الذين يطيلون ألسنتهم على
الشريط الإخباري :
ماهر أبو طير
تقرأ مئات التعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي لمعلقين من جنسيات عربية مختلفة، غالبيتها تشمت بما حدث في قناة السويس في مصر، بعد جنوح السفينة وإغلاق القناة.
برغم وجود آلاف التعليقات التي تتضامن مع مصر، إلا أن نسبة ليست قليلة تشمت بمصر، بسبب وجود موقف من النظام المصري، وهذا يؤشر على ان الانسان العربي، لم يتعلم حتى الآن، وما يزال يتمنى الشر لغيره من العرب، ويجد لنفسه المبررات التي تمنحه الشرعية.
مصر، اهم دولة عربية، وأمنها واستقرارها، من امن العرب واستقرارهم، وهي ليست دولة طارئة في التاريخ، ولا تعرف كيف يتمكن الانسان العربي، من الخلط بكل سطحية ما بين موقفه السياسي من سياسات مصر الرسمية، وشماتته في الوقت ذاته بالضرر على استقرار مصر، واقتصاد مصر، وحياة المصريين، وهذا أسلوب يعبر عن الكراهية العمياء.
من مصلحة الانسان العربي، ان تستقر مصر، وتخرج من أي ازمة تعيشها، والمفارقة هنا ان الانسان المصري، حتى لو كان موقفه سلبيا من سياسات أي حكومة مصرية، فهو في الوقت ذاته لا يقبل ان تتضرر مصر، ويبقى وطنياً في موقفه من بلاده، لأن النقد او الغضب او حتى رفض أي سياسة، في كفة، والشماتة بمصر ذاتها، في كفة أخرى، لا يقبلها احد.
هذه الظاهرة عشناها في ظروف كثيرة، أي خروج مجموعة من العرب تتشفى بكل بلد عربي، وأهله، عند كل ازمة، من احتلال الكويت، الى حصار العراق، مرورا بكل الازمات في الربيع العربي، ودائما نجد من يخلط بين الموقف السياسي المعارض او الناقد، وبين التشفي بأي ازمة او خراب او ظرف صعب قد يعيشه شعب ما، او دولة ما، فلا تعرف من اين جاءت هذه الأحقاد على بعضنا البعض، ومن أين تأسست بنى التشفي والشماتة؟.
هذه مصر، بكل عظمتها وتاريخها، لا يليق بكل عربي، إلا ان يتضامن معها في هذه الظروف، فالضرر ليس على اقتصاد مصر وحدها، ولا على تحصيلاتها المالية، بل الضرر على كل العرب، وكل التجارة في العالم.
ثم ماذا يعني التشفي ببلد عربي، يجنح قطار من قطاراته، وكأن الرئيس المصري، او أي شخص في مصر، سيكون سعيدا بهذا الحادث، على اعتبار ان بقية الدول العربية لا تقع فيها أزمات، ولا حوادث وكل شيء فيها ممتاز جدا.
سيأتي من يقول ان الشامت لا يشمت بالمصريين الأبرياء، ولا بشعب مصر، بل له موقف من الحكم المصري، وهو هنا يعبر عن غضبه من الحكم، او ادانته لسياسات الحكومة التي أدت الى الحوادث، وهذا الكلام، مجرد تغطية للحقد في قلوب بعض العرب، لتبرير التشفي بالأزمات في أي بلد عربي، إذ إننا نهاية المطاف اما نقف مع مصر في أي ازمة، واما علينا ان نتذكر أن هذه هي شؤون المصريين، وليس مطلوبا من العربي، دس أنفه في شؤون غيره، وهو لا يجرؤ في بلاده الاصلية، على نقد مدرس في مدرسة نائية، لكنه في الموضوع المصري، يصير بطلا قوميا، ويحق له، الإساءة الى مصر، ومؤسساتها، وربما شعبها.
لو كلفنا مؤسسة بتحليل ملايين التعليقات في العالم العربي، لوجدنا نسبة كبيرة من تعليقات الكراهية والاحقاد، والتراشق بالكلام السيئ، وهذا يعبر أيضا عن تشظي الروح القومية، واستدراج الشعوب لخانات الصراعات المصنوعة في المختبرات، وعدم تفريق بعض الناس، ان الموقف السياسي من أي نظام عربي، لا يجيز لك ان تتشفى بتلك الدولة ومؤسساتها وهي في ازمة ما، اذ حتى خصوم الحكم المصري من المصريين، يفهمون ان التوقيت يتجاوز اللحظة، ويمس استقرار مصر ذاتها، وشعبها، وليس توقيتا لتصفية الحسابات.
أولئك الذين يطيلون ألسنتهم على مصر، عليهم ان يعطونا الدليل على ذات الجرأة على أنظمة بلادهم، لكنهم عند أنظمة بلادهم يتحولون الى نعامات جبانة تدس رؤوسها في الرمال، لكن في ملفات الآخرين، يتحولون الى دعاة الحرية، الذين يخلطون الأوراق، ويمزجون بين مواقفهم الناقدة من أي دولة عربية، على المستوى الرسمي، بالتهكم من حال ذلك البلد وشعبه، ويتعامون عن قصد عن أحوال بلادهم الخربة، او ابنة البارحة مقارنة بالمصريين.
نتضامن مع مصر، بكل ظروفها، ونرجو لها النجاة والسلامة.