أزمة كوفيد في تونس زادت من دبلوماسية اللقاح
الشريط الإخباري :
تحت عنوان "الدول العربية تدفع باللقاحات إلى تونس في معركة (وكالة) على التأثير”، نشرت صحيفة "واشنطن بوست” تقريرا أعدته شيبونا أوغريدي قالت فيه إن انتشار فيروس كورونا المفاجئ في تونس دفع الدول العربية الأخرى لزيادة إمدادات اللقاحات والمساعدة الطبية في وقت يحاول فيه القادة في المنطقة استعراض عضلاتهم وكسب النوايا الحسنة.
ويعكس الرد الذي جاء في وقت ظهرت فيه ملامح الانهيار على النظام الصحي التونسي، مستوى نادرا من التضامن الإقليمي ولكنه سمح لقوى الشرق الأوسط إظهار قدراتها.
وقالت سارة يركيس، من وقفية كارنيغي للسلام العالمي "لديك معركة بالوكالة للعالم العربي يخوضها في تونس عبر دبلوماسية اللقاح والدعم الأجنبي أيضا”.
ولم تسبق دولة في تقديم اللقاحات السعودية التي ردت هذا الأسبوع بأنها سترسل مليون جرعة إلى تونس مع إمدادات طبية أخرى. أما الإمارات العربية التي بدأت بتصنيع اللقاحات فقد قامت بإرسال نصف مليون جرعة، فيما أرسلت الجزائر، جارة تونس 250 ألف جرعة. كما وأعلنت دول عربية أخرى مثل المغرب وقطر ومصر عن إرسال معدات طبية بما في ذلك المستشفيات الميدانية.
وقالت الصحيفة إنه لم يتم الإعلان عن القائمة من اللقاحات التي تم التعهد بها، لكنها قد تأتي من عدة شركات مصنعة لها، والتي تعتمد على كل دولة متبرعة. وحتى وقت قريب كانت الدول التي صنعت اللقاحات مثل الولايات المتحدة والصين وروسيا قادرة بسهولة على استخدام اللقاحات كوسيلة في الدبلوماسية. لكن "المشكلة الآن ليس في إنتاج اللقاح ولكن القدرة على شرائه، والسعودية قادرة على هذا” كما يقول المحلل التونسي أسامة هلال و”هذا نوع من التظاهر”.
وقالت إلهام فخرو، المحللة في برنامج دول الخليج الفارسي بمجموعة الأزمات الدولية إن الأزمة التونسية تمثل للسعودية فرصة "لإعادة تأكيد دورها، وتحديدا في قطاع الإغاثة والعمل الخيري الذي ظلت تقليديا فخورة به” ولأنها حققت تقدما في تطعيم سكانها فإنها "تقوم بتوسيع مساعدتها إلى دبلوماسية كوفيد، على ما أعتقد”.
الأزمة التونسية تمثل للسعودية فرصة لإعادة تأكيد دورها وتحديدا في قطاع الإغاثة والعمل الخيري
ويرى يوسف شريف، المحلل السياسي ومدير كولومبيا غلوبال سنترز في تونس أن المساعدة السعودية المهمة وسط الأزمة التونسية قد تساعد على صقل صورة المملكة في الخارج. فقد تم انتقاد السعودية بعد مقتل الصحافي جمال خاشقجي وللثمن الإنساني الباهظ بسبب حرب اليمن. وقال شريف "الآن هنا دبلوماسية لقاح مكثفة تجعل من السعودية والإمارات محبوبتين وهو ما لم يكن في الماضي”، مضيفا أنه من الباكر لأوانه الحكم على تأثير هذه الدبلوماسية على الرأي العام أو العلاقة الدائمة مع البلد، ومهما يكن "فهو تحرك علاقات عامة كبير من السعودية”.
وترسل السعودية اللقاحات مع أن سكانها لم يتلقوا جميعا اللقاح بشكل كامل. لكن الإمارات، بالمقارنة نجحت في تطعيم كامل السكان. وسجلت تونس أعلى معدلات الوفاة من كوفيد-19 في أفريقيا بشكل يعكس التهديد الضخم الذي يواجه الدول عندما لا تستطيع توفير اللقاحات الكافية، وبخاصة مع انتشار سلالة دلتا.
وحتى منتصف تموز/ يوليو لم يتم تطعيم بالكامل سوى نسبة 6% من سكان تونس البالغ عددهم 11 مليون نسمة. لكن البلد وعد حتى نهاية الأسبوع الماضي بأربعة ملايين جرعة. و”شكرا للتضامن الدولي والدعم من الدول الصديقة والشقيقة” كما قال وزير الصحة فوزي مهدي أمام البرلمان.
وأمنت تونس جرعات من فرنسا التي وعدت بتوفير 800 ألف جرعة بالإضافة إلى 300 ألف من لقاح أسترازينكا عبر تحالف مبادرة منظمة الصحة العالمية "كوفاكس”. وستقدم الولايات المتحدة 500 ألف جرعة عبر كوفاكس، كما أكد مسؤول في البيت الأبيض.
وصادق البنك الدولي على 100 مليون دولار في آذار/ مارس لمساعدة تونس الحصول على اللقاحات. وقالت تونس إنها ستشتري مباشرة 3.5 مليون جرعة من جونسون أند جونسون، واشترت بعض اللقاحات من فايزر. وقال المحلل التونسي محمد ضيا حمامي إن البلد يجد "حركة تضامن شاملة” من كل المنطقة. وقال "لا يوجد لأي بلد عربي مصالح استراتيجية في تونس لكنها لا تريد أن تظهر بمظهر من يتردد بالمساعدة”.
وتعيش تونس أزمة سياسية، كل من الرئيس ورئيس الوزراء في حالة حرب مع بعضهما البعض كما تقول يركيس، وحاول المتنافسون في العملية السياسية الحصول على دعم من القوى الأجنبية. فحزب النهضة أكبر كتلة برلمانية والداعم لرئيس الوزراء حاول الحصول على دعم من قطر وتركيا. أما القوى المعادية للإسلاميين، فقد حاولت منع المساعدات القطرية في مجالات أخرى. فالرؤساء التونسيون غير الإسلاميين حاولوا الحصول على دعم من السعودية التي وعدت بتقديم قرض بـ500 مليون دولار عام 2019.
وفشلت الحكومة التونسية مثل غيرها من الدول النامية ونظامها الصحي الضعيف بمواجهة الوباء. وفي الوقت الذي تعود فيه دول للحياة الطبيعية إلا أن الأطباء في تونس وصفوا في الأسابيع الماضية وضعا كابوسيا.
وقال طبيب (عمره 26 عاما) يعمل في مستشفى منجي سليم في العاصمة تونس إن أعدادا كبيرة من الناس احتشدوا في غرفة الطوارئ وجلسوا على كراس أحضروها من بيوتهم. ولوحت واحدة جالسة بين المنتظرين للطبيب قائلة إن والدها مات على ما يبدو، وقد مات فعلا. وقال "هذا صادم للمريض وللطبيب أيضا”.
وقال طبيب (عمره 25 عاما) يعالج مرضى كوفيد في مستشفى آخر إنهم اضطروا لعدم قبول المرضى في الأسابيع الأخيرة بسبب نقص الأوكسجين ومحاولة توزيع الإمدادات بين المرضى في المستشفى. وتوقع أن يسوء الوضع، فحتى مع وصول التبرعات إلا أن ظهور أثرها على الناس يحتاج إلى وقت.
وفي ظل الأزمة الطبية التي تعاني منها البلاد فأي دافع سياسي وراء التبرعات يظل غير مهم له "من أين تأتي اللقاحات هو آخر ما نفكر به”.