على الغرب الذي يتعامل مع إيران معرفة مدى التهديدات الإرهابية
الشريط الإخباري :
لقد تم وصف النظام الإيراني عملياً وعالمياً على أنه الراعي الرئيس للإرهاب في العالم، ولكن هذا لا يعني أن كل أولئك الذين لديهم دور في صياغة السياسة حيال هذا النظام، ليسوا عاملاً في التهديد وفقاً لذلك.
في العام الماضي تم تحييد تهديدات إرهابية متعددة على الأراضي الأوروبية.
كان هذا بالتأكيد هو الحال في فرنسا، إذ استُهدف اجتماع حاشد للمعارضة نظّمه المعارضون الإيرانيون في حزيران (يونيو) 2018. في فيلبينت، خارج باريس مباشرة، حشد تجمّع «إيران الحرة» ما يقدر بنحو 100 ألف من دعاة الديموقراطية الإيرانية، تحت راية المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، كما جذب هذا للتجمع اثنين من المفجرين الإرهابيين الذين تم توقيفهما لحسن الحظ وهما في طريقهما إلى تفجير «التجمّع» الذي عقد في 30 يونيو 2018.
بعد ذلك بوقت قصير تم أيضاً اعتقال ديبلوماسي إيراني رفيع يدعى أسد الله أسدي، وتم الكشف عن أنه العقل المدبر لهذه المؤامرة. هذا الديبلوماسي كان يتمركز في السفارة في فيينا، لكنه احتُجز بعد سفره إلى ألمانيا، حيث لم يتمكن من المطالبة بالحصانة الديبلوماسية. وقد كانت هذه العملية التي أدت إلى هذه الاعتقالات، شهادة على وعي السلطات الأوروبية بالتهديد المستمر القادم عن طهران.
التحقيق اللاحق الذي أجرته المخابرات الفرنسية لم يترك أي شك حول حقيقة أن أسدي ومساعديه - ذوي الأصول الإيرانية البلجيكية - كانوا يتصرفون بناء على أوامر من أعلى صفوف النظام.
لكن الأجهزة الأمنية كانت بلا شك على أهبة الاستعداد فعلياً ضد مثل هذه الأوامر، منذ مؤامرة باريس التي لم تكن الأولى من نوعها.
قبل حوالى ثلاثة أشهر حاول مأجورون إيرانيون أيضاً مهاجمة مجمع في ألبانيا يضم ثلاثة آلاف عضو في منظمة مجاهدي خلق الإيرانية (MEK)، وهي المجموعة الرئيسية المكونة في تحالف (NCRI).
كانت المؤامرتان المحاكتان في فرنسا وألبانيا اثنتين فقط من ستة مخططات على الأقل تم الكشف عنها علناً خلال عام 2018.
لكن من بين جميع الدول التي سعت فيها طهران لتنفيذ تفجيرات أو اغتيالات، يبدو أن الولايات المتحدة فقط هي التي ردت بطريقة مجدية، في حين رأى الاتحاد الأوروبي أنه من المناسب فقط فرض عقوبات محدودة على جهاز المخابرات الإيراني وحفنة من عملائه المعروفين.
لكن حتى هذه اللفتة قوضتها في النهاية استراتيجية أوروبية أوسع تتضمن استمرار السياسات التصالحية للتعامل مع النظام، ووفقاً لتقرير نشرته لوموند في 31 تموز (يوليو)، أمرت السلطات الفرنسية رؤساء المخابرات الخاصة بهم بتجنب لفت الانتباه إلى مؤامرة الإرهاب في العام الماضي لاعتبارات سياسية.
الأسدي ليس بأي حال من الأحوال الديبلوماسي الوحيد الذي يرتبط بإرهاب الملالي. في الواقع، دفع اعتقاله متحدثاً باسم الشرطة البلجيكية إلى التأكيد أن جميع الديبلوماسيين الإيرانيين تقريباً يلعبون دوراً في جهاز المخابرات الإيراني.
وهذا يجعلهم عملاء ومنفذين إرهابيين محتملين، يعملون تحت إشراف وزارة الخارجية.
وإذا كانت شهادة السلطات البلجيكية في هذا الشأن غير مقنعة بما فيه الكفاية، تجدر الإشارة إلى أنه حتى المسؤولين الإيرانيين أشاروا إلى الروابط الوثيقة بين الكيانات شبه العسكرية والميليشيات والديبلوماسية داخل النظام، ففي مقابلة أجراها أخيراً مع وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية، أعلن نائب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أن «وزارة الخارجية والحرس الثوري الإيراني ووزارة الاستخبارات والأمن تسعى جميعها إلى تحقيق الأهداف نفسها».
وهذا يدل على أنه حتى الولايات المتحدة يمكنها أن تفعل المزيد للتصدي للإرهاب الإيراني ومنافذها المتعددة للوصول إلى الأهداف الغربية.
العقوبات الشاملة على الحرس الثوري الإيراني كانت مطبقة منذ فترة طويلة، لكن الآن يجب توسيعها لتشمل وزارة المخابرات ووزارة الخارجية بأكملهما، إضافة إلى وزير خارجية النظام محمد جواد ظريف.
إن التفجيرات والاغتيالات واحتجاز الرهائن كلها جزء من جوهر وطبيعة النظام الإيراني، ولا يمكن اعتبار أي مؤسسة حكومية إيرانية كبرى معزولة عن استخدام الإرهاب كشكل من أشكال فن الحكم، وبالتالي فإن الطريقة الوحيدة للتصدي بشكل كامل للتهديد ذي الصلة هي عزل النظام ككل، في انتظار تغيير بعيد المدى في سلوكه أو انهياره الوشيك.
إذا لم تكن الولايات المتحدة قد قطعت شوطاً طويلاً نحو هذا الهدف، فإن لدى دول أوروبا مجالًا أكبر للتعويض.
في أعقاب مؤامرات الإرهاب التي أُحبطت العام الماضي، فإن السياسة المناسبة ستتضمن توسيع نطاق العقوبات الاقتصادية بشكل كبير وكذلك طرد الديبلوماسيين الإيرانيين، لكن في حالة فرنسا وبعض الدول الأعضاء الأخرى في الاتحاد الأوروبي، لا يمكن تبني هذه الاستراتيجية بشكل واقعي، حتى يدرك قادة تلك الدول حقيقة أن معظم العالم يواجه خطراً دائماً من أنشطة النظام الإيراني الخبيثة.