عمان تترقب وتنتظر في صمت… والحوار مع «جبهة العمل» صعب
عمان – «القدس العربي»: الحوار القائم عن بعد حتى اللحظة بين الهيئة المستقلة لإدارة الانتخابات في الأردن وقيادات حزب جبهة العمل الإسلامي حول «تعديلات النظام الأساسي» للحزب، هو مقدمة موضوعية سياسياً تؤشر إلى سيناريو «العمل الثنائي» الممكن لتجنب مزالق «الموجة الثانية» المتوقعة قريباً بعنوان «ملاحقة أمريكية» محتملة لفروع الحركات الإسلامية والإخوانية».
تنتظر عمان بصبر وصمت ما ستقرره إدارة الرئيس دونالد ترامب بالخصوص. ويقدر المحلل السياسي الأمريكي الفلسطيني سنان شقديح، في نقاش مع «القدس العربي» بأن الحكومة في عمان عليها الاستعداد للإجابة عن قيود وتعليمات ومطالب أمريكية تخص ملف الإسلام السياسي عبر وضع سلسلة من السيناريوهات والنظريات خلافاً للاستعداد لحالة «تفاوضية» ممكنة وضرورية.
لم يعرف بعد ما إذا كان التفاوض ممكناً إذا قرر الأمريكيون مع بدايات العام الجديد المضي قدماً في خطتهم لمطاردة ليس جماعة الإخوان المسلمين فحسب، بل فروعها وأدوارها وفي الخارج وليس الداخل فقط، خصوصاً أن تقنية وكيفية «أي استجابة أردنية» هنا لا تزال غامضة. حزب جبهة العمل الإسلامي استبق حوارات داخلية صاخبة بإظهار مرونة كبيرة تطلبها هيئة الانتخابات لـ «تعديل نظامه الداخلي»، وهي عبارة تقال حصراً عندما يتعلق الأمر بـ «أدبيات الفكر الإخواني» المطلوب شطبها.
والقيادي في الحزب الشيخ جميل أبو بكر، اقترح علناً الأسبوع الماضي، حواراً حيوياً ومباشراً مع السلطة السياسية في البلاد للاتفاق على «درب وطنية» تتعامل مع الاشتراطات الأمريكية بصيغة تنسجم مع المصالح الوطنية الحيوية، لكن بعيداً عن الإعلام.
هل يلاحق الأمريكيون التيار الإسلامي الأردني؟
عملياً، تدشين أي حوار الآن مع الإسلاميين محلياً قد يكون خارج التوقع والحساب، وإن كان المحلل السياسي الإسلامي الدكتور رامي عياصرة يعيد التأكيد على أن ينتقل الحوار حول أي إملاءات أمريكية إلى مساحة حوار وطني يشارك فيه الجميع بما يحافظ على اعتبارات ومصالح وثوابت الدولة وعلى ثوابت الأردنيين العامة؛ لأن من يتربص بالإسلاميين في الواقع هو اليمين الإسرائيلي قبل الأمريكيين.
معادلة الاشتباك – برأي عياصرة – تتطلب تجسير الثقة والتحاور وطنياً بعيداً عن التزيد أو التشدد ومن كل الأطراف. لكن يرى مراقبون أن الوصول إلى منطقة «حوار استراتيجي» مع الإسلاميين بخصوص ملفهم «الأمريكي» قد يكون صعباً ومعقداً، فيما التوصل إلى حلول وسطية تجنب الحكومة الإحراج والتيار الإسلامي المواجهة المعقدة وتعفي الأردنيين من الصدامات، هو الممكن والأفضل والمنتج. الأهم مرحلياً من قرارات ترامب بتصنيف جماعة الإخوان في الأردن ومصر ولبنان بالإرهاب، هو التفصيلات التي سيتقدم بها -وفقاً لشقديح- الكونغرس عبر لجانه خلافاً لعملية التحريض على مستوى مؤسسة وهيكل الأمن القومي.
الأردن حظر جمعية الإخوان أساساً، وشكل لجنة سيطرت على عقاراتهم وملكياتهم المسجلة باسم الجمعية أو التي يشتبه بأنها تعود للجمعية المحظورة، وسجلت باسم أفراد. وبما أن ذلك حصل، يمكن التعاطي بالقطعة والتقسيط مع ما يطلبه الأمريكيون من تحقيقات أو إحاطات أو خطوات قانونية تخص الأفراد من الرعايا الأردنيين حصراً.
الحكومة الأردنية هنا يمكنها حصر التعامل مع أي إجراءات أمريكية ستطلب لاحقاً على الأساس الفردي وليس على أساس وجود كيان مسجل؛ لأن ذلك الكيان أردنياً انتهى قانونياً ولا يوجد ما يمنع السلطات من الاستجابة للفيدرالي الأمريكي عندما يطلب التدقيق مالياً بأموال تخص أي فرد في عملية سيراقبها ويحسمها أيضاً القضاء إن لزم الأمر.
هنا يصبح عبء الإثبات على المدعي. وإذا قرر الأردن التحقيق مع أي فرد بعيداً عن الكيانات، يعلم الأمريكيون بأن الإجراءات ستراقبها محكمة أردنية وبموجب الصلاحيات. ولا يوجد في المسألة الفردية هنا ما يوجب على الحكومة الأردنية اتخاذ إجراءات جماعية أفقياً بحق كيانات لم تعد موجودة قانونياً، أو خضعت للمراقبة سابقاً، أو بحق كيانات إسلامية في الموقف السياسي ولديها جسم قانوني، ما قد يعني لاحقاً تجنب سيناريو حل حزب جبهة العمل الإسلامي الذي حصل على رخصة قانونية، ومخالفاته ليست بالحجم الذي يؤدي إلى الحل. علماً بأن حل هذا الحزب أو غيره من اختصاص السلطات القضائية أيضاً وبموجب لوائح ادعاء لا يمكنها أن تكون خارجية. لذلك، يمكن فهم التالي: إذا طلب الفيدرالي الأمريكي التدقيق مالياً أو حجب خاصية التحويل المالي تجاه أشخاص أردنيين أو يحملون الجنسية الأردنية فذلك ممكن وبصيغة بسيطة لكن فردية، وإذا استرسل الأمريكيون وأصدروا قوائم بحق مؤسسات أو مراكز أو جمعيات يمكن أيضاً التجاوب معهم والتدقيق والتحقيق. لكن بموجب القوانين الأردنية، فالأمر الذي لا يعني وجوب حصول أزمة وطنية داخلية ولا صدام مفتوح قد تنفلت نتائجه بدون مبرر، حيث يمكن إدارة المشهد برمته بحكمة.
عندما يتعلق الأمر بجمعيات أو مؤسسات مرخصة سابقاً للإجراءات الأمريكية يمكن سحب تراخيصها، وإذا تعلق بشركات أو برجال أعمال واستثمارات يمكن التصرف إجرائياً بعيداً عن الشخصنة والفردية. تلك خلاصات تؤشر إلى أن الأردن لديه تصور وحكومته يمكنها الاجتهاد في مساحات مناورة؛ لأن أحداً في الخارج لا يملك الحق في مطالبة حكومة عمان بمخالفة القوانين الناظمة.
في المقاربات القانونية، الفرصة متاحة لتصرف راشد وعقلاني ومتزن بدلاً من الغرق في سيناريوهات التصادم ما بين الخيارات والمصالح العليا، وبدلاً من ترك قواعد الحركة الإسلامية في العمق الأردني تائهة وضائعة أو بصدد التشظي.
في الخلاصة، ثمة ملاذات آمنة للتصرف والتدابير وطنية المنطلق والخلفية والاعتبار عبر بدائل سلوكية وقانونية وسياسية ملائمة لتجنب خلط الأوراق، ولتجنب سيناريو يشير إلى إملاءات أمريكية فقط غير منطقية، أو من الصنف الذي لا يمكن تحويله إلى إجراءات لا تلحق ضرراً بالوضع الأردني الداخلي.








