تصريحات مدويّة للمبعوث الصيني
الشريط الإخباري :
مروان سوداح- قبل ثلاثة أيام أفردت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، حيّزاً كبيراً لتصريحات مدوّية أطلقها المبعوث الجديد لجمهورية الصين الشعبية «للشرق الأوسط»، السفير والصديق (تشاي جيون)، والتي استدعت ردود أفعال فورية غير مسبوقة على مختلف المستويات في المنطقة والعالم، ومن ضمنها إيلائه «دولة فلسطين دوراً مهماً في إطار مبادرة الحزام والطريق» الصينية الشهيرة.
المُلاحَظ، أن السفير جيون انتقى مُفردات لم يَسبق لها مثيل، لاذعة وصارمة في مواجهة النهم الصهيوني الأمريكي، فوصف نهج «العم سام» بالتنمّر في العلاقات الدولية والعداء لها، والعمل بأُحادية وأنانية وتَكَبّر، «ما ألحق صدمات متلاحقة بعملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين»، وعارض توجّهات واشنطن وتل أبيب لضم الغور والبقية الباقية من فلسطين التاريخية، ورَفَضَ شرعنة السياسة الأمريكية للمستوطنات، ووصفها بأنها مخالفة للقانون الدولي، وعارض تهويد البلدة القديمة للخليل والتوسّع الاستعماري في قُدس الأقداس ونقل السفارة الأمريكية إليها، وتخلي أمريكا عن التزاماتها تجاه عملية السلام.
في تصريحات المبعوث الصيني، نلمس تقدّماً مَلحوظاً في طرح موقف صيني حازم وبعيد عن الدبلوماسية، وتمسّكه بالقرارات الدولية، وتحذيره من سياسة الإدارة الأمريكية وتصريحات الوزير بومبيو. وينبىء هذا بأن الصين بدأت بالتحرك للعب دور أكبر من السابق، قد يكون أساسياً، لا سيّما على خلفية التدخل الأمريكي الواسع والسافر في شؤونها الداخلية في هونغ كونغ، وضرب واشنطن عرض الحائط بالمبادىء والمواثيق التي تحكم العلاقات بين الدول، وتصريحاتها التي وصفها جيون بـِ»غير المسؤولة».
كذلك، جدّد جيون موقف بلاده والذي رحّبت به مختلف القوى السياسية العربية، ويتلخص بأن الصين «صديق وشريك حقيقي لفلسطين وداعم لمطالبها العادلة ضمن خيارتها الاستراتيجية»، و.. ستواصل مساندة القضية الفلسطينية العادلة حتى يستعيد الفلسطينيون حقوقهم الوطنية المشروعة، ويقيمون دولتهم على حدود عام1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
الصين تدرك أن استمرار التوتر في المنطقة ليس في صالح أحد، وليس في صالحها هي أيضاً، وبخاصة لأن التوتر يُعرقل خطوط سير مبادرة الحزام والطريق، ويُلحق الأضرار بها، وربما هذا هو أحد أهداف الإدارة الأمريكية لتأجيجها صراعات مُستدامة في بقاع عربية مختلفة، من خلال نصرتها لطرف واحد هو «إسرائيل» المُعتدية، ضد آخرين تعرّضوا للعدوان والقتل والسّلب، وتخليها عن القرارات الدولية كافة، بل وإدراة ظهرها لها.
ويتضح اليوم أنه لم يَعد بالإمكان تهميش دور الصين أمريكياً وصهيونياً، فمواقف صين (شي جين بينغ) تتّسق والمواقف الفلسطينية والعربية وتسير إلى جانبها، وما زيارة المسؤول الصيني لعددٍ من المدن الفلسطينية الرئيسية بينها الخليل، إلا رسالة مفادها أن الصين شَرعَت بالتحرك على الأرض لممارسة دورها الرئيسي في التسوية السياسية، مُلبّية المطالب المتواصلة بهذا الصدد من مختلف الدول والقوى السياسية والشعبية العربية.
*صحفي وكاتب أردني متخصّص بالشأن الصيني.