هذا ما تكشفه الأرقام الأولية للانتخابات بالجزائر
بعد أن أغلقت السلطة المستقلة للانتخابات باب قبول تسلّم ملفات الترشّح انتخابات الجزائر 2021 المقررة في 12 يونيو/حزيران 2021، أبانت المرحلة الأولى لجمع التوقيعات التي تعدّ شرطاً أساسياً لقبول ملفات القوائم الحزبية والحرة، كما تُعتبر شبه استفتاء واستشراف للخارطة السياسية الجديدة، (أبانت) عن تقدّم الأحزاب التقليدية.
وحلّ حزب حركة مجتمع السلم (إسلامي) في المرتبة الأولى في عدد التوقيعات، إذ جمع قرابة 67 ألف توقيع، وتبعه حزب جبهة المستقبل الذي نافس رئيسه عبدالمجيد تبون في الانتخابات الرئاسية وتحالف معه بعدها، كما جاء حزب حركة البناء في المرتبة الثالثة (إسلامي)، ليأتي التجمع الوطني الديمقراطي (حزب أحمد أويحيى) وجبهة التحرير الوطني (حزب بوتفليقة) في المرتبتين الرابعة والخامسة توالياً.
وتشترط المادة 316 من القانون العضوي الجديد للانتخابات أن تزكى كل قائمة حزبية بعدد من التوقيعات لا يقل عن 25 ألف توقيع فردي لناخبين مسجلين في القوائم الانتخابية وأن تكون التوقيعات عبر 23 ولاية على الأقل، وألا يقل العدد الأدنى من التوقيعات المطلوبة في كل ولاية عن 300 توقيع.
وبالنسبة للقوائم المستقلة، يجب أن تدعم كل قائمة بـ100 توقيع على الأقل عن كل مقعد مطلوب شغله من ناخبي الدائرة الانتخابية المعنية.
ورغم أن التوقيعات التي تجمعها الأحزاب السياسية هي مجرد باب لدخول المعترك الانتخابي ولا تعبّر بالضرورة على النتائج المحتملة، لكنها تبقى أحد وحدات قياس مدى انتشار الأحزاب وقدراتها على التعبئة.
القوى التقليدية
يخشى المراقبون عودة التشكيلات التقليدية للسيطرة على البرلمان الجزائري مُجدداً، وخاصة الأحزاب المعروفة بولائها المطلق للرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة، وهي أحزاب جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي وتجمع أمل الجزائر.
ويعتقد أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر توفيق بوقعدة أن القراءة الأولية للأرقام تشير إلى أن الأحزاب التقليدية ستسيطر على البرلمان القادم.
ويستبعد بوقعدة في حديثه مع "عربي بوست" تحصيل أحزاب المعارضة، على غرار حركة مجتمع السلم، أعداداً كبيرة من المقاعد، في ظلّ منافسة شرسة من أحزاب الموالاة والقوائم الحرة.
ويُرجع المتحدّث توقعه إلى هيكلة الأحزاب التقليدية وانتشارها الكبير طولاً وعرضاً في البلاد، مشيراً إلى أن "تقديمهم قوائم على مستوى 58 ولاية عبر الوطن يؤكد ذلك".
ويُرجّح بوقعدة أن تستفيد الأحزاب التقليدية منقانون الانتخابات الجديدأكثر من غيرها، لافتاً إلى صعوبة منافسة القوائم الحرة في المعترك الانتخابي.
حظوظ الإسلاميين
رغم تصدّر حركة مجتمع السلم (إسلامي) الأحزاب الأكثر جمعاً للتوقيعات، وخوضها غمار التشريعيات في جميع الولايات دون استثناء، فإن حظوظها في حصد مقاعد كبيرة في البرلمان القادم ليست بالوفيرة، حسب أستاذ العلوم السياسية توفيق بوقعدة.
ويُواجه أكبر حزب إسلامي في البلاد مشكلتين أساسيتين، الأولى تتعلّق بالوعاء الانتخابي الإسلامي الذي ينافسه عليه حزب حركة البناء الذي حصّل مليون صوت في الرئاسيات الماضية، وجبهة العدالة والتنمية الذي يملك قاعدة انتخابية كبيرة في الشرق الجزائري، ويعتزم المنافسة على الأقل في 40 ولاية.
أما المشكلة الثانية فتتعلّق بمُنافسة القوائم الحرة التي تتشكل أغلبها من الشباب المعارض الذي رفض الانخراط في الأحزاب بعد الحراك الشعبي، كما لم يقتنع بمصوغات المقاطعة التي تسوقها الوجوه البارزة في الحراك.
ورغم دعوات التحالف بين الأحزاب الإسلامية التي يُطلقها القادة على استحياء في خطاباتهم الترويجية، فإن الواقع يؤكّد أن الخلافات والمنافسة بين الإسلاميين كبيرة، لاسيما أن نظرتهم إلى السلطة مختلفة، إذ يتواجد بعضهم في المعارضة والبعض الآخر مع السلطة.
رهان تبون
يراهن الرئيس عبدالمجيد تبونعلى القوائم الحرة وبعض الأحزاب المتحالفة معه ضمنياً، على غرار جبهة المستقبل (وطني)، وحركة البناء (إسلامي)، وجيل جديد (علماني) للحافظ على منصب الوزير الأول.
وينصّ الدستور الجزائري على تشكيل حكومة برئاسة رئيس الحكومة، ويُطبق برنامج المعارضة في حال فوزها بالأغلبية البرلمانية، بينما يعيّن الرئيس وزيراً أولاً لتطبيق برنامج الرئيس في حال فاز تكتل متحالف معه بالأغلبية.
ويحاول تبون فسح المجال أمام القوائم الحرة، وخاصة الشبابية منها، باعتبارها الملجأ الوحيد له، خاصة أن فكرة التحالف مجدداً مع الأحزاب التقليدية يعدّ انتحاراً سياسياً بالنسبة له، ويصبّ في عكس خطابه المرتبط بالتغيير والجزائر الجديدة.
وفعلاً مهّد تبون الطريق أمام الشباب للوصول إلى البرلمان، عن طريق إجراءات لم ترضِ الأحزاب السياسية، إذ ضمن لهم تكفّل الدولة بحملتهم الانتخابية مادياً، كمامدّد لهم آجال جمع التوقيعات، فضلاً عن استحداث آلية التصويت الفردي على القوائم لأول مرة، أضِف إلى ذلك عزله البرلمانيين المخضرمين وحرمانهم من الترشح ومنافسة الشباب.