إعمار غزة والمناورة السياسية السامة ..!
الشريط الإخباري :
كتب : حسن عصفور
ما قبل أن تصل مصر الى عناصر وقف إطلاق النار للحرب الأخيرة بين دولة الكيان وفلسطين، سارعت الولايات المتحدة الأمريكية، للبدء بحملة سياسية حول "شروط" المساعدات الإنسانية وإعادة إعمار قطاع غزة.
الهدف الأساسي لتلك الحملة الأمريكية، ارتبط بتقييم سياسي لليوم التالي من وقف إطلاق النار، لم يكن سريا أبدا، حيث حددت بضرورة خلق آلية لذلك تقوم على إيصال تلك المساعدات الى أهل قطاع غزة، شرط ألا يصل الى حركة حماس، كي لا تعيد ترميم قاعدتها التسليحية.
بالتأكيد، لا يمثل ذلك الموقف الأمريكي، مفاجأة سياسية أبدا، رغم التحول الكبير في الراي العام داخل الولايات المتحدة، وإعلامها، تجاه نقد قد يبدو جديدا للكيان العنصري، وكان قمة ما صدر ليس التقارير الإعلامية عما حدث خلال الحرب العدوانية، خاصة قصف منازل مدنيين وأبراج ضمت مكاتب صحفية، بينها وكالة أمريكية، لكن تقرير منظمة هيومن رايتس ووتش، الذي قدم معلومات تفصيلية عن عنصرية الكيان، وجرائم الحرب التي ارتكبها، وحق الفلسطينيين في دولتهم.
الإدارة الأمريكية، حاولت بتلك الحملة المبكرة والنشطة جدا، أن تحاصر البعد السياسي الذي أنتجته الحرب الأخيرة، ورد الفعل الفلسطيني، خاصة وأن حركة حماس كانت القوة الرئيسية في الفعل الأخير، ما أعاد لها حضورا مختلفا عما كان.
وبعيدا عن كيفية إدارة حماس السياسية لليوم التالي، فالموقف الأمريكي والأوروبي، لا يمكن له أن يستقيم أبدا، فلا فصل هنا بين قطاع غزة وتقديم المساعدات بشقيها الإنساني والإعماري، دون توافق موضوعي مع حركة حماس، أي كانت "المبررات"، ومن يعتقد بذلك، او يحاول ذلك فالنتيجة واحدة، لا مجال أبدا.
وكي لا تقع السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس في فخ سياسي جديد، والموافقة على الآلية الأمريكية، ما قد يؤدي الى تعزيز الانفصالية السياسية، عليه أن يرفض أي محاولة بحصار حركة حماس، وأن تترك مسألة البحث في آلية إعادة الإعمار والمساعدات الى الجانب الفلسطيني، لترتيبها وفقا للمصلحة الوطنية، وعبر طرق تنال توافقا، وليس عزلا.
حتما، سيكون من بين مهام الوزير الأمريكي في زيارته الى مقر المقاطعة ولقاء عباس، هو تمرير تلك "المناورة السياسية السامة"، بأغلفة متعددة، وهي بالحقيقة لا ترمي سوى لإرباك المشهد الفلسطيني، المصاب أساسا بارتباك لا بعده، نتيجة مواقف الرئيس وسلطته الأخيرة.
على الرئيس عباس، ان لا يجر الى مناورة هدفها سياسي بامتياز، وعليه أن يعود بالذاكرة الى ما كان بعد قرار شارون بالخروج من قطاع غزة من طرف واحد، وتلاها مباشرة ضغط أمريكي غير تقليدي لتمير "مؤامرة الانتخابات" 2006، دون أي قواعد سياسية بين فلسطين والكيان، كي لا تكون انتخابات "توطين" الحكم الذاتي الانتقالي، ورضخ الرئيس عباس الى تلك الضغوط فوقع في فخ أحد أخطر المؤامرات على الشعب الفلسطيني.
والأحداث لا تعود بشكلها، ولكن بجوهرها ألا تستقيم الحالة الفلسطينية سياسيا، ولذا بدا العرض، مساعدات وإعادة إعمار مقابل حصار حماس أو تقليم "أظافرها العسكرية" خدمة لدولة الكيان، وتعويضا عما اصباها من هزة سياسية لن تزول سريعا، ما لم يكون البعض الفلسطيني قاطرة لتلك المناورة السامة.
ليكن رد الرئيس عباس وفريقه، ان آلية البناء والإعمار وتمرير المساعدات يجب أن تكون فلسطينية وبتعاون وتنسيق مع الأمم المتحدة، دون شروط سياسية، غير ذلك فعلا تكميليا للفعل الانقسامي.
هي فرصة سياسية للرئيس عباس وحركة فتح (م7)، قبل غيرهم لتبيان مشهد فلسطيني جديد، وإزالة كل ما لحق بهم خلال الـ 11 يوما من آثار لا تبدو سارة أبدا لتاريخ قائدة الثورة الفلسطينية، فحذار من السقوط في فخ أمريكي جديد.
ملاحظة: تصريحات رئيس حركة حماس هنية عن نيته مناقشة أردوغان في مسالة ترسيم الحدود البحرية بين فلسطين وتركيا، أوقعته في المحظور الوطني مبكرا جدا...نصيحة الى قيادة الحركة اعتذروا عن هذا الهراء السياسي!
تنويه خاص: إعدام قوات الاحتلال للشاب أحمد الفهد على بعد أمتار من مقر الرئيس عباس، إهانة سياسية كبيرة، من أجل كرامة الرئيس عليه يعلن إدانته الشخصية والرسمية...ومعاقبة مسؤولي أمنه الذي تفرجوا على عملية الإعدام!