(الطورة).. وحديث عن كيمياء التوبة والتسامح
الدكتور: رشيد عبّاس
كيمياء غريبة عجيبة, كيمياء لم يقف عندها العلماء حتى اللحظة, كيمياء تحدث فجأة بين الإنسان التائب وبين الإنسان المتسامح, كيمياء وضع الله سبحانه وتعالى مختبرها في قلب الإنسان لتنتج هرمون دقيق جداً عجزت عنه مجاهر الدنيا الدقيقة بأسرها ولم تزل, هرمون مكان إفرازه تلافيف القلب.. لم يُكتشف بعد, وليسمح لي علماء القلب التعدي شيئاً ما على حقل اختصاصهم ومجال عملهم والتحدث شيء ما عن هذا الهرمون, فقد تم التوصل إلى مكونات هذا الهرمون من مدرسة الحياة التي خاضها الإنسان على مر العصور, هذا الهرمون, هرمون التائب وهرمون المتسامح, ينشط في البيئات والأجواء والمناخات التي يقترب فيها ألتائب شيئاً فشيئاً من المتسامح لتتشكل عندهم كيمياء جديدة لا يعلم شدة التفاعل فيما بينهم إلا الله سبحانه وتعالى.
كيمياء التوبة والتسامح المتواجدة في القلب والتي ينتج عنها إفراز هرمون التائب وهرمون التسامح كيمياء قديمة قدم البشرية, فقد دخل على مختبرها الحقيقي مع بداية البشرية سيدنا آدم عليه السلام فرحمه الله وتاب عليه..ونجح آدب في ذلك, ودخل لاحقاً على مختبرها إبليس الرجيم فغضب الله عليه وأخرجه من رحمته..وفشل إبليس في ذلك اشد فشل, والجميل هنا أنه ما زالت أبواب مختبراتها مفتوحة على مصراعيها أمام ذرية بني آدم حتى اللحظة, ومقفلة إلى درجة الإغلاق التام أمام ذرية إبليس لعنهم الله إلى يوم الدين.
كيمياء التوبة والتسامح مشهود لها على مدار سنوات مئوية الدولة الأردنية الأولى, وأعتقد جازماً أن الباب مفتوح أيضاً على مصراعيه أمام هرمونات كيمياء التوبة مع دخول مئوية الدولة الأردنية الثانية, وأن تكرار الخطأ والتمادي فيه سيؤدي بالدولة إلى ممارسة (ليس في كلّ مرة تسلم الجرّة), مهما كان وضع الجرة.. فارغة أم مملوءة, فهرمون التسامح له مدة صلاحية معينة, وبعد ذلك قد ينتهي مفعوله ويتعذر تجدده مع نفس الشخص, وكما يقال: (من مأمنه يؤتى الحذر), فالمأمن المأمن هو العودة إلى جادة الصواب, والحذر الحذر من تكرار التمادي والإصرار على نفس الخطأ.
المعارضة الأردنية الخارجية والتي حاد البعض منها عن جادّة طريق المعارضة المعتدلة وذلك بالقدح والذم لمقامات الدولة العليا ورموزها, أعتقد جازماً أن النظام الأردني سيتعامل مع هرمونات كيمياء التوبة بطريقة حضارية بعيدة عن العنف والتجبّر, شريطة أن تكون تلك الهرمونات صادقة صريحة, كيف لا وكيمياء هرمونات التسامح في النظام الأردني أثبتت سابقاً صدقها مع الذين تابوا وتراجعوا عن مواقفهم السابقة وفتحوا صفحات جديدة تجاه الدولة والنظام.
(الطورة) كان معارضاً في الخارج بالأمس, وعاد اليوم مريضاً إلى أرض الوطن, ونقول قبل كل شيء شافاه الله وعافاه من كل مرض, وأعتقد جازماً انه يحمل معه هذه المرة هرمون التراجع والتوبة عن مواقفه السابقة, متمنياً على النظام الأردني أن يقابله بهرمون التسامح, وأن يفتح (الطورة) صفحة جديدة من الثقة المتبادلة بينه وبين النظام الأردني, مؤكداً ايضاً أن كيمياء إفرازات هرمونات التسامح مفتوحة على مصراعيها لدى النظام الأردني أمام جميع الأردنيين المعارضين والمتواجدين في الخارج, كيف لا وأرض الأردن لم ولن تنتج معارضين يصعب على النظام التعامل معهم, في الوقت الذي فيه النظام الأردني المتمثل بالهاشميين صدورهم على مر التاريخ واسعة ومفتوحة للجميع وخالية من كل حقد وضغينة.
وبعد:
لطالما أن مكان كيمياء التسامح هو القلب الهاشمي, وهذا القلب الهاشمي أبوابه مفتوحة (24) ساعة دون رسوم أو طوابع, فلكم يا معشر المعارضة في الخارج أن تبادروا وتخرجوا من قلوبكم هرمونات التوبة والتراجع, لتستقبلها هرمونات التسامح , ولا يسعنا هنا إلا أن نقول: شافاك الله وعافاك مرة أخرى يا أيها (الطورة), فأمام المرض وملحقاته ينبغي أن تتوحد القلوب..