا ما زالت تتصرف بحذر شديد في مساعدة سوريا اقتصاديا بسبب العقوبات الأمريكية أولا، فالاقتصاد التركي لا يحتمل أي هزات، وهناك رغبه تركية بقيام شركاتها بالمساهمة الفاعلة في إعادة الإعمار وتطوير الموصلات بين سوريا وتركيا، إضافة لغاز المتوسط. كما تعول تركيا على الاستفادة من النفط والغاز السوري، هناك مشاريع كبرى تخطط لها الإدارة الجديدة، حيث تريد الحكومة التركية تنفيذها.
ورغم ذلك، فإن تركيا لا تريد القيام بخطوات مستعجلة حتى لا تواجه برفض عربي وبالأخص سعودي، لذلك لا بد من توازن وتعامل بحذر شديد، كما أن تركيا والسعودية وقطر هي الدول التي تعمل بجد لرفع العقوبات ومساعدة الحكومة السورية الجديدة لمواجهة التحديات السياسية والاقتصادية الداخلية والدولية، فما زالت الدولة فتية وتحتاج لدعم ومشورة في كافة المجالات، كما أن تركيا لا تريد أن تستفز إسرائيل حتى لا تهدد الأخير الاستقرار الهش في سوريا.
القدس العربي