نكتة فولتير

{clean_title}
الشريط الإخباري :  
يوسف غيشان_نحن نطالب بالديمقراطية، ولا يوجد حزب أو هيئة أو منظمة مجتمع مدني عندنا، الا والديمقراطية أحد مطالبه، وأحد «مقتنيات « نظامه الأساسي. وهذا يشمل الجميع من أقصى اليمين الى اقصى اليسار، ومن أساطين الأحزاب الشمولية الى عتاة الليبرالية الجديدة. الجميع يطالب بالديمقراطية، ويناضل من أجل تحقيقها.
المشكلة، لا بل المعضلة، لا بل النكتة، هو أننا نطالب بالديمقراطية، ونحن لسنا بديمقراطيين بتاتا.لا بل أن كل واحد فينا يجمل بداخله ديكتاتورا صغيرا يتهيأ للوصول إلى مركز القرار عن طريق الديمقراطية ليفتك بالآخرين.
نحن من أكثر الشعوب تكرارا لعبارة فولتير: (قد اختلف معك في الرأي، لكنني على استعداد لأبذل دمي في سبيل حقك في التعبير عن نفسك) ونحن لا نقصد ذلك قط، ونمارس عكسه تماما، ونحن على استعداد لتكفير وتخوين وشيطنة كل من يخالفنا الرأي، حتى في الأمور البسيطة والعادية.
أما الاعتراف الأخطر، فهو أننا نحن الشعوب العربية نريد ان نبني مؤسسات ديمقراطية بدون ديمقراطيين.
هناك مسرحية للكاتب الكبير نجيب سرور بعنوان (منين أجيب ناس)، قرأتها قبل عقود، ولا اذكر محتواها، لكن اسمها خطر في بالي وأنا أكتب هذه الكلمات، وقلت في نفسي: فعلا .... منين أجيب ناس؟؟؟ وأين أجد الديمقراطيين الذي أبني بهم المجتمع الديمقراطي الذي اطالب به؟؟؟
قد تكون أنظمة ساهمت –خلال عقود-في إفقار المنطقة تماما من بذور الديمقراطية، لكننا نتحمل – نحن الشعوب العربية – القسط الأكبر من الذنب في أننا صبرنا كل هذا الزمن .... ثم طالبنا بالديمقراطية دون إن نزرع الديمقراطية في قلوبنا وقلوب أبنائنا.
بالمناسبة أنا لا أملك الحل لهذه المعضلة، ولا أعرف كيف يمكن ان نزرع الديمقراطية في أنفسنا من الداخل قبل ان نطالب بها، لكن أقول قولي هذا، لغايات الاعتراف بالمشكلة، لعلنا نبحث عن الحل معا دون تخوين أو تكفير أو شيطنة للآخرين.
لعل وعسى!
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences