كثرت الخوازيق..والله ينجينا
الشريط الإخباري :
بقلم : نايف المصاروه.
والشيء بالشيء يذكر،يحكى أن طائرة ركوب متوسطة سقطت في إحدى الغابات،فمات جميع ركابها باستثناء ثلاثة أشخاص، كتب الله لهم النجاة أحدهم أميركي والثاني روسي والثالث «أبو يحيى» الأردني.
فور سقوط الطائرة ،هرع رجال احدى القبائل ،وتدعى قبيلة الدهونجا، واعتقلوا الناجين الثلاثة ،وأحضروهم كالعادة الى زعيم القبيلة وبما أن القانون المؤقت المعمول به في تلك القبيلة ،ينص على قتل كل من هو أجنبي،قرر زعيم قبيلة « الدهونجا» وضع الناجين الثلاثة على الخازوق حتى الموت.
التفت الرهينة الروسي الى الأميركي وأبو يحيى الأردني قائلا: بما أنه معروف عنا نحن الروس اطلاق المبادرات السلمية في أحلك الأزمات،لذا فأنا ملزم بإطلاق مبادرة سلمية، علها تلاقي قبولا عند هذه القبيلة وتخرجنا من مأزقنا ،قال الرهينتان في وقت واحد : « نعم الراي رأيك ».
ثم عرض مبادرته على زعيم قبيلة «الدهونجا»
قائلا: يا طويل العمر ما رأيك أن يطرح كل رهينة منا سؤالا واحدا على أعضاء الحكم في قبيلتكم «الدوهانجية »،فإذا عرفتم الجواب وجب الخازوق لنا , وإذا لم تعرفوا الجواب يتم الإفراج عن الرهينة.
اعجب زعيم القبيلة بالفكرة،وهز رأسه موافقا ثم أشار الى الأميركي أن يطرح سؤاله.
غابت جميع الأسئلة عن ذهن الرهينة الأميركي وتذكر سؤالا واحدا فقط: قائلا من هو كريستوفر كولمبوس؟
اجتمع أفراد القبيلة مع زعيمهم ما يزيد عن ساعتين ، ثم خرج أهل الشورى في قبيلة « الدهونجا»
وقال زعيمهم : جواب السؤال .هو كولمبوس ، الذي اكتشف أميركا أليس كذلك؟.
طأطأ الأميركي رأسه ،ثم جر الى الخازوق.
ثم جاء دور صاحب المبادرةالرهينة الروسي . فطرح سؤاله قائلا ..من هو لينين؟
اجتمع اعضاء القبيلة مع زعيمهم ما يزيد عن الساعتين أيضا، ثم خرج الزعيم من خيمته
قائلا: جواب على سؤالك ،فلاديمير لينين هو مؤسس الحزب الشيوعي الروسي، وقائد الثورة البلشفية، كما أنه مؤسس الدولة السوفيتية وملهم الأفكار "اللينينية” بعد وفاته،أليس كذلك؟
طأطأ الروسي رأسه ثم جروه الى الخازوق .
بعد ذلك وبما أن الدور في السؤال ﻷبي يحي ،ومن فوره 'لف 'شماغه حول رأسه بكل ثقة ، وزرر جاكيته ، ثم أخرج من جيبه كيس من القماش،وأخرج منه سيجارة هيشي،كان قد 'لفها' سابقا،وأخرج علبه كبريت ،وتناول منها عود ثقاب ،واشعل به سيجارته ،ثم التفت الى زعيم القبيلة قائلا: «يا زعيم الدهونجا المبجل »ودي أقولك سالفه قبل السؤال ،إن جاوبتني على سؤالي، أنا اقبل بحكم الخازوق، وإذا لم تجبني ..اسمح لي
ان اخوزقك وأخوزق أفراد القبيلة فردا فردا.
وافق زعيم القبيلة على طلبه وأشار اليه بعصاه كي يطرح سؤاله.
قال أبو يحيى ..يا طويل العمر.ودي اسالك وما أسالك عن ذنوبك ..سؤالي .. ما هو دور مجلسي الوزراء والنواب في اﻷردن ؟
دخل زعيم الدهونجا»مسرعا الى خيمته وتبعه عشرة رجال آخرين من حكماء القبيلة،واجتمعوا ما يزيد عن عشرة ساعات و بدأت الاتصالات مع اﻷصدقاء ،وتم حذف اجابتين ،و سؤال المستشار و رأي الجمهور
و في نهاية الإجتماع،خرج زعيمهم مطأطئ الرأس قائلا: نهي ....نهي..يعني حقيقة لا نعرف اﻹجابة عن سؤالك ، فاخبرنا انت يا ابو يحيى !
أبو يحيى :ينفخ ريشه ،وينظر الى اﻷعلى ويمج على ما تبقى من سيجارة الهيشي ،وينفث دخانها،ثم ابتسم قائلا .. كنت بعرف أنكم ستعجزون .
الجواب..يا طويل العمر.. هذول مثلكم تماما،يكثرون القرارات..واﻹجتماعات ويجتمـعوا ويجتمعـوا..وتكثر خلواتهم وبعديــــــن بطلعوا ليضعوا الشعب على الخازوق .
منذ السنوات العجاف، ومنذ أن وضعنا تحت سلطة ووصاية البنك الدولي،وما تبعها من خصخصة للشركات الرابحة،التي كانت تشكل العمود الفقري للإقتصاد الوطني،والرافد الرئيسي للخزينة العامة، وما تبع ذلك، من رفع للدعم عن كثير من السلع،وما تلاه من رفع جنوني للأسعار،وكثرت الوعود الحكومية ،بتحسن الحالة اﻹقتصادية،والخروج من عنق الزجاجة،وانتظار طال ﻷكثر من عشرين عاما، ومع كل تشكيل لحكومة، نسمع عن خطط وبرامج نعول عليه خيرا،ونظن أن الفرج مع الفجر،ولكن يأتي الفجر ويليه فجر آخر،ويأتي ظلام ليل دامس،وتمر علينا أيام لظى وحر لاهب،وليالي برد قارس،ولم نلمس أي جديد،وتتكرر تلك الوعود، والحال من سيء إلى أسوأ،تآكل في الرواتب والأجور ،وارتفاع للدين العام ،وفي كل عام يتكرر عجز الموازنة العامة ،ومعه يتكرر قيام الحكومة بفرض ضرائب ورسوم جديدة، لتسديد ذلك العجز او محاولة تقليل نسبته.
وبالرغم من عدم جدوى سياسة فرض الضرائب،وأثرها العكسي والسلبي الملموس على اﻹقتصاد الوطني بشكل عام،واﻹعتراف الرسمي بذلك ،إلا أن سياسة التخبط لا تزال قائمة، فكانت آخر تلك القرارات ،قرار فرض ضريبة على التجارة اﻹلكترونية،وأصبح حال المواطن احصد وادرس لبطرس.
أنا أتحدى كل شعوب الدنيا..إذا كان هناك مواطن يتحمل،ما تحمله المواطن اﻷردني،فمن جور وظلم ،وخنق وتكميم لﻷفواه،إلى سوء إدارة وتخبط وفساد مالي وأخلاقي،واﻷهم من ذلك هي سياسة اﻹستفزاز التي باتت تنتهجها كل الحكومات المتعاقبة،متناسية أو متجاهلة أن المواطن هو اساس كل التنمية.
كل ما يجري..مرده وسببه ،الى ضعف مجالس النواب،والذي يتجلى من خلال ضعف المعرفة عند بعضهم ،والذي أدى إلى ضعف في الرقابة، وضعف في التشريع،ثم ضعف الحكومات من حيث النوعية في المعرفة، عند بعض اعضاءها،وضعف وازع الضمير واﻷخلاق.
وللخروج من كل ويلاتنا ومصائبنا علينا أن نعترف بأخطاءنا، وذلك أول درجات التصحيح واﻹصلاح، فهل من المعقول ان ننسى كل أسباب ازمتنا،ثم نذهب نطارد من يهرب كروز دخان؟
او نجعل سبب ازمتنا اﻹقتصادية كلها..تهريب الدخان؟
لماذا لا نعترف ولو لمرة واحدة..أن سبب ازمتنا هو خصخصة الشركات الكبرى التي كانت تمثل الرافد الحقيقي للموازنة العامة!
وإلى متى سنبقى تحت إرادة البنك الدولي،وكل المانحين وأثرهم على قرارنا السياسي والسيدات.
بماذا سبقت الكثير من الدول التي تحررت من ويلات اﻹقتراض وأصبحت حرة ودائنة بعد أن كانت مديونة !
لماذا لا نعترف أن الخلل في شخوص صانعي القرار التشريعي واﻹقتصادي واﻹداري.
اجتماعات،ولقاءات،وسفر ومؤتمرات،والمخرجات خوازيق...وكل خازوق أكبر وأعظم وأشد من الذي سبقه.
ختاما..وللخروج الحقيقي من عنق الزجاجة إإإياها...نحتاج إلى ثورة بيضاء حقيقية يقودها شخص جلالة الملك،يتعاقد ويتعاضد معه كل الشرفاء في وطننا،ثورة على الرأي والتشريع،لإعادة النظر بكل التشريعات النافذة،وإعادة صياغتها بشكل ينسجم مع واقعنا وتطلعاتنا،تشريعات تحفظ للوطن هويته العربية واﻹسلامية.
وتشريعات قضائية تحترم إنسانية اﻹنسان،ويكون الغاية منها الردع المقترن بكل العقوبات الزاجرة ،التي تحفظ للإنسان كرامته ،وللمجتمع امنه وسلامته ،وتحفظ للوطن هيبته وعزته.
وتشريعات إقتصادية،تنطلق من التركيز على اﻹقتصاد المستدام،في الزراعة والصناعة والتعدين والتجارة ،تشريعات تشجع وتحفز على العودة إلى اﻷرض لزراعتها.
وتشريعات تشجع الصناعة الوطنية لتنافس محليا واقليميا وعالميا.
وتشريعات تشجع وتنمي التجارة المحلية لتكون حرة، تقوم على اساس تبادل السلع والمنتجات بكل حرية وسلاسة،بعيدا عن كل أساليب الغش والتهرب والملاحقة .
تشريعات تجعل غايتها اﻹعتماد على الذات ،وتنمي روح المواطنة ،وتحفز اﻹبداع ، وتجعل المواطن حرا عزيزا كريما كما كان.
فهل هذا صعب او محال تحقيقه إن أردنا حقا الخروج من عنق كل الزجاجات...واحترام أنفسنا وتاريخنا....،كلا والله ..ولكنه يحتاج إلى اﻹراده الحقيقة، واﻹدارة النزيهة.