الاحتلال يفرض “قطيعة كاملة” على أسرى غزة

{clean_title}
الشريط الإخباري :  
تقرير خاص – (منظمة "بتسيلم”) 27/12/2021

ولا حتى مكالمة هاتفية
وفقاً لمعطيات "نادي الأسير الفلسطيني”، تحتجز إسرائيل في سجونها، حتى 7 كانون الأول (ديسمبر) 2021، نحو 230 "سجيناً أمنياً” من سكان قطاع غزة، من بينهم 70 ينتسبون إلى حركة "حماس”. في بداية العام 2020 وبعد تفشي وباء كورونا ألغت إسرائيل زيارات عائلات الأسرى. في منتصف حزيران 2020 عادت وسمحت بزيارة الأسرى ما عدا "السجناء الأمنيين” ممن "لا يقيمون في إسرائيل”. وجاء في إعلان نشرته أن زيارة هؤلاء الأسرى ستتم مراجعتها "لاحقاً وفقاً لفتح معابر الحدود وبتنسيق مع الصليب الأحمر”. وحيث إن الأسرى الفلسطينيين المعرفين بأنهم "سجناء أمنيون” يمنعون من إجراء محادثات هاتفية، لم تبق لديهم أي إمكانية للتواصل مع عائلاتهم.
في كانون الثاني 2020، قدم "هموكيد” (مركز الدفاع عن الفرد) التماساً إلى محكمة العدل العليا الإسرائيلية، الذي مثل فيه ثماني منظمات لحقوق الإنسان، مطالب بالسماح للأسرى الفلسطينيين بإجراء محادثات هاتفية مع عائلاتهم. وفي أعقاب الالتماس، سمحت الدولة بمحادثة هاتفية واحدة لكل "سجين أمني” خلال شهر رمضان.
في حزيران (يونيو) 2021، توجه مركز "هموكيد” إلى سلطة السجون مطالبا بتجديد زيارات الأسرى من سكان الضفة الغربية وقطاع غزة. وبعد مضي شهر على ذلك، وافقت سلطة السجون على تجديد الزيارات فقط للأسرى من سكان الضفة الغربية، وظل وضع الأسرى من سكان قطاع غزة- ومنهم بعض السجناء الجنائيين- من دون أي تغيير، وما تزال عائلاتهم ممنوعة من زيارتهم حتى اليوم.
يعكس هذا الواقع سياسة تطبقها إسرائيل منذ أعوام طويلة. منذ العام 2007 تفرض إسرائيل شتى أنواع القيود على زيارة عائلات الأسرى من سكان قطاع غزة: طوال فترات معينة منعت الزيارات تماماً، وفي فترات أخرى سمح بها وفقاً لقيود مشددة، من ضمنها منع الأبناء فوق سن 16 عاماً من زيارة آبائهم الأسرى. وفي العام 2017، قررت الدولة منع الزيارات عن الأسرى المنتسبين لحركة حماس، وهو قرار صادقت عليه محكمة العدل العليا.
يشكل منع الزيارات عن الأسرى عقاباً جماعياً للأسرى وعائلاتهم. وتتذرع إسرائيل بحجج أمنية من نوع أو آخر لتبرر هذه القيود، لكنها حجج لا أساس لها ولا يمكنها أن تبرر فرض هذه القيود الواسعة بحيث يعزل الأسرى من سكان قطاع غزة ويذوقون مع عائلاتهم معاناة كبيرة إثر القطيعة المفروضة عليهم طوال أشهر -بل وحتى أعوام- حين يمنعون من زيارة أحبائهم المسجونين والتحدث معهم.
استمع باحثا بتسيلم الميدانيان؛ ألفت الكرد وخالد العزايزة، إلى إفادات عدد من ذوي الأسرى من سكان قطاع غزة الذين لم يسمح لهم بزيارة أعزائهم منذ عامين. وكانت إفاداتهم على النحو الآتي:

* *
من إفادة إيمان سالم (55 عاماً)، وهي زوجة الأسير مجدي سالم (48 عاماً) وهما أبوان لخمسة أبناء:
ولدت في منطقة رام الله وما أزال أحمل بطاقة هوية الضفة الغربية. يقيم والداي اليوم في منطقة بيتونيا في محافظة رام الله. في العام 2014 سافرت لزيارة أهلي في رام الله من دون زوجي وبقيت عندهم طوال عام. وبعد ذلك أراد مجدي أن ينضم إلينا. في 24 آب (أغسطس) 2015، توجه إلى حاجز "إيرز” وهناك احتجزوه ثم اعتقلوه بشبهة الانتساب إلى تنظيم الجبهة الشعبية. كنت مصدومة لأنني لم أتوقع أن يعتقلوه. حكم عليه بالسجن لمدة 9 أعوام، أمضى منها حتى الآن ستة أعوام.
بقيت في الضفة الغربية طوال عام تقريباً ثم عدت إلى غزة مع الأولاد. قدمت مرات عدة من خلال الصليب الأحمر طلبات تصريح لزيارة مجدي، وكانت إسرائيل ترفضها كلها. في العام 2017 حصلت على تصريح لي ولابنتي وصال، التي كانت آنذاك بعمر 14 عاماً، وابني ممدوح الذي كان طفلاً في السادسة. عندما وصلنا إلى السجن طلبنا من أحد السجانين أن يسمح لممدوح بالدخول إلى الجهة الأخرى من الحاجز الزجاجي لكي يعانق والده فسمح بذلك. وطوال عناق ممدوح ووالده كنت أبكي لأن المشهد كان مؤثراً وصعباً بالنسبة لي.
كانت تلك الزيارة هي الوحيدة، ولم يسمحوا لي بعد ذلك بزيارته. في كل مرة كانوا في الصليب الأحمر يقولون لي إن إسرائيل رفضت طلب التصريح. وبعد ذلك تفشى وباء كورونا، فاغتنمت إسرائيل الفرصة ومنعت زيارات الأسرى من سكان قطاع غزة بتاتاً بحجة الوباء. أرسلت لزوجي النقود والملابس بمساعدة عائلات الأسرى من سكان الضفة الغربية.
اعتقلوا زوجي وسجنوه عندما كان أولادنا أطفالاً صغاراً وبحاجة كبيرة إليه. الآن أيضاً يحتاجون كثيراً إلى زيارته، يحتاجون إلى رؤيته -وخاصة ممدوح الذي يسأل عن والده طوال الوقت ويقول إنه مشتاق إليه. وصال أيضاً كثيراً ما تعبر عن شوقها لرؤية والدها. منذ أربعة أعوام لا يسمحون لنا بزيارته. أنا مشتاقة لرؤية زوجي، وكذلك أبناؤنا مشتاقون لأبيهم.
ولكن، حتى لو سمحت إسرائيل قريباً بزيارة الأسرى من سكان قطاع غزة، فلن يتمكن من زيارة مجدي من بين أبنائنا سوى ممدوح لأنه الوحيد الذي دون سن 16 عامًا. أتألم كثيراً لأجله وهو يرى الأولاد الآخرين بصحبة آبائهم فيبكي لأنهم حرموه من أن يكبر ووالده إلى جانبه. يقول: "أريد أن أرى أبي، أن أعانقه”. نحن لا نستطيع أن نفرح وزوجي بعيد عنا، ولا حتى في الأعياد والمناسبات حيث يشعر الأولاد بغيابه. إنهم بحاجة شديدة لوجود أبيهم معهم.
* *
من إفادة إيمان عزام (17 عاماً)، وهي ابنة الأسير جمعة عزام (53 عاماً):
اعتقل والدي في 4 كانون الأول (ديسمبر) 2006، وحكم عليه بالسجن لمدة 20 عاماً. كنت آنذاك في الثانية من عمري ولا أذكر شيئاً. كنت طفلة. شقيقتي الصغرى آية التي تبلغ اليوم من العمر 16 عامًا كانت رضيعة عمرها خمسة أشهر فقط.
منذ أن اعتقل والدي نقلوه من سجن إلى آخر وهو اليوم في سجن النقب. تحدثني أمي صباح عزام (48 عاماً) أننا زرناه معها مرات عدة أنا وشقيقتي آية. كانت الزيارة الأخيرة التي أذكرها عندما كان عمري 10 أعوام. أتذكر منها بالأساس التفتيش الذي أجراه الجنود على جسدي. لا أتذكر شكل والدي وإنما فقط زي السجن الذي كان يرتديه -كان لونه بنياً. أذكر أيضاً أنني بكيت عندما رأيته. منعني السجانون من الدخول إليه لكي أعانقه. كانوا يسمحون بذلك للأطفال الأصغر سناً. لدي ثلاثة إخوة وأربع أخوات جميعهم أكبر مني ومتزوجون. أنا وشقيقتي آية مخطوبتان منذ أشهر عدة.
