بسام الشكعة .. أسطورة الكفاح المشرف ومدرسة النضال الوطنية
الشريط الإخباري :
مهدي مبارك عبد الله
بفيض غامر من مشاعر اللوعة والأسى وبتسليم كامل بقضاء الله وقدره نعت بقلوب حزينة مكلومة وودعت بالزغاريد والورود عاصمة جبل النار أبنها البار المناضل الكبير والقامة الشامخة أحد معالم مدينة نابلس وأعمدة النضال الفلسطيني على مدار عقود طويلة من الزمن الرمز والقائد التاريخي والعلم الوطني والقامة العالية بسام احمد الشكعة " أبو نضال " قائد لجنة التوجيه الوطني التي عملت على مدى سنوات في مواجهة الاحتلال وإجراءاته في الأرض المحتلة 67 ثم رئيسا منتخبا لبلدية نابلس عام 1976
الذي غيبه الموت حيث فاضت روحه الطاهرة مساء يوم الاثنين الموافق 22/7/2019عن عمر يناهز 89 عام بعد صراع طويل مع المرض في إحدى مستشفيات مدينة نابلس وقد ووري الثرى بالمقبرة الغربية بالمدينة بعد حياة كريمة ومشوار حافل بالعطاء والمواقف الصلبة والنضال والتضحيات دفاعا عن مبادئه النبيلة وقيمة الوطنية والإنسانية وحقوق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال الصهيوني الغاشم وقد شيع بحضور جماهيري مهيب من المواطنين والوجهاء وبعض المسؤولين ومؤسسات المجتمع المدني من مختلف مدن وقرى وبلدات فلسطين والذي كشف عن حجم شعبيته ومحبته ومكانته في أوساط الفلسطينيين الذين يعيشون منذ سنوات حالة انقسام سياسي غير مسبوقة
بسام الشكعة من مواليد مدينة نابلس عام 1930 وهو أحد أعيانها ومن الشخصيات الوطنية المعروفة والتي تحظى باحترام كبير في الشارع الفلسطيني ينحدر من إحدى كبريات العائلات في المدينة وهو سليل أسرة وطنية مناضلة قدمت الكثير من اجل الوطن والشعب فلسطيني بامتياز ونابلسي حتى العظم والنخاع كان له حضورا وطنياً باهرا وشجاعاً حيث شارك في معظم مراحل الثورة الفلسطينية كمقاوم صلب مشهوداً له بالكفاءة والإخلاص والدفاع الشرس عن الحقوق والثوابت الفلسطينية الوطنية عمل في خدمة أبناء مدينته نابلس وأبناء شعبه الفلسطيني في كل أماكن تواجده كما عمل بجد وكد من أجل إيصال صوت فلسطين إلى العالم من خلال العلاقات التي كونها ونسجها مع العشرات من البلديات ومؤسسات المجتمع المدني في العالم بوفاته خسرت فلسطين مناضلاً شريفا منتميا وقامة وطنية شامخة أفنى حياته في العمل الكفاحي من أجل تحقيق الحلم الفلسطيني وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس امن بعدالة قضيته وتمسك بإصرار بالوحدة الوطنية كركيزة أساسية في الاستعداد للمواجهة كان وسيبقى نموذجا حيا للمقاومة والنضال والتضحية والصبر وأسطورة بارزة من زمن الرجال الأوفياء والهمم العالية والمواقف الحازمة وسوف يسجل اسمه في صفحات المجد السرمدي عند عزيز مقتدر حيث الطهارة والخلود بأحرف من نور ورضى وستبقى سيرته النضالية العطرة حية في قلوب الفلسطينيين وشرفاء العرب والعالم
تعرض المرحوم بإذن الله الشكعة في 2/6/1980 لمحاولة اغتيال آثمة دبرها التنظيم الإرهابي الصهيوني ( هامكتيرت ) بعدما وضعوا عبوة ناسفة في سيارته أدى انفجارها إلى بتر قدميه وقد قال عبارته المشهورة اثناء نقله إلى المستشفى والتي خلدت في أنصع صفحات التاريخ والإرث الوطني ( اليوم قطعوا قدمي ولكنهم لم يتمكنوا من اقتلاع وطني مني ومن شعبي وإن استطاعوا قطع أقدامي فلن يستطيعوا قطع نضالي أراد لي الصهاينة أن أموت ولكن الله منحني الحياة لكي أكمل رسالتي في الدفاع عن فلسطين عربية حرة لقد جعلوني أقرب إلى الأرض في إشارةٍ إلى أرض فلسطين التي يدافع عنها ) ساقاه سبقتاه إلى الجنة ولم يركع يوما للاحتلال وبقي صامدا منزرعا في أرضه كجبل " عيبال وجرزيم " لم يضعف ولم يتنازل أو يساوم نسأل الله تعالى ان تحتسب في ميزان حسناته كل قطرة دم فقدها لأجل وطنه
رحل آخر الكبار الغر الميامين سنديانة نابلس الوارفة الظلال وفقد الشعب الفلسطيني وخسرت الأمة العربية رمزا وطنيا فلسطينيا وقوميا عربيا تمسك بالثوابت الوطنية وبقي شامخا حتى آخر يوم في حياته وسطر بصموده في مواجهة الاحتلال أروع صور البطولات الاستثنائية حيث لم بثنيه الإبعاد عن الوطن ولا محاولة اغتياله من قبل الاحتلال الإسرائيلي عن مواصلة النضال والصمود والكفاح بروح ثورية وإيمان عميق وشرف راسخ في مقاومة الاختلال والاستيطان بكل أشكاله ولم تغريه يوما رياح التلون والمزايدات والمناصب
كان الشكعة قومي الهوى وطني الهوية مواقفه لا تعد ولا تحصى وقد كان واحد من أبرز القادة البعثيين في الأراضي الفلسطينية إلى ان استقال من حزب البعث العربي الاشتراكي عام ١٩٥٩ ورفض الانفصال بين مصر وسورية وفي عام ١٩٦٢ أُبعد إلى مصر ولم يتمكن من العودة إلى مسقط رأسه حيث بقى لاجئا سياسيا إلى ان صدر عفوا من المغفور له بإذن الله جلالة الملك حسين بن طلال عن جميع اللاجئين السياسيين فعاد إلى الأردن ومنها إلى مدينته نابلس عام 1965 وقد عارض ورفض بشدة اتفاق أوسلو الذي قامت بموجبه السلطة الوطنية الفلسطينية وبسبب ذلك فرضت إسرائيل عليه الإقامة الجبرية في منزله بنابلس حيث بقي محاصراً فيه لخمس سنوات ولأنه بقي ثابتا على موقفه ظل مهمشا على كافة الأصعدة لكنه رغم كل ذلك كتب أسمه بارزا في سجل الثوار الشرفاء وليس في لوحة شرف جماعة أوسلو المعيبة
بسام الشكعة ( أبو نضال ) سلام لروحك الطاهرة النقية فأنت القائد الوطني الذي عشت بشرف وإباء عزيز النفس نظيف القلب واليد واللسان أمينا على العهد وفيا للوطن مناضلا وقائدا ورمزا للإخلاص والتفاني والثبات على المبادئ والعمل من اجل فلسطين والقضية القائد المتواضع وصاحب الإرادة الصلبة الشجاع الذي كانت فلسطين وجعه قبل جسده ستبقى ذكراه وسيرته وروحه وتاريخه قصة بطولة فلسطينية فريدة تحكي للأبناء والأحفاد عن رجل عظيم عاش ومات كواحد من العمالقة الإبطال المتمسكين بالأرض والحق الفلسطيني وما أحوجنا اليوم لأمثاله يشعلون في ضعفنا وخوارنا لهيب العزة والكرامة
يذكر انه وفي يوم عصيب على شعب فلسطين فبالإضافة الى محاولة اغتيال بسام الشكعة رئيس بلدية نابلس زرع المستوطنون الصهاينة قنبلتين أخرتين في سيارة كريم خلف رئيس لبلدية رام الله حيث انفجرت وأصيب بجراح بالغة فقد على أثرها إحدى رجليه وأخرى في سيارة رئيس بلدية البيرة إبراهيم الطويل والذي نجا حيث كان خارج المركبة عند انفجارها وقد كشفت وثائق سرية افرح عنها مؤخرا ان الجناة تلقوا غطاء حكومي من مناحيم بيغن رئيس الوزراء الإسرائيلي في حينه حيث رفض طلب لرئيس الشباك ابراهام احيطون بفرض الاعتقال الإداري على المنفذين بدواعي ان خيار اعتقال اليهود ليس مطروح للبحث او النقاش بأي شكل وأمام ذلك نؤكد بان الجرائم لا تسقط بالتقادم والتاريخ لن يرجم المجرمين مهما طال الزمن
ختاما
الرحمة للفقيد الغالي المناضل بسام الشكعة انبل وأشجع رموز النضال الوطني الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي وتغمده الله بواسع غفرانه وأسكنه فسيح جناته والرحمة الموصولة لأرواح كل المناضلين الإبطال والمكافحين والثوار الشرفاء في هذه الأمة من محيطها إلى خليجها الذين أناروا شموعا لن تنطفئ أبداً في دروب الثورة وطريق الحرية أولئك الذين ما توا وهم ثابتين على مواقفهم مؤمنين بصدقهم ووعد الآخرة أن تحرير فلسطين لن يتم إلا عن طريق الرصاص والبندقية والدهس والطعن والسكين والحجر والانتفاضة والثورة وليس بمفاوضات الدعارة مع ليفيني والنتن ياهو وغيرهما والتي لم تجلب علينا إلا مزيد من الاندحار والذل والعار والخراب والضياع والدمار