خبير فرنسي: رفع قانون قيصر يفتح آفاقًا اقتصادية للبنان

{clean_title}
الشريط الإخباري :  

أكد أستاذ الاقتصاد في مدرسة باريس للاقتصاد الدكتور لوكاس سانشيل أن رفع قانون قيصر لمصلحة سوريا يمكن أن يكون له انعكاسات جوهرية على الاقتصاد اللبناني، لكنها لن تكون إيجابية بشكل مطلق.

وقال سانشيل  إن إلغاء العقوبات يحرر الاقتصاد السوري من قيود شلت دوره في التجارة الإقليمية، ويمهد لعودة التدفقات التجارية والاستثمارات الأجنبية نحو دمشق.

وأوضح أن هذا بطبيعة الحال قد يعيد تنشيط جزء من النشاط الاقتصادي في المنطقة، بما في ذلك لبنان الذي لطالما كان مرتبطًا اقتصاديًا بسوريا.

وبعد أن تم تعليق العمل بـ"قانون قيصر" مؤقتًا مرتين هذا العام، يقترب القانون الآن من الاختفاء تمامًا بعد موافقة الكونغرس الأمريكي (مجلس النواب ومجلس الشيوخ) في 17 ديسمبر/ كانون الأول، ضمن إطار اعتماد ميزانية الدفاع الجديدة لعام 2026.

ولا يزال الإلغاء النهائي للعقوبات المنصوص عليها في هذا القانون مرتبطًا بتصديق الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، والذي يُعد إجراءً شكليًا فقط في هذه المرحلة.

وبعد مرور أكثر من عام على سقوط نظام بشار الأسد، الذي كانت العقوبات موجهة ضده منذ ديسمبر/ كانون الأول 2019 وتم تمديدها في ديسمبر/ كانون الأول 2024، أشار تصويت مجلس الشيوخ إلى فتح آفاق جديدة للتعاون والشراكة بين سوريا وبقية دول العالم.

ووفقًا للتقارير، فإن الشركات المشاركة في التجارة العابرة للحدود، والأنشطة اللوجستية والنقل، وإعادة تصدير السلع الأساسية، وتقديم الخدمات، ستكون من بين أول المستفيدين من رفع هذه العقوبات، ما قد يعزز حركة التجارة والنشاط الاقتصادي في لبنان والمنطقة.

وأضاف الخبير الاقتصادي الفرنسي أن الفرص تشمل إعادة تنشيط التجارة العابرة للحدود، وتحسين حركة السلع اللوجستية، وإمكانات جديدة للموانئ اللبنانية كمراكز لوجستية مع سوريا والعالم العربي.

أوضح سانشيل أن سعر صرف الليرة اللبنانية يتأثر داخليًا بعوامل متعددة، بينها الاحتياطيات الأجنبية، الثقة في النظام المصرفي، وتحركات رؤوس الأموال. لكنه أضاف: "رفع العقوبات عن سوريا قد يقلل بعض الضغوط على السوق اللبنانية في المدى المتوسط، لأنه سيسمح بعودة جزء من النشاط التجاري والمالي الذي كان معطلاً، مما قد يخفف الضغط على الطلب على الدولار في السوق الموازية.

وتابع: "لكن هذا التأثير ليس تلقائيًا، ويعتمد على قدرة لبنان على الانخراط فعليًا في التجارة مع سوريا وإدارة التحويلات المالية دون عقبات قانونية أو مصرفية".

ونوه سانشيل إلى أن الاستفادة اللبنانية لا يمكن أن تتحقق إلا إذا تم بناء ثقة متبادلة بين الأطراف التجارية والمستثمرين، وكذلك وضع أطر تنظيمية واضحة.

وقال: "تاريخيًا، كانت علاقات لبنان مع النظام السوري السابق معقدة، وكانت العقوبات تضع قيودًا إضافية على تعاملات الشركات اللبنانية مع الأسواق السورية. رفع العقوبات قد يزيل بعض هذه الحواجز، لكن تبقى هناك حاجة إلى إصلاحات في بنية الاقتصاد اللبناني ذاته لجذب الاستثمارات الحقيقية."

أشار الخبير الاقتصادي الفرنسي إلى أن القطاع المصرفي اللبناني يعاني منذ سنوات من أزمة سيولة ومشكلات هيكلية، وأضاف: السوق المالية قد تشهد بعض التخفيف في الضغوط إذا عادت الثقة الدولية تدريجيًا، لكن هذا يتطلب إصلاحات جذرية في السياسة النقدية، واستعادة الثقة في جهاز المصارف، وهو ما لم يتحقق بعد.

وتابع "من الممكن أن تشهد حركة رؤوس الأموال بعض النشاط إذا بدت فرص الاستثمار في المنطقة أكثر جاذبية".

وقال الخبير الفرنسي: "لكن في الواقع، المستثمر اللبناني ما زال متحفظًا بسبب مخاطر السياسات الداخلية وعدم الاستقرار السياسي، وكذلك بسبب التجربة السابقة مع سعر الصرف والتضخم، مما يجعل عودة الأموال مرهونة بتقديم ضمانات وحوافز حقيقية".

ورأى أن رفع "قانون قيصر" يفتح أفقًا جديدًا في العلاقات الاقتصادية بين سوريا ولبنان والعالم الخارجي، لكنه ليس حلاً سحريًا لأزمات لبنان الاقتصادية، موضحًا: الفرص موجودة لكن الشروط السياسية والاقتصادية اللبنانية يجب أن تتغير لتستفيد فعليًا من هذا التحول والتحديات كبيرة، ولا يمكن التعامل معها بسياسات قصيرة المدى.

© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences