أحمد جبريل.. رحيل “رجل المفارقات”
الشريط الإخباري :
رام الله: توفى أحمد جبريل، أمين عام الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين-القيادة العامة، الأربعاء، عن 83 عاما، بعد رحلة طويلة في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، غلبت عليها "البندقية” ورفض التسوية.
وقالت الجبهة، في بيان: "ننعي إلى أمتنا العربية والإسلامية وإلى أحرار العالم وجماهير شعبنا البطل في فلسطين، المجاهد الأمين العام أحمد جبريل (أبو جهاد)، الذي أفنى عمره في خدمة فلسطين والجبهة وبقي على عهده وقسمه”.
ووفق قيادي في الجبهة، طلب عدم نشر اسمه، فإن جبريل توفى في مستشفى "دمشق” بالعاصمة السورية؛ جراء "تدهور مستمر في حالته الصحية منذ 3 شهور”.
ورجح المصدر، في تصريح للأناضول، أن تُجرى مراسم تشييع جثمانه في مقبرة مخيم "اليرموك” جنوبي دمشق، الخميس.
الميلاد والنشأة
ولد جبريل عام 1938 في قرية "يازور” الفلسطينية شرقي مدينة يافا، والمهجرة إبان نكبة قيام دولة إسرائيل، عام 1948، على أراضٍ فلسطينية محتلة.
ومُنحت أسرته الجنسية السورية؛ لأن أمه سورية، بينما والده فلسطيني.
وحتى سن العاشرة، نشأ جبريل في قريته، ولم ينس أبدا مداهمات الجيش البريطاني لقريته خلال الانتداب (الاحتلال بين 1920-1948)، قبل أحداث النكبة التي اضطرته للهجرة، وفق مقابلة مع قناة "الجزيرة”، في 2005.
السياسة والسلاح
درس المرحلة الثانوية في دمشق، وحصل على شهادتها عام 1956، ثم التحق بالكلية الحربية في القاهرة، وتخرج منها عام 1959.
بعد تخرجه، عمل ملازما، ثم ضابطا في سلاح الهندسة بالجيش السوري، حتى تسريحه منه عام 1963.
وخلال دراسته الجامعية في القاهرة، انخرط جبريل في العمل السياسي، ونَشِطَ في رابطة الطلبة الفلسطينيين.
وكان لخلفية أخواله السياسة في سوريا تأثيرا عليه، ولاسيما وأن بعضهم استُشهد وسجن زمن الانتداب الفرنسي.
مسيرة الجبهة
بعد انتهاء خدمته في الجيش السوري، أسس جبريل، في 1959، "جبهة التحرير الفلسطينية”، متأثرا بجبهة التحرير الجزائرية التي قاتل في صفوفها ضد الاستعمار الفرنسي (1830-1962).
واتحدت جبهته مع حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)، في 1965، لكن سرعان ما انفك الاتحاد، وأسس "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين”، عام 1967.
ولم تطل التجربة الجديدة طويلا، فسرعان ما انفصل عن الجبهة، وأسس "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين -القيادة العامة”، في 1968، كحركة قومية يسارية أصبح أمينها العام لمدة 53 عاما حتى وفاته.
قتال وتبادل للأسرى
في 1978 و1982، عايش جبريل اجتياح جيش الاحتلال الإسرائيلي للبنان، وأسرت جبهته جنديا إسرائيليا، عام 1978، و3 آخرين في 1983.
وأشرف على صفقتين لتبادل الأسرى بين جبهته وإسرائيل، وهما: "النورس” عام 1979، وأُطلق بموجبها سراح 76 أسيرا فلسطينيا مقابل الجندي الأول.
أما الصفقة الثانية فهي "الجليل” عام 1985، وشملت 1150 أسيرا مقابل الجنود الثلاثة الآخرين.
كما نفّذت الجبهة عمليات عسكرية ضد أهداف إسرائيلية، بينها عملية "الخالصة” قرب مستوطنة ” كريات شمونة” (شمالي إسرائيل)، عام 1974، وهم من تنفيذ 3 من مقتلي الجبهة، هم فلسطيني وسوري وعراقي.
تحالفات وخلافات
ارتبطت سيرة جبريل بتحالفه الإستراتيجي مع سوريا وليبيا وإيران، وبصراعه مع قيادة منظمة التحرير الفلسطينية.
ومرت تجربته في سوريا بمد وجز، فمن الخدمة في جيشها، إلى الزج به في سجونها أعوام 1962، 1964، 1966.
وفي 1993 غادر لبنان عائدا إلى سوريا، ثم انتقل إلى إيران، عام 1996، وبعدها عاد إلى سوريا مجددا في 2002.
ووصلت علاقاته بمنظمة التحرير حد المواجهة المسلحة معها في لبنان عامي 1983و 1985.
بعدها، وتدريجيا عاد إلى المشاركة في لقاءات المصالحة الفلسطينية، ووقع على وثيقة المصالحة الوطنية المنبثقة عن اجتماع القاهرة عام 2011.
وتعذرت مشاركته في اجتماع الأمناء العامين للفصائل الفلسطيني، في سبتمبر/أيلول 2020، لأسباب صحية.
محاولات اغتياله
تعرض جبريل لمحاولات اغتيال واختطاف عديدة من جانب فرقاء الساحة اللبنانية، من فلسطينيين ولبنانيين وعرب، ومن المخابرات الإسرائيلية.
كما نجا من الاعتقال بعد اختطاف إسرائيل طائرة كانت متجهة من ليبيا إلى سوريا عام 1986، حيث اعتذر عن عدم الانضمام لهذه الرحلة في اللحظات الأخيرة، وفق شهادته لـ”الجزيرة”.
وفي 2002، اغتال الاحتلال الإسرائيلي في بيروت نجله "جهاد”، قائد الجناح العسكري للجبهة، بتفجير سيارته.
وتصنف كل من الولايات المتحدة الأمريكية وكندا والاتحاد الأوروبي على أنها "منظمة راعية للإرهاب”.
وواجه جبريل انتقادات عديدة، فمنذ 2011، انحاز للنظام السوري ضد الثورة الشعبية، بل وشاركت جبهته في قتال ضد فصائل الثورة.
ومع تحالفاته وخلافاته المتقلبة، وصف البعض جبريل بـ”رجل المفارقات”.
وحتى وفاته، ظل جبريل مناوئا لنهج التسوية والمفاوضات مع إسرائيل، الذي تبنته منظمة التحرير، ولم يسفر حتى الآن عن قيام دولة فلسطينية.
(الأناضول)