منذ أكثر من عشرة أعوام يمنعوننا من زيارة أبي. عندما كنت صغيرة كنت أذهب مع والدتي لنشارك في الاعتصام الدوري عند بوابة مقر الصليب الأحمر في غزة. اليوم يذهب أخي فادي (20 عاماً) ويشارك في الاعتصام بشكل دائم. نحن نطالب بأن يسمحوا لنا بزيارة أبي. لقد كبرنا من دون والدي أنا وإخوتي. أخذوه منا ونحن أطفال صغار. مرت علينا أيام صعبة جداً بسبب غيابه عنا. أنا أحتاج إليه في كل لحظة. لم يكن موجوداً في أعراس إخوتي وأخواتي -فادي وشادي ويونس وأسماء ونداء تزوجوا ولم يحضر أبي أعراسهم. هذا محزن جداً. في شهر آب تخرجت وحصلت على شهادة التوجيهي ولكنني لم أشعر بفرح حقيقي. أنا أفتقد والدي كثيراً.
حتى في حفل خطوبتي الذي جرى قبل أشهر عدة كانت فرحتي منقوصة. تمنيت لو كان أبي إلى جانبي. لا أحد يمكنه أن يحل مكانه أو يعوض غيابه. أصعب الأوقات تمر علينا في الأعياد حيث نرى أبناء الحي مع آبائهم ونتحسر لغياب أبي عنا. أنا أعرف فقط أبي الذي في الصور القديمة ولو رأيته اليوم لن أعرفه. تبقت له ستة أعوام في السجن وآمل بأن تمر بسرعة لكي ألتقيه وأفرح بوجوده.
أمضت والدتي كل هذه الأعوام وحيدة تماماً وهذا صعب جداً. أراها حين تجلس وحدها وتبكي غياب والدي. هي تقول إنها قد تعبت ولا تستطيع أن تتحمل أكثر. لماذا يمنعون الزيارات؟ هذه جريمة في حق عائلات الأسرى!
* *
من إفادة سعاد العمور (62 عاماً)، والدة الأسير المرحوم سامي العمور الذي توفي عن عمر ناهز 39 عاماً أثناء عملية جراحية محروماً من الزيارة طوال نحو عامين.
في 1 نيسان (أبريل) 2008، اقتحم الجيش منزلنا واعتقل ابني الشهيد سامي. كان آنذاك في السادسة والعشرين من عمره وحكم عليه بالسجن لمدة 19 عاماً و11 شهراً. في ذلك العام اعتقلوا أيضاً ابني حمادة (35 عاماً) وحكموا عليه بالسجن لمدة 12 عاماً ونصف العام. أطلقوا سراحه قبل عام.
في الأعوام الأولى منعونا من زيارة ولدي إثر أسر الجندي "جلعاد شاليط”، وكنا نتواصل معهما بالرسائل بواسطة الصليب الأحمر. وبعد أعوام عدة سمحت إسرائيل بالزيارات مجدداً فقمنا بزيارتهما للمرة الأولى في العام 2013. ذهبت أنا وزوجي فقط لأن إسرائيل منعت الإخوة والأخوات من الزيارة. في البداية كان ولداي مسجونين في سجنين مختلفين -سامي في سجن نفحة وحمادة في سجن رمون- وكنا في يوم الزيارة نلتقيهما معاً في سجن رمون. في إحدى الزيارات أدخلوني وحدي إلى غرفة ثم جلبوا حمادة وهو مكبل اليدين والرجلين. رأيته لمدة دقيقة واحدة فقط وهو مكبل. عندما رأيته على هذا الحال بكيت.
بعد مضي عام، توقف زوجي عابد العمور (72 عاماً) عن مرافقتي في الزيارات بسبب مشقة الطريق الطويلة والتفتيش المنهك فصرت أذهب وحدي. كنا في كل مرة ننتظر في حاجز "إيرز” ساعات طويلة إلى حين انتهائهم من تفتيش الجميع. في إحدى المرات منعوني من عبور الحاجز. في ذلك اليوم سافر جميع ذوي الأسرى للزيارة إلا أنا، حيث اضطررت للعودة إلى غزة. وما أزال لا أعرف السبب حتى اليوم.
عندما تفشى وباء كورونا في بداية العام 2020 أوقفوا الزيارات بحجة الخوف من العدوى. طوال عامين منعتنا إسرائيل من الزيارة بهذه الذريعة. كنت أشارك في اعتصام أسبوعي احتجاجاً على منع الزيارات -نقف قرب مقر الصليب الأحمر في غزة ونطالب بالسماح بالزيارة. طوال عامين كنت أتواصل مع ذوي أسرى من الضفة الغربية وأودع في حساباتهم البنكية المال اللازم وأطلب منهم أن يأخذوا معهم ملابس ومصروف "كانتينا” لابني.
في بداية تشرين الثاني (نوفمبر) 2021، ظهرت عند سامي أعراض قيء وحمى وكان يتلقى العلاج في السجن. وبعد ذلك نقلوه إلى سجن عسقلان ولم أعرف السبب. لم يخطر في ذهني أن سامي مريض إلى هذه الدرجة. في 17 تشرين الثاني (نوفمبر) 2017، توفي سامي أثناء عملية جراحية أجريت له في مستشفى "سوروكا” في بئر السبع. علمت بموت ابني عبر وسائل الإعلام! وقع علينا النبأ مثل الصاعقة. صرنا نصرخ ونبكي بكاءً مراً أنا وزوجي وأبناؤنا. لقد توفي سامي بعيداً عني وبعد أن حرمت من رؤيته طوال عامين، ناهيك عن أخواته وإخوته الذين لم يروه منذ اعتقاله. أبكي ليلاً ونهاراً والحسرة تملأ قلبي على موت سامي بعيداً عني وعن والده.
لقد سجنوا ابني وتوفي وهو سجين، والآن إسرائيل ترفض أيضاً أن تسلمنا جثمانه. لا يدعوننا نودعه ونشيعه في جنازة لندفنه في قطاع غزة. قدمت شكوى إلى الصليب الأحمر وطالبتهم بأن يساعدوني لتسلم جثمان سامي. إسرائيل حرمتني من رؤيته وهو حي وتريد أن تحرمني رؤيته وهو ميت.
* *
من إفادة محمد أبو عرام (38 عاماً)، وهو أب لخمسة أبناء وشقيق الأسير إبراهيم أبو عرام وهو أب لولدين:
في 13 آذار (مارس) 2003، اعتقل الجيش الإسرائيلي أخي إبراهيم عند حاجز أبو هولي شمالي خانيونس، ثم حكم عليه بالسجن لمدة 24 عاماً. كانوا ينقلونه بين السجون واليوم هو محتجز في سجن رمون. في البداية كان أبي وأمي وسناء زوجة إبراهيم (37 عاماً) يزورونه مرة كل أسبوعين.
في أعقاب أسر الجندي "جلعاد شاليط”، منعت إسرائيل زيارات الأسرى من سكان قطاع غزة طوال خمسة أعوام. كانت هذه الفترة صعبة جداً على عائلتنا. كنا قلقين وتقريباً لم نكن نعرف شيئاً عن إبراهيم وأحواله. مرة كل أسبوعين كنت أذهب أنا أو أحد أشقائي إلى مكتب الصليب الأحمر في خانيونس أو في غزة لكي نسأل عن وضع إبراهيم وما إذا كان هناك أي تطور بشأن زيارات الأسرى.
في العام 2013 سمحت لنا إسرائيل بزيارة إبراهيم. في تلك الفترة كانت أمي تعاني أمراضا عدة، وعلى الرغم من وضعها الصحي سافرت مع أبي للزيارة. في نهاية الزيارة أخطأت والدتي الطريق إلى الحافلة فأطلق رجال الأمن النار قريباً منها. كان يمكن أن تصاب بسوء لولا أن تدخل أهالي الأسرى وأعادوها إلى الحافلة. لاحقاً تبين أن والدتي تعاني مرض الزهايمر. منذ تلك الحادثة منعت سلطات الاحتلال والدتي من زيارة إبراهيم. واضطر والدي أيضاً إلى التوقف عن الزيارة بسبب جلطة دماغية ألمت به وأصبح مقعداً على إثرها. مرت 8 أعوام من دون أن يحظى إبراهيم بزيارة أحد من العائلة. لديه 7 إخوة وأخوات وجميعنا متزوجون لكن إسرائيل لا تسمح لأي منا بزيارته. تقريباً مرة كل شهر أذهب إلى مكتب الصليب الأحمر في خانيونس وأقدم طلبات زيارة لي ولإخوتي، وفي كل مرة يقولون إن إسرائيل لا تسمح لإخوة الأسرى بالزيارة.
لم يبق لدينا حل سوى أن نحول لإبراهيم النقود بواسطة عائلات أسرى من الضفة الغربية وهذه الإجراءات طويلة ومعقدة ومنهكة. وحيث إنه لا أحد منا يزور إبراهيم ولا يجلب له ملابس فإنه يضطر إلى شرائها