الوزير في عمان بلا مشروع سياسي

{clean_title}
الشريط الإخباري :  
ماهر أبو طير

هذه ليست أول مرة يزور فيها وزير خارجية أميركي، الأردن، أو دول المنطقة، والوزير انتوني بلينكن الذي سيكون في الأردن، اليوم، يأتي حاملا الملف القديم الجديد.
بعد الذي شهدناه في عهد الإدارة الأميركية السابقة، من ممارسات ضد الشعب الفلسطيني، بشكل أعمى، في ظل انحياز غير مسبوق لإسرائيل، جاءت الإدارة الأميركية الجديدة التي انشغلت بعشرات الملفات المختلفة، والشرق الأوسط، ليس ملفاً وحيداً لدى الإدارة في واشنطن، بل جرت العادة ان يتم تأخير ملفات المنطقة، الى شهور ما بعد تسلم الرئيس الجديد لمهماته في الولايات المتحدة الأميركية، خصوصا، ان الملفات الداخلية اكثر أولوية.
وزير الخارجية الأميركي الذي سيكون في عمان اليوم، وبرفقته مدير الاستخبارات الأميركية، لن يأتي بجديد، بل سيعبر كما هو معروف عن موقف واشنطن مما يسمى الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ورغبة واشنطن بعودة المفاوضات، وقيام دولة فلسطينية، وضرورة انعاش غزة اقتصادياً، وإعادة اعمار القطاع، واهمية نبذ العنف، وحماية الأبرياء، وهي خلاصات سبق ان سمعناها من كل الرؤساء الاميركيين ووزراء الخارجية في الولايات المتحدة الأميركية.
حتى لا تكون جولة الوزير التي تشمل إسرائيل، ومصر، مجرد جولة لتحسين سمعة الإدارة الأميركية، في المنطقة، او جولة علاقات عامة، فلا بد ان يفهم الوزير مسبقا، الخطوط التي تتجاوزها إسرائيل كل مرة، من عدم قبولها قيام دولة فلسطينية ناجزة ومكتملة، والاعتداءات في القدس وعلى المسجد الأقصى، بما يمس الفلسطينيين والوصاية الأردنية، ورفض إسرائيل التنازل عن القدس الشرقية، واستحالة بدء مفاوضات سلام، في ظل تمسك المشروع الإسرائيلي بالضفة الغربية، وغور الأردن، وإصراره على بقاء المستوطنات وغير ذلك.
لماذا يأتي الوزير اذا لم يكن لديه تصور محدد للقضية الفلسطينية، والكل يدرك في المنطقة ان كل الإدارات الأميركية الديمقراطية والجمهورية، بقيت منحازة لإسرائيل، بل انها اشترت الوقت لصالح إسرائيل التي واصلت مشروعها في فلسطين، دون ان تأبه بواشنطن، ولو كانت الإدارة الحالية لديها العزم لتغيير مسار الاحداث، لأعلنت عن الغائها اعتراف الرئيس السابق، بالقدس كلها عاصمة لإسرائيل، وهذا حد ادنى من باب اثبات حسن النوايا تجاه المنطقة .
هذه هي الجولة الأولى للوزير في المنطقة، وكل ما يهم الإدارة الأميركية الآن، خفض الخطر الإيراني، بمعايير أميركية قد لا تقبلها إسرائيل ذاتها، اما الملف الفلسطيني فقد يكون فرق حسابات في المنطقة، على أساس استبدال الملفات، أي جعل الملف الإيراني هو الأولوية، والفلسطيني هو الثاني، خصوصا، ان الاحتلال سيحاول ان يثبت لواشنطن ان هناك جماعات لإيران في غزة، تمولها وتدربها وتنفق عليها، وانها وكيلة لطهران، قصفت الاحتلال، من باب إعادة خلط الأوراق، وتخفيف الضغط عن الإيرانيين، في توقيت التفاوض على الملف النووي الإيراني، وفي ظلال الكلام عن ضربة إسرائيلية كبرى كانت متوقعة لإيران هذه الأيام، لولا ان الاحداث في فلسطين، اعادت خلط كل الأوراق مجددا، وفتحت جبهة مخاوف خصوصا، بعد الصواريخ التي تساقطت من لبنان وسورية، على الاحتلال، وهي رسائل تقول الكثير.
هذا يعني ان جولة الوزير ستكون فاشلة، فهو يأتي في سياق جولة علاقات عامة، ليثبت ان واشنطن غير منحازة، وان لديها تصورا لحل القضية الفلسطينية، وعلى الأرجح سوف تغادر الإدارة موقعها مثل غيرها، قبل ان تحقق شيئا، كما ان الإدارة الحالية ستجعل تركيزها على الملف الإيراني، وكل ما يهمها هو تهدئة الأوضاع في فلسطين خلال الفترة المقبلة، بشكل عام.
سوف يغادر الوزير المنطقة، وسوف يسمع الكثير من الاحتلال، ومن مصر، والأردن، وسيعيد ذات القوالب الجامدة التي تستعملها الخارجية الأميركية حول قضايا المنطقة، وسوف يتعهد بالعودة الى المنطقة، على أساس تصور من اجل اطلاق مفاوضات السلام مجددا، في ظل مشاكل وازمات إسرائيلية على صعيد تشكيل الحكومة، والانتخابات الخامسة المحتملة، ولن تحقق الجولة أي انجاز، كونها تمت فقط لتأكيد اهتمام واشنطن بقضايا المنطقة دون منع التغول الإسرائيلي، وتركيز الأنظار فقط، على المشروع الإيراني، باعتبار ان طهران هي رأس البلاء، واساس الازمات في كل المنطقة، مباشرة، او عبر وكلائها في اكثر من دولة.
لقد رأينا الكثير من الوجوه في المنطقة، وغادرت دون أن تنجز شيئا.
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences