حملة إسقاط الرئيس عباس...مسار مضلل!
كتب حسن عصفور/ أطلقت مجموعة من الأسماء، وخاصة أبناء الخارج الفلسطيني، حملة مفاجئة تطالب باستقالة / إقالة الرئيس محمود عباس من مناصبه كافة، في خطوة فتحت الجدل عما وراء تلك "المطالبة"، مضمونا وتوقيتا وأطرافا وهدفا...
ودون البحث عن "نوابا الموقعين" او المستجيبين لتلك الدعوة، وربما غالبهم محكوم بنتائج "العهد العباسي"، الذي سجل مسلسلا من الانتكاسات الوطنية، أصابت القضية الوطنية بما أوصلها الى لحظة الانهيار لكل منجزات الثورة والمنظمة وغضب الشعب، بما فيها تأسيس أول سلطة وطنية – كيانية فلسطينية فوق أرض فلسطين عبر التاريخ، باتت أقرب لأن تكون دولة كاملة، بعد أن أصحبت عضوا مراقبا في الأمم المتحدة، كان للرئيس عباس نفسه الدور المركزي في ذلك المنجز الكبير.
فتح باب "الحساب الوطني" لو حقا يراد به "تصويبا سياسيا"، لا يمكن أن يختصر بدعوة ضد فرد أي كانت مكانته، بل يجب أن يطال النظام بكل مكوناته، سلطتين وقوى ومؤثرات مساعدة، أدت الى النكبة الانقسامية التي كانت هي، وقبل غيرها سببا رئيسا في النكبة الكبرى الثالثة، التي تعيشها فلسطين القضية والشعب، وفتحت الباب واسعا أمام استفحال المشروع التهويدي في الضفة والقدس، بعد أن كانت مفجرا لأطول وأوسع مواجهة عسكرية – شعبية في تاريخ الصراع بين السلطة وأجهزتها الأمنية، وفصائل العمل الوطني، بقيادة الزعيم الخالد المؤسس الشهيد ياسر عرفات.
مناورة استغلال الحرب العدوانية الأخيرة، وما رافقها من رد صاروخي وآثارها السياسية على دولة الكيان، للمطالبة باستقالة / إقالة الرئيس عباس، هي هروب صريح من الحقيقة الأهم، لتطوير النظام وإعادة البناء ليتوافق مع المستجدات السياسية – التنظيمية، دعوة لا تتماثل مطلقا مع جوهر المعركة التصحيحية.
الدعوة، تمثل "انحرافا" عن نقاش ما بعد زلزال الـ 11 يوما، الذي أحدث هزة سياسية كونية نحو فلسطين، وكأنها تبحث "سرقة الضوء" من المنجز الكبير لتقزيمه بمطلب لا قيمة له جوهريا في مسار التصحيح، عدا أنها فتحت الباب لغير الوطنيين لاستغلالها بشكل يضر بالمسألة الوطنية، وتعمل على ترويجها، خاصة دولة الكيان العنصري، التي تعمل بكل السبل على التشكيك بوجود "شرعية فلسطينية"، أي كان درجة ارتعاشها، ورغم انها تبدو "رسميا" مساندة لمكانة الرئيس عباس.
تقديم عريضة "استقالة / إقالة الرئيس عباس"، تمثل رسالة استفزاز سياسي لقواعد الفصيل الأهم فلسطينيا، وقائدة الثورة والكيانية المعاصرة، حركة فتح، بكل مكوناتها، خاصة وأنه مطالبات لخصت الأزمة الكبرى بشخص الرئيس وهو رئيس فتح أيضا، دون أن ترى العيوب الجوهرية لشركاء "الجريمة الوطنية"، ما يضعها تحت دائرة الشك، بأن أمرها ليس إصلاحا، وصوابا.
سياق "مبادرة الإقالة / الاستقالة" يستبق الدعوة الى حوار وطني شامل يضع قواعد التغيير ضمن توافق، يفتح الباب لبناء منظومة سياسية "مؤقتة" تقود مرحلة فك الارتباط الكلي مع دولة الاحتلال، وفتح الباب لإقامة دولة فلسطين في الضفة والقدس وقطاع غزة، ضمن قرار 19/ 67 2012.
ولو تجاهلنا كل ما سبق، كيف يمكن اجبار حركة فتح على تنفيذ "رغبة الموقعين"، في حال رفضت، وكيف سيكون الرد عليها، وهل تمثل تلك "الرغبة الخاصة"، رفضا لمسار اللقاء الوطني لتعديل قواعد العمل الفلسطيني، وهل هناك "طرق سرية" قادرة على تقديم "حل سحري" خارج تلك الدعوة.
الرصاصة التي تطلق في غيرها زمانها ومكانها تحدث تشويشا ضارا قد تخدم من يراد "قنصهم"...والتاريخ أغنى كثيرا من لحظات "انفعالية" دون الذهاب الى ما هو أبعد!
ملاحظة: بيان مشيخة الأزهر حول هوية "البراق" تمثل الرسالة الأهم منذ معركة الخالد أبو عمار في قمة كمب ديفيد، ودفع حياته ثمنا لها...رسالة للبعض الفلسطيني قبل اليهودي...فهل يدركون!
تنويه خاص: حملة اعتقالات أجهزة الرئيس عباس ضد معارضيه تكشف ارتعاشا دون مبرر...ليش الخوف وأنتم عارفين البير وغطاه...الضفة مش غزة والباقي عندكم!