رياديات أردنيات.. تحديات الانطلاق تعيق الإبداع
الشريط الإخباري :
إبراهيم المبيضين
عمّان- "مع عدستي.. أصطاد، أرى وأتفاعل.. أُحب أحزن والتقط ما أشعر به”.. بهذه الكلمات التي تعكس شغفا كبيرا، تواصل الريادية الأردنية عبير النمري منذ أكثر من عام ونصف العام العمل بجدّ على مشروعها الريادي الذي يحمل اسم "مدونة شارع”، ويهدف إلى بناء منصة عالمية لنقل وحفظ حياة الشارع بمحتوى وأطر تعكس عادات وثقافات الشعوب عبر التوثيق بالصور وتشجيع استخدام الكاميرا والعدسة كوسيلة للتعبير عن الذات وعلاقتها التفاعلية مع المكان والإنسان.
ومشروع "مدونة شارع” – الذي انطلق بداية العام 2020 – يصنّف ضمن قطاع الصناعات الإبداعية، وتسعى صاحبة فكرته ومؤسسته لتحويله إلى "مشروع إبداعي إنتاجي قابل لجذب الاستثمار بهدف التطور والنمو والتوسع في دول المنطقة والعالم”.
بهذه الرؤية الطموحة تعكف النمّري على زيارة شوارع عمان وحاراتها والتقاط الصور التي تعكس نبض الشارع وحياته وتاريخه وعاداته وتقاليده، وجمع هذه الصور في منصة ومكان واحد، بيد أنها تواجه العديد من التحديات التي تواجه الصناعات الإبداعية في الأردن والعالم العربي.
عن هذه التحديات تقول النمّري أن الصناعات الإبداعية في الأردن هي في معظم الأحيان أعمال فردية واجتهادات شخصية حيث من الأفضل أن يكون الجمع أو الدمج بين عدة أنواع من الفنون سواء البصرية أو الأدائية او المعاصرة لإعطاء العمل بعدا مميزا، وأيضا قلة المراجع والأعمال العربية في بعض أنواع الفنون مثل فن تصوير الشارع، حيث "ألجأ الى استخدام خبرات أجنبية للمساعدة في تطوير ورسم خريطة المشروع”.
وتشير الى ان من التحديات ايضا الدعم المادي والاستثمار في هذه الصناعات الابداعية المهمة، وهنا يأتي دور مسرعات الأعمال لتقديم الدعم للمشاريع في هذه الصناعة المتخصصة.
وتواجه الريادية الأردنية زينب داروقة صاحبة مشروع "زي كونكريت” العديد من التحديات منذ ان تفرغت للعمل على هذا المشروع قبل 4 سنوات منها صعوبة الحصول على المواد الخام لتصنيع المنتجات التي يقوم عليها مشروعها وهي عبارة عن مصنوعات يدوية لديكور البيت والمكاتب تقوم هي على صناعتها من الكونكريت الذي يتكون من العديد من المكونات منها الإسمنت ومواد أخرى لتقويته.
وتوضح داروقة بأن من التحديات الأخرى التمويل في بدايات المشروع الذي كانت تنفق عليه من ادخاراتها بعد أن تركت عملها في القطاع الخاص، والتسويق، مؤكدة أهمية ان يقوم المشروع سواء كان ابداعيا او في اي قطاع آخر على نموذج اقتصادي يشير الى الفرص وامكانيات النمو لاقناع حاضنات الأعمال او المستثمرين المحتملين.
ورغم كل ذلك تواصل داروقة العمل بجد لتطوير مشروعها وبناء منصة الكترونية لطلب منتجاته عبر الإنترنت وتحويله الى مشروع يمكن ان ينطلق لاقتحام السوق الاقليمية والعالمية.
مشروعا النمري وداروقة يصنفان في قطاع الاقتصاد الابداعي والذي يشمل سلسلة طويلة من الصناعات والسلع والخدمات التي عملت التكنولوجيا المعاصرة على إضفاء المزيد من التنوع والجاذبية عليها منها: الحرف اليدوية وصناعات الذاكرة والتذكارات (السوفنير) والفنون (المسرح والموسيقا والغناء والفنون الادائية)، والتصميم والتغليف، والمتاحف، والتصوير، المهرجانات، والدمى، والنشر وصناعة الكتب التقليدية والرقمية، وصناعة الأفلام والإعلام، وحقوق الملكية الفكرية والأصول المعرفية وغيرها.
وتؤكد الريادية بسنت زيدان بان مشروعها الاعلامي الذي يحمل اسم "فسفوري” يواجه تحديات كثيرة منها قلة وجود فرص الدعم والاستثمار، وكثرة المنافسين في المجال سواء من داخله او خارجه، وكلف الانتاج العالية للبرنامج في جوانب التصوير والمونتاج والاخراج وأمور تقنية أخرى، الى عدم تركيز المعلنين في كثير من الأحيان على التواجد والمشاركة في الافكار الناشئة.
ورغم هذه التحديات التي تواجه زيدان في مشروعها الريادي، غير انها تأمل أن يحدث نقلة جديدة في عالم الإعلام الرقمي وعبر المنصات الرقمية المختلفة التي تحفز على الابتكار، لافتة إلى أن توجهها منذ البداية لتأسيس وتطوير هذا المشروع كان لقلة فرص العمل في مجال الإعلام، والإصرار لإبراز موهبتها وشغفها في مضمار تخصصها في الإعلام.
وبرنامج "فسفوري” هو برنامج اجتماعي متنوع يعرض على منصات التواصل الاجتماعي، طارحا الأفكار والحلول الاجتماعية لما نعانيه من مواقف وأحداث نواجهها يومياً , والهدف منها التركيز على ايجاد الجوانب الصحيحة للتعامل مع الأمور بايجاد حلول ووسائل لتنفيذها، والتأثير على اتجاهات الجمهور وتغيير المشاهد العامة.
وتؤكد زيدان الشركات الريادية الابداعية تحتاج الى تحقيق شراكات استراتيجية لتحقيق الاهداف، والتشبيك وبناء شبكة علاقات عامة لترويج الأعمال الإبداعية من خلالها.
وبلغة الأرقام بات حجم اقتصاد الابداع يتجاوز 3 تريليونات دولار سنويا، وهو قطاع مستقر يتجاوز الازمات المالية، وحافظ على نمو ما بين 6-8 % سنويا، ويشكل 12 % من التجارة العالمية.
في جانب الفنون وتحت شعار عريض هو "فن بالعربي.. فن للجميع” يطمح القائمون على مشروع "اطار فن” لتعزيزه في المجتمعات العربية وايجاد فرص متكافئة للجميع للتعلم حول الفنون وخصوصا فن الرسم.
وتقول الشريكة المؤسسة في "إطار فني” سارة الرمحي بان الفنون في الاردن والمنطقة العربية هي "نخبوية” تصل الى شرائح محددة من المجتمع، ولذا بدأنا قبل 3 سنوات على هذا المشروع الذي يقدم المحتوى العربي المتخصص في الفنون والتدريب لشرائح محرومة في المجتمع.
وترى الرمحي بأن هناك انطباعا خاطئا لدى أصحاب المواهب والاهالي والمجتمع بأن "مجالات الفنون والثقافة وان كان لدينا فيها مواهب وافكار مميزة فهي غير صالحة للتحويل الى مشاريع انتاجية وهذا انطباع خاطئ طبعا”، فكل هذه المواهب والمشاريع الابداعية يمكن ان تتحول الى مشاريع انتاجية إذا ما بنيت على نماذج اقتصادية صحيحة.
وتؤكد أن هناك تعطشا كبيرا لدى الصغار والشباب وشرائح المجتمع للفنون ومختلف الصناعات الابداعية وبرفع مستوى الوعي بها وبأهميتها نستطيع تسويقها بالشكل الأمثل. وترى مديرة وحدة تسريع الأعمال في شركة المتكاملة لتنمية المشاريع الريادية ديانا أبو عبيد بأن هناك انطباعا واعتقادا خاطئا لدى كثير من الشباب من أصحاب المواهب الفريدة في مضمار الثقافة والفنون وفي المجتمع حول نقل هذه المواهب الابداعية الى مرحلة المشروع الانتاجي بنموذج اقتصادي يمكن أن يدر إيرادا وربحا ويوظف شبابا آخرين يستفيدون من مفهوم ” الصناعة الإبداعية”.
وتقول أبو عبيد إنه علاوة على هذه الثقافة هناك ثمة عوائق وافكار سلبية تدور في مخيلة أصحاب المواهب ومعظم الشباب الذين يقبلون على تأسيس أعمال جديدة في الصناعات الإبداعية منها عدم معرفتهم ببناء المشاريع وتسويقها وتحويل الأفكار إلى نماذج اقتصادية، وعدم امتلاك الموارد المالية الكافية للبدء بمشاريع بسيطة، فضلا عن ثقافة عامة تتركز في المحافظة على الوظيفة التقليدية بدخلها الشهري الثابت وعدم التفكير في المخاطرة التي تنطوي عليها ريادة الأعمال بالتخلي عن هذه الوظيفة والاتجاه لتأسيس عمل خاص جديد.
وتؤكد أن الاقتصاد الإبداعي هو من القطاعات التي تنمو بسرعة كبيرة، كما أنه قطاع متحوّل بشكل سريع جداً، خصوصاً فيما يتعلّق بإنتاج المداخيل وفرص العمل ورفع مستوى الصادرات.
الغد