مباني الحكومة؟
الشريط الإخباري :
فارس الحباشنة -يقولون على الصحفي أن يستقصي وينبش في خزائن الاسرار بحثا عن المعلومة والحقيقة. وكثيرا هي الملفات والقضايا التي لا تعرف لها « رأس من ساس» في بلادنا. غموض وعدم وضوح وسرية ومجاهيل رقمية وبيانية، وقوة الاخفاء لا يضاهيها منافس، حالة تعكس اقلاقا بالاول للصحفي وتشويشا للرأي العام، وسد ابواب امام الحقيقة.
ورغم كل ذلك كثيرون لا يظهرون اهتماما بالاسئلة التي يطرحها الاعلام. واكثر ما يغرقون في سياسة الاخفاء، وهي من اشطر السياسات بما تدفع به نحو شراء الوقت لا اقل ولا اكثر، وترحيل الازمات من حكومة الى اخرى.
ومن الملفات التي تسابق الاعلام على طرحها « مباني الحكومة «، وفاتورة الايجار غير المعلنة والمجهولة والغامضة . وزارات ومؤسسات مستقلة ومؤسسات عامة ومديريات يتم استئجارها.
وفي وقت الحكومة تتحدث به عن الازمة الاقتصادية الخانقة. ووقف هدر المال العام وترشيد الانفاق وسياسات اقتصادية لتقنين الانفاق المالي. بل ان الحقيقة بالواقع قاسية.
ومن غير المعلوم ولا قابل للتفسير والفهم أن الحكومة تفضل الايجار على تشييد مبان لمؤسساتها ووزارتها. والاشد غرابة في استعراض تفاصيل ملف الايجار أن الحكومة قد تدفع بعامل الايجار ثمن البناية مرتين او ثلاث مرات على اقل تقدير. وكما أن الحكومة تفضل الاستئجار في مناطق مصنفة عقاريا بدرجة اولى «تجاري «، ما يعني أن الايجار السنوي يكون مضاعفا.
قيمة فاتورة الايجار الحكومي مرشحة سنويا للارتفاع، ولربما ما هو مثير للسؤال عن المعايير والالية التي يتم بها اختيار المباني للايجار؟ وهل تخضع لعملية قانونية واجرائية رصينة، وتحتسب انفاق المال العام بمسؤولية لا تترك مجالا للشك او الريبة؟.
وأكثر ما يفرض السؤال عنه وفتح ملفاته دون مواربة، هو صيانة المباني الحكومية المستأجرة، فهناك ملايين الدنانير يذهب انفاقها على صيانة مبان لا تملكها الحكومة، اذ ليس من المعقول والمنطقي أن تبقى الحكومة تتكبد سنويا اكلافا مالية اضافية غير مبررة.
رؤساء حكومات سابقون اتخذوا مواقف حاسمة تجاه هذا الملف، ولكنها تبددت مع مرور الزمن، وعادت الحكومات الى اتباع خيار الايجار، لتحمل الخزينة مزيدا من اعباء اكلاف الانفاق غير المجدي واللامبرر، وهو ما قد اوصلنا الى الحديث هنا عن فاتورة انفاق باهظة لا يعرف من أين يمكن البدء بملامسة تفاصيلها الرقمية والاجرائية.
ومن الاسئلة المشروعة التي تحاصرنا حتما في متابعة هذا الملف أن اغلبية المباني المستأجرة لا تراعي مواصفات البناء الاداري الخدماتي الحكومي، ولا تتوافق مع حاجات الموظفين الجالسين خلف المكاتب ولا المراجعين القادمين لاستيفاء وانجاز الخدمات والمعاملات، فالبناء ينطوي على مساحات مهدورة وتصميم سكني معيشي باحيان كثيرة يفتقد لادنى بنى الخدمات الادارية.
يبدو أنه من الأجدى أن يخضع ملف ايجار مباني الحكومة الى مراجعة قويمة وعاجلة، حتى لا نصطدم بمزيد من المفاجآت المرعبة بحجم فاتورة انفاق مالي غير مبرر ولا مجد على المدى البعيد يرهق خزينة الدولة. وهنا لا بد من الاشارة إلى أن تشييد « مجمعات الدوائر الحكومية» واحد من الحلول التي استفاقت عليها بلدان كثيرة لحل الازمة.