أحاول أن أرتفع
الشريط الإخباري :
من أكثر الأسئلة إلحاحاً عليّ هو : هل حلمت بي أُمّي قبل أن تقذف بي للدنيا ..؟ هل تخيّلتْ كيف سيكون ابنها ؟ وإلى أيّ زمن ترميه ..؟ هل كانت تريدني شاعراً تتفجّر القوافي و الأوزان على لسانه ..أم تريدني ثائراً تتمرّد الأشياء على يديه ..؟؟ أم أن جُل أحلامها أن أكون مزارعاً في مزرعة أبي ..أركب التراكتور و (ألقّط البندورة و الخيار ) ..؟!! هل كانت تدرك الحنونةُ أنها تحملُ صعلوكاً سينقلب على نفسه عشرات المرات حين يقتنع إنه على خطأ ..؟؟!
ليس بيدي كلّ ما يحدث ..كل مشكلتي إنني لم أصاحب الحكومات فقط ..فقط ..مثلي مثل بقية خلق الله ..أولئك الذين يشبهونني في العرق و التعب اليومي و الوجع الدائم ..ممن يحلمون بـ (السترة ) و قوت اليوم ..! ممن إذا أفاقوا يحمدون الله ألف مرّة أن لهم قلوباً تخاف عليهم و أماكن يأوون إليها ..و طبيعة على مدّ البصر ..!
من قال بأن (شيئاً) مثلي ..كل شعاراته تتلخص في ( البحث عن الحريّة و الاحترام) سيزداد يوماً بعد يوماً بالشعور بالقمع الداخلي و يقمع نفسه بنفسه لأنه يرى نفسه غريباً عمّا يدور حوله ..و في الاحترام الذي يزداد على الصعيد الشخصي فإنه يتناقص على الصعيد العام كمواطن عربي يرى الغربان و الأفاعي تزحف على أوطانه المتشرذمة لتستوطنها باسم السيادة و محاربة الإرهاب ..!!
أحاول أن ارتفع ..أن أمشي (منتصر القامة) و لكنّ القامة لم يلامسها الانتصار مثل كلّ الفقراء الذين ينتظرون و ينتظرون و لا يأتيهم الانتظار إلا بفُتات الأمور أو بانتظار أكبر من انتظاراتهم الصغيرة ..!
من حقّ امّي ..سواء حلمت بي على هيئتي الآن أم خذلت لها كل أحلامها ..من حقها أن تفتخر بي في أمرٍّ واحد لا جدال فيه لديّ : ابنها الصعلوك باقٍ في حضنها و حضن من يشبهونه ..ولن و لم يتلوّث ..!
أمّا الحرية و الاحترام ..فإنهما عنواني لكي أبقى الصعلوك الذي لا يتنازل و الذي يسرق من الاقطاع ليقتطع للفقراء خبزهم و يعيد إليهم بعض الهيبة و الثقة بأنهم سلاح الزمان و المكان ..!
*كامل النصيرات*
المقال المنشور اليوم في جريدة الدستور
للتواصل على الواتس (0799137048