المِيلاد..

{clean_title}
الشريط الإخباري :  
 مروان سوداح - في إطلالة «المِيلاد» هذا العام، نشهد تحوّله إلى عيد وطني متميّز لكل وطني أردني، مُسلماً كان أم مسيحياً، لاسيّما بعد استعادتنا بجهود ونضال مليكنا المُفدّى عبدالله الثاني أرضنا السليبة الباقورة والغمر.
 العيد كان وما يزال لدينا هو التعبير الأحلى والأجمل عن لُحمة الشعب الواحد، ضمن أمة عربية واحدة بجميع مكوّناتها التي تعود بتاريخها إلى حالة موغِلة في القِدَم لا تشظي فيها، وهي لوحة عَصيّة على التفسّخ والتشقّق، فشعبنا العربي الأُردني لم يَشعر في أي يوم من الأيام بأية فروقات ما بين مسيحي ومسلم على أرض الأنبياء والمُرسلين ورسالات رب العالمين.
 في الأُردن يَحيا جميعنا سوياً مُتحابين ومتضامنين، وبهذا الواقع نحن أمثولة للعالم لكوننا واحداً لا يَقبل الانقسام والتشظي، ولأننا نحيا مغمورين بسعادة لا حدود لها، دون ثغرات أو انشطارات فئوية أو طائفية أو مذهبية ولونية لناسنا الأحباء، ودون أن يكون لتفاصيل وجوههم ولهجاتهم مكان، فهذه كلها مُلك للشخص بعينه، يَحملها في جِعابه، ويحترمها المجتمع، وتصونها القوانين التي تحمي له حقوقه الإنسانية وإيمانه الديني وممارسته اليومية له بالصلاة تارةً، وبصّلاحِ السلوك وسوية الفكر ووسطيته تارةً أخرى..
 على صفحات «الدستور»، نقرأ هذه الأيام عن احتفالات بإضاءة شجرة مِيلاد هنا وأخرى هناك، في قرى ومدن وفنادق وساحات عامة في العاصمة عمّان، يَحضرها مسلمون ومسيحيون، يتجاورون ويبتسمون ويضحكون في العيد، انهم أبناء الوطن وإلى جانبهم أجانب من سيّاح ومُقِيمين بيننا بسلامٍ. ولعمري فإن هذه المظاهر الاجتماعية – الدينية تُضفي بهجة مُتجدّدة على حياتنا وتُنعش أفكارنا وسلوكياتنا، وهي بحد ذاتها رسالة من الأُردنيين لشعوب وبلدان الدنيا، أننا في وطن لا يَعرف التطرّف والانعزال، ولا بيننا في أرض السلام وعنوان المحبة حاقد أو منشق، فهذه رسالتنا ومبادؤنا التي نشرتها بلادنا الُمقدَّسة في أرجاء المَعمورة، لينهَل منها الجميع إلى ألفيات مُقبلة.
 في المِيلاد، نستذكر دعوة الحبيب، السيد المسيح، بلغته الآرامية العريقة التي بشّر بها الخَلق أجمعين - وليس بالعِبرية كما يُخطىء البعض من غير العارفين بالدين والتاريخ - إلى ضرورة سيادة قِيم المحبة والسلام في أرضنا التي مَنحت الإيمان ورسالة الخلاص للعالم أجمع، فارتقت بِناَ مِن قَعرِ الأرض إلى رِحاب السماء لننال الخلاص الروحي بعيداً عن ماديات فانية، فغدت بلادنا حقلاً لا ينضب زَرعهُ انتاجاً للسلام وإزهاراً له، وحصاده السلمي يُقدَّم للناس أجمعين، برغم معاناتنا من حروب متتالية وعدوانات لم تجد للآن ردعاً نهائياً لمُسبباتها التي فُرضت علينا، لكن «السيد» له المجد، أراد وطننا بمعاناته وآلامه أُمثولة ليشفع لنا مُتجاوباً مع صلواتنا الحارة له، لننال والعالم معنا السلام الأبدي وبإيماننا القويم الذي لا يتزعزع بجوهر الحياة المُقدّسة ورسالتها السّمحة التي أسبغها الخالق علينا له المجد أبد الدهور.
 كل عام والوطن والوطنيين وجميع أبناء شعبنا بخير في أرض الأمن والسلام والأمان بعيداً عن الآلام والعدوان.
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences