مشاركة المرأة في الحد من الأزمات .. الفرصة الضائعة
تتعاقب الأزمة تلو الأزمة على منطقتنا ومؤخرًا أزمة كوفيد-19، والتي تثبت مجتمعة أنّ المرأة هي الأكثر تأثرًا بالعنف المجتمعي والاقتصادي، كما نرى معاناتها من حيث تقلص الفرص المتاحة من تعليم، وسبل العيش، وموارد الدخل، وتفاقم الأعباء الواقعة عليها.
فوفقًا لتقرير منظمة النهضة للديمقراطية والتنمية (أرض) بعنوان "المرأة الأردنية في سياق حل النزاع، وبناء السلام، والسلم المجتمعي":
-
ترى 10% من النساء فقط أنّ الظروف المعيشية التي تحيط بهن تمكنهن من تحقيق طموحهن،
-
وأفادت%81 من النساء اللواتي استهدفهن البحث بمعانتهن من البطالة،
-
كما تعتقد 83% من النساء بأنّ المجتمع ينظر إليهن على أنهن عاطفيات بطبيعتهن وضعيفات الشخصية.
وبالرغم من كل هذا، وعلى أرض الواقع، تلعب المرأة دورًا أساسيًا لا في حماية أسرتها فحسب، بل من حيث وقوفها في الصفوف الأمامية للتصدي للأزمات. الأمر الذي تعده منظمة النهضة (أرض) فرصة ضائعة وقدرات لم تستثمر. حيث لم تتم بلورة هذه القدرات ومأسستها لتشكيل جبهة تشارك فيها المرأة إلى جانب الرجل في صناعة السلم المجتمعي والحد من العنف والتطرف، إذ ما تزال المرأة تعاني من عقبات تشريعية، وهيكلية، ومجتمعية تميزية تعيق اتخاذها الخطوات التي تسهم في إيجاد حلول فاعلة للحد من أثر الأزمات عليها وعلى غيرها.
وعليه تطلق منظمة النهضة (أرض) نداء مفاده بضرورة أن نرفع أصواتنا بأنّ الوقت يداهمنا، وأنه قد آن الأوان للعمل الجمعي والجاد لمعالجة جذور التطرف والعنف والنزاع في منطقتنا، والتركيز على الدور القيادي الذي تلعبه المرأة في هذا الصدد سواء أكنا نعمل في مشاريع مجتمعية أو الاستجابات الإغاثية، أو على أهداف تنموية طويلة الأمد. ولا بد أن نذكّر بانعدام العدالة، والحرمان من تكافؤ الفرص بين جميع فئات المجتمع، وأن للدولة دورًا أساسيًا في حفظ الأمن والسلام، يبرز بتمكين المرأة والشباب من الانخراط في هذه الجهود، وتيسير عمل الإعلام لخلق خطاب توعوي وموضوعي بديل عن خطابات الكراهية الإقصائية، وضمان حرية التعبير لكافة أطياف المجتمع وخاصة الشباب منهم. الأمر الذي يتطلب التكامل بين عمل كل من وسائل الإعلام، والمشرّعين، والحكومة، والمجتمع المدني أيضًا في الوقاية من التطرف العنيف والتفاعل مع النساء والشباب لضمان استقرار المجتمع. حيث يقوّض التطرف والعنف جهودنا الجمعيّة للحفاظ على الاستقرار الأسري بشكل خاص والأمن المجتمعي بشكل عام، ويؤدي تفشيهما في ظل الأزمات إلى إضعاف جهود التنمية المستدامة وسيادة القانون.
هذا وأشارت الأستاذة سمر محارب، المديرة التنفيذية لمنظمة النهضة (أرض)، إلى أنه "في الحين الذي تصب الحكومات والسلطات جهودها في أغلب الأوقات على مكافحة التطرف العنيف، فلا بد أن يقف المجتمع المدني المحلي بمكوناته لمساندة الحكومة في العمل على معالجة أسبابه والوقاية منها، وأن يكون له دور في عمليات التخطيط وطرح السياسات العامة في هذا الصدد. لكل منا دور يلعبه تجاه مجتمع أقوى حيث يسود السلم والسكينة المنازل، والمدارس، والشوارع".
وتشارك منظمة النهضة (أرض) ضمن الحملة الوطنية "16 يومًا لمناهضة العنف الموجه ضد المرأة"، ، والتي تبدأ في 25 تشرين الثاني/نوفمبر ، اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة، وتستمر حتى 10 كانون الأول/ديسمبر، اليوم الدولي لحقوق الإنسان، بعدد من الفعاليات والمخرجات بالتنسيق مع اللجنة الوطنية الأردنية للمرأة ومجموعة عمل الأمم المتحدة المعنية بالعنف المبني على النوع الاجتماعي، وبالتعاون مع المعهد الدولي للعمل اللاعنفي، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وهيئة الأمم المتحدة للمرأة، وشركائنا من أعضاء التحالف الوطني الأردني (جوناف).
لقد رأينا ولمسنا الأثر الكبير الذي أحدثته مشاركة المرأة في الاستجابة للأزمات ومساهمتها في إحلال الأمن والسلام في مجتمعاتها، مما يعزز إيماننا بوجود تلك الفرصة التي لكل منا دور في تحقيقها وذلك لبناء مجتمع أكثر عدلًا وأقل فقرًا ما يحد من النزاعات والحروب، ويمنع حدوث العنف والتطرف. انضموا لنا قبل فوات الأوان لننادي سويًا بممارسة المرأة دورها جنبًا إلى جنب الرجل، في نهضتنا المجتمعية.