ما تفعله إسرائيل في القدس
ماهر أبو طير
ما تفعله إسرائيل في القدس، لا يمكن السكوت عليه، فهي لا تستثني أحدا، من ممارساتها، وليس أدل على ذلك ما شهدناه قبل يومين، من اعتداءات على الفلسطينيين المسيحيين.
في توقيت حساس دينيا، تقوم إسرائيل بالاعتداء على الفلسطينيين المسيحيين، خلال محاولة وصولهم الى كنيسة القيامة، فتضرب وتعتقل، وتقيم الحواجز، وتغلق الطرقات، وهذه ليست اول مرة، تتصرف فيها إسرائيل بهذه الطريقة ضد الفلسطينيين المسيحيين، الذين تستهدفهم إسرائيل أيضا، وتسعى لتهجيرهم بكل الطرق، الى الغرب، من اجل تفريغ مدينة القدس.
النفاق في العالم العربي، كبير، لأن حجم الاحتجاج امام الاعتداءات على المسيحيين منخفض جدا، وكأن الامر لا يعني كثيرين، على اعتبار انهم يتفرغون فقط لمعركة المسجد الأقصى، وليتهم هكذا، فهم يخذلون الكل مسلمين ومسيحيين، في مدينة القدس، ويتركونهم فرادى.
ذات الدول الغربية أيضا تتفرج على ما يجري في مدينة القدس، من اعتداءات إسرائيلية، فهي لا تتحرك سياسيا لوقف إسرائيل، ولا تشعر أصلا بعاطفة دينية تجاه المسيحيين، وكل ما يهمها هو إسرائيل، بما يعني ان هذه المعركة باتت معركة اهل القدس، ومن فيها، فلا العربي الفلسطيني المسلم، عليه ان يتوقع دعما من احد سوى الدعم المعنوي، ولا العربي الفلسطيني المسيحي عليه ان يتوقع دعما من احد، كذلك، فالكل يقف متفرجا بشكل او آخر.
جماعات الهيكل اليهودي تحشد من اجل يوم الثامن والعشرين من رمضان الذي يصادف العاشر من أيار، من اجل اقتحام المسجد الأقصى، والتحشيد من اجل اقتحامه بأعداد كبيرة تصل الى آلاف المتطرفين، وهذا يعني ان يوم الاثنين ما قبل عيد رمضان، سيكون يوما صعبا جدا، وربما يوما دمويا، في القدس، خصوصا، ان المتطرفين يعتبرون انتصار المقدسيين في موضوع باب العامود قبل أيام، انتصارا يجب ألا يمر، ويرون ان الثأر من الانتصار الذي حققه المقدسيون لا بد ان يكون في الثامن والعشرين من رمضان.
يحدد المتطرفون يوم الثامن والعشرين من رمضان، باعتباره يوم القدس لديهم، او يوم توحيد القدس، ولهذا دعا الناطق باسم ما تسمى منظمات المعبد مناصريه لاستعادة المعنويات، مؤكداً أن المسجد الأقصى سيكون مفتوحاً للاقتحام ما بين الساعة السابعة صباحا وحتى الساعة الحادية عشرة من يوم الاثنين العاشر من أيار، أي الثامن والعشرين من رمضان، وقال الناطق ذاته في دعواته للمتطرفين.. "انشروا الدعوات في الكنس والمدارس الدينية، أخبروا عائلاتكم، وزملاءكم في العمل، انشروا وادعوا للاقتحام لنكون بالآلاف، حتى نستعيد فيه جبل المعبد من العرب، ونؤكد من جديد أن جبل المعبد بأيدينا، العرب بانتصارهم عند باب العامود، لكنهم في الحقيقة لم ينتصروا، نتنياهو تراجع أمامهم، لكننا إن تجمعنا بالآلاف في جبل المعبد في يوم القدس فلن يتمكنوا من الانتصار من جديد”.
هذا يعني ان يوم الثامن والعشرين من رمضان، سيكون يوما، غير مسبوق، خصوصا، ان المقدسيين يحشدون بالمقابل، ويطالبون كل من يتمكن من الفلسطينيين من التواجد في المسجد الأقصى، منذ مساء الاحد السابع والعشرين من رمضان، أي التاسع من أيار، حتى لا يأتي المتطرفون والمسجد الأقصى فارغا، خصوصا، ان يوم الاثنين أيضا، يوم عمل، وقد يؤثر ذلك على اعداد المقدسيين في الحرم القدسي، لكن التحشيد يجري بسرعة، في وجه هذه الجماعات، التي تظن ان الاعتداء على هوية المدينة، والمسجد الأقصى، امر عادي.
إسرائيل تريد شطب هوية القدس، الإسلامية والمسيحية، وهي تنفذ مخططات خطيرة، عبر كل هذه الإجراءات، ولا تتوقف، وتستهدف الكل، مسلمين ومسيحيين، في صراع ديني، ليس جديدا، خصوصا، ان كل المشروع الإسرائيلي قائم على جوهر ديني، يرفض أي هوية غير هويته، ومن هنا يقال ان على دول كثيرة في العالمين العربي والإسلامي، والدول الغربية، ان تتحرك لمنع إسرائيل، من مواصلة هذه المخططات، بدلا من التفرج على ما يجري.
اثبت المقدسيون قدرتهم بعيدا عن أي دعم قد يتم التعبير عنه، على الوقوف في وجه إسرائيل، وربما لا تدرك إسرائيل انها لا تتعامل مع مجرد سكان للمكان، ولا قدرة لها على فرض شروطها في القدس، باعتبار المدينة مجرد متحف اثري قديم، فالأزمة هي ازمة الاحتلال، أولا وأخيرا، وهذا ما سنراه في العاشر من أيار.