أزمة “خطأ التشخيص” تلاحق وزارة الصحة

{clean_title}
الشريط الإخباري :  
محمد الكيالي

عمان – أكد أطباء متخصصون، أن تشخيص الإصابة هي مسؤولية الطبيب المشرف على الحالة، وأن هذه العملية يجب التنبه لها نظرا لتشابه الأعراض في بعض الأمراض، معتبرين أن "سمعة القطاع الطبي في المملكة باتت على المحك”، في أعقاب تزايد حالات الوفيات جراء التقصير والأخطاء الطبية مؤخرا.
وشددوا على أن هناك أطباء "أظهروا تقصيرا في تشخيص الحالات المرضية وتأخروا باكتشافها، إلا أن وزارة الصحة تقصر هي الأخرى في تأمين البيئة المناسبة أو في تدريب وتأهيل الأطباء المقيمين”، فيما دعوا الوزارة إلى "الاهتمام بالبشر أكثر من الاهتمام بالحجر”.
وجاء حديث الأطباء عقب تسجيل وفاتين لطفلتين جراء انفجار الزائدة الدودية في أحشائهما، مطلع الشهر الحالي، دون أن يتم تشخيصهما بشكل دقيق، إحداهما الطفلة لين أبو حطب (5 أعوام) التي توفيت في مستشفى البشير، والثانية غنى أبو زبيد (5 اعوام) أيضا، التي لقيت حتفها في مستشفى الأميرة رحمة للسبب نفسه.
وفي هذا السياق، قال نقيب الأطباء الأسبق، اختصاصي الأمراض الباطنية الدكتور أحمد العرموطي، إن "من يثبت عليه الخطأ في القضيتين، سيمثل أمام القضاء الذي ينظر حاليا في جميع الحيثيات”.
ولفت العرموطي إلى أن النقابة "لديها مجلس تأديب، يعمل على تنفيذ قانون النقابة من حيث العقوبات التي قد تصل إلى سحب رخصة مزاولة المهنة بشكل جزئي أو كلي وذلك حسب حال كل جرم أو إن كان الخطأ مهددا للحياة”.
وأوضح أنه "في حال تكرار الخطأ لأكثر من مرة، يتم تطبيق نص قانون العقوبات في قانون النقابة، وهي منع الطبيب من ممارسة المهنة بشكل دائم، وهذه الحالة حصلت في السابق”.
وشدد العرموطي على ان "القضاء، غير ملزم بقانون النقابة، وله الحق في اتخاذ العقوبات الرادعة التي يراها مناسبة وفق طبيعة الخطأ الطبي أو الجرم، ومنها السجن أو الغرامات المالية”.
وأوضح أن هناك "محاذير عدة على الأطباء الانتباه لها عند تشخيص أي مريض، منها ضرورة التنبه إلى التشابه في الأعراض التي يشعر بها المريض بين مرض وآخر، وبالتالي على الطبيب أن يكون يقظا في الفحص والتشخيص”.
وشدد العرموطي على أن "أعراض الزائدة الدودية مشابهة لأعراض المغص المعوي أو إلى انسداد الأمعاء، وبالتالي فإن الطبيب المشرف على حالة المريض عليه القيام بإجراء فحوصات أكثر دقة لتحديد نوعية الإصابة بشكل دقيق”.
وحول حالتي الوفاة الأخيرتين، تساءل العرموطي: "هل بذل الأطباء المشرفون على الحالتين الجهد الكافي لتشخيص الإصابة؟”، و”هل استكملوا جميع الإجراءات المطلوبة؟”.
وأكد أن "على الطبيب السير بجميع الإجراءات الروتينية لتشخيص المريض واتباع البروتوكولات الطبية بحذافيرها، كي لا يكون مقصرا أو مهملا، وأن عدم اتباع الإجراءات الصحية كاملة تعرضه للمساءلة التي قد تصل إلى تنفيذ عقوبات بحقه”.
بدوره، أكد نقيب الأطباء السابق، استشاري جراحة الأورام، الدكتور علي العبوس، أنه "لتفادي الأخطاء الطبية، يجب اتباع مثلث رئيسي يختص بالعنصر البشري والتشريع (المسؤولية الطبية) والبيئة التي يعمل بها الطبيب”.
وأوضح العبوس، أنه "لا يجوز الاعتماد فقط على أطباء مقيمين سنة أولى في تشخيص المرضى، كما حصل مع الطفلة المتوفاة في مستشفى البشير”، مبينا أن "الطبيب المقيم هو طبيب متدرب، وبالتالي فإنه يجب أن يكون مشرفا عليه طبيب أقدم منه بثلاث أو أربع سنوات، واختصاصي”.
ولفت إلى أن "السماح للمريض بمغادرة المستشفى بعد الفحص، يعتبر قرارا صعبا، وأن قرار إدخال مريض للمستشفى يعتبر أسهل بكثير من إخراجه”.
وبين أن "الطبيب بعد التخرج، يجب أن يستمر في عملية التعلم والتدريب من قبل الأقدم منه ومن قبل الاختصاصيين، وعليه أن يتجنب اتخاذ قرارات فردية خاصة عندما يعرض المريض مرة أخرى عليه، وهذا الأمر غير متوفر في مستشفيات كمستشفى البشير”.
وأشار العبوس، إلى أن هناك "نشاطات طبية تتم شهريا، منها مراجعة الأخطاء التي وقعت خلال الشهر، والعمل على تفاديها إضافة إلى المحاضرات الأسبوعية والتدريب السريري عبر الجولات اليومية على المرضى”.
وفيما يخص التشريع، قال العبوس إن "البيئة التي يعمل فيها الطبيب، وهي المستشفى، يجب أن تتوفر فيها الفحوصات الطبية كاملة، كما ينبغي أن تراعى نسبة عدد المرضى مقارنة بعدد الأطباء”.
وتساءل: "هل كان جميع الأطباء المناوبين متواجدين في المستشفى أم خضعوا لعملية توزيع بين الأقسام الأخرى؟”
ولفت إلى أن "الزاوية الأخيرة من المثلث، تختص بالجانب التشريعي، أو قانون المسؤولية الطبية”، معتبرا أنه "ومنذ صدور الإرادة الملكية بإقرار هذا القانون العام 2018 ولغاية الآن، فإن الصندوق المالي الخاص بالقانون لا يحتوي على أموال”.
وأوضح العبوس، أن "الصندوق الذي يهدف إلى تعويض المتضررين من الأخطاء الطبية، كان من المفترض أن تؤمن له 7 ملايين دينار سنويا، أو ما يقارب 21 مليون دينار خلال السنوات الثلاث الأخيرة، لكن لا يوجد فيه أي قرش حاليا”.
وأشار إلى أن "الأصل أن يقوم المستشفى بالدفع عن الطبيب أو الممرض أو الصيدلي الذي يعمل فيه، لكن هذا الأمر لم يحدث”.
وأكد أن قانون المسؤولية الطبية "مجمد، والحالات التي يتم الحديث عن أنها تخضع للقانون هي حالات محولة من المحاكم منذ أكثر من 5 سنوات، أي قبل إقرار القانون رسميا، فيما الحالات الجديدة حاليا، لم يتم تفعيل القانون بشأنها”.
من جانبها، دعت عضو مجلس النقابة السابق، اختصاصية التخدير والعناية الحثيثة في مستشفى البشير، الدكتورة مها فاخوري، وزارة الصحة إلى إيجاد فرق متخصصة بفرز الحالات في أقسام الطوارئTeam triage improves emergency department efficiency أسوة بمختلف دول العالم المتقدمة طبيا.
وأوضحت فاخوري أنه "لا يوجد أي فريق طبي متخصص في المستشفيات الحكومية، وغياب هذه الفرق يؤدي إلى حدوث اختلالات بالعمل الإجرائي الطبي في أقسام الطوارئ”.
وشددت على "وزارة الصحة عدم الاكتفاء بالاستثمار بالحجر، وإنما الاستثمار بالبشر”، مبينة أن تدريب الأطباء وتأمين بيئة عمل مناسبة لهم ورفد المستشفيات بالكوادر المؤهلة أهم بكثير من الاكتفاء فقط ببناء المباني وتجميلها”.
ودعت إلى "عدم الوقوف أمام المصيبة بل محاولة البحث في كيفية تكرارها عبر تأهيل الأطباء وتدريبهم وإيجاد فرق خاصة تقرر من هي الحالات التي تبقى في المستشفى لتلقي العلاج ومن التي يمكنها المغادرة”.
الغد
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences