قوانين اقتصادية مبعثرة

{clean_title}
الشريط الإخباري :  
سلامة الدرعاوي

من يصدق أن اقتصادا بحجم وشكل الاقتصاد الأردني يمتلك من التشريعات الاقتصادية التي تجعل من المستثمر حيران في قراره الاستثماري أو حتى القدوم للمملكة.
هنا في الأردن لدينا منطقة اقتصادية خاصة بالعقبة، لها قوانينها وأنظمتها التي في غالبيتها بمعزل عن كُل محافظات المملكة، لدرجة انك تشعر أنها خاصة في كُل شيء، علما ان ما تتضمنه من أنشطة اقتصادية واستثمارية بمختلف أشكالها موجودة في باقي المحافظات وتحديدا في العاصمة عمان.
الاقتصاد الأردني لديه قوانين خاصة بالمناطق التنموية تحديدا في عمان والمفرق وإربد وعجلون والبحر الميت وغيرها من المناطق التي تتمتع هي الأخرى بقوانين خاصة تعطي حوافز ضريبية وجمركية للمستثمرين فيها بشكل مغاير للأنشطة الاقتصادية المتواجدة في باقي أنحاء المملكة.
أيضاً لدينا في الأردن مناطق حرة، بقوانين خاصة كذلك تعطي حوافز وتسهيلات للمنشآت التي تعمل هناك، وباستثناءات غير موجودة عن باقي مناطق المملكة.
فوق ذلك كُله، لدينا في الأردن قانون هيئة الاستثمار الذي يحدد هيكل الإعفاءات والإجراءات التي يتطلب من أي مستثمر القيام بها والحصول عليها بغرض تشجيعه على الاستثمار في المملكة، وهو قانون يملك صلاحيات مرنة أيضاً في منح التسهيلات والحوافز ونقلها لمجلس الوزراء للتنسيب فيها.
هذه الخريطة الاستثمارية المبعثرة في المملكة، لا يمكن أن تخدم الاقتصاد الوطني بالشكل السليم، فالأردن ليس بحاجة إلى هذا الكم من المناطق الخاصة والحرة والتنموية وغيرها من المسميات، فقد تكون هذه مناسبة لدول كبرى بمساحات عشرات أضعاف المملكة، اما الاقتصاد الوطني فهو بأمس الحاجة إلى تبويب هذه الخريطة ضمن هيكل استثماري واحد ومركزي يتناسب مع حجم الاقتصاد الوطني، دون ان يضع المستثمر في حالة تشتت ذهني من تعدد أشكال وهياكل الاستثمار في المملكة.
هذه التعددية في التشريعات الاستثمارية والمناطق الاقتصادية تشكل عائقاً حقيقياً في توسيع القاعدة الاستثمارية، فما حدث من مشاريع في العقبة خاصة في القطاعات السياحية واللوجستية، كان بإمكانه ان يحدث حقيقة بدون قوانين خاصة بالرجوع إلى جهة ومرجعية واحدة تمتلك صلاحيات منح التسهيلات والحوافز، فإقامة فندق لا تتطلب قانونا خاصا لذلك، بل تتطلب تعليمات تحدد الحوافز والتسهيلات.
بعض الهياكل الاستثمارية والقوانين الاقتصادية ساهمت في تشويه العملية الاستثمارية، وكان لها دور كبير في زيادة معدلات التهريب، مما أضعف الأسواق، وأضر ببيئة الأعمال التنافسية على الصعيد المحلي، وأفقد الخزينة للكثير من الموارد المالية التي كان بإمكانها ان تحصل عليها لولا التهريب سواء الجمركي أم الضريبي المنتشر بسبب تلك المناطق والتشريعات كما هو حاصل في العقبة الخاصة والمناطق التنموية.
الدولة بحاجة إلى شكل واحد من التشريعات الاستثمارية الاقتصادية، وليكن كُل الأردن منطقة خاصة وتنموية، وتمنح الإعفاءات والتسهيلات على نوعية المشروع لا المنطقة الجغرافية، حتى يتمكن الاقتصاد من إزالة التباينات الاستثمارية المشوهة في المملكة، فالأساس هو عوامل جذب الاستثمار تتركز في سيادة القانون والتشريعات المناسبة والموحدة للعملية الاقتصادية والواضحة للمستثمر، ووجود قوى عاملة مؤهلة وبناء اقصاد معرفي، وبيئة مشجعة وجاذبة للأعمال وإيجاد فرص استثمارية متنوعة ذات عائد استثماري مرتفع في القطاعات المختلفة مثل الدوائية والمخبرية والسريرية، والطاقة والمياه، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والسياحة والسياحة العلاجية، والمشاريع الكبرى، وان تدار العملية وفق استراتيجية استثمارية واحدة وشفافة لا لبس فيها ولا تعقيدات إدارية أو قانونية تعمل على تعزيز تنافسية بيئة الاعمال، مما يحقق تنمية اقتصادية مستدامة موزعة على محافظات المملكة، وتمتلك هذه الاستراتيجية من خلال أدواتها التي يجب أن تناط فقط بهيئة الاستثمار على توجيه الاستثمارات إلى خارج العاصمة والاستفادة من علاقات الأردن الاقتصادية والتجارية الثنائية والإقليمية والدولية متعددة الأطراف، في هذه الحالة سيكون المشهد الاستثماري في المملكة أكثر وضوحاً وجاذبية وتميزاً وإقبالا من المستثمرين والشركات.
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences