أنا مباراة كرة القدم
الشريط الإخباري :
أشعر أحيانًا أنني لعبة "كرة القدم" كلّها؛ أنا المباراة بكلّ تفاصيلها.. أنا الفريقان والاحتياط..أنا الحكم والصافرة.. وأنا الجمهور المقسوم بيني وبيني..!
أنزل للملعب وحدي..أضع الكرة على السنتر..أصفِّر كي أبدأ..أشوت الكرة..وأركض وراءها..ثم أسبقها وأصبح أمامها كأنني الخصم..آخذها مني..أفرح لأنني نجحت..أركض للمدرجات..أهتف لي وأشجعني..ثم أذهب لمكان الجمهور الخصم أشتمني وأهتف ضدي..أواصل مراقبة الخطوط لأنني هناك أراقبني.. ثم أدخل الملعب ثانية وأسرح وأمرح بالكرة..أشوتها كأنني رأس الحربة..وأصدّها كأنني مدافع..لا يشغل بالي لحظتها إلاّ الفوز عليّ..أريد أن أسجل هدفاً..هدفاً فقط..والمهمة التي تكاد تكون مستحيلة: كيف أشوت الكرة وأسددها للمرمى وبنفس اللحظة أطير للمرمى وأصبح حارساً له لأصدّها.. لا أستطيع ذلك..!
لذا؛ دوماً أنا أمام خيارين لا ثالث لهما..أما أكون الحارس ولا يأتي أحد ليصوّب الكرة تجاهي وتبيخ اللعبة و تصبح مملة..أو أكون كل شيء في اللعبة عدا الحارس وأصوب أهدافي على مرمى بلا حارس.. وهذا أقل مللاً مع أن اللعبة مكشوفة والأهداف باطلة وأنا فيها الخصم والحَكًمُ..!
هذه ليست مباراة فقط في كرة القدم..هذه حياتنا جميعاً.. لا توجد هكذا مباريات إلاّ في عقولنا..لذا عشنا العمر نلاعب أنفسنا ولا نسجّل أهدافنا إلاّ بنا..ونحن جمهورنا ونحن الحكم الذي يرفض أن يطلق صافرة النهاية للآن مع أن المباراة انتهت بشوطها الاصلي قبل عشرات السنين. ونرفض أن نتخلى عن مباراة الوهم كي نستعد لمباراة واحدة حقيقية لأننا لا نريد أن نرىد الهدف الحقيقي في مرامي الكون الكثيرة..!
*كامل النصيرات*
المقال المنشور اليوم في جريدة الدستور
للتواصل على الواتس (0799137048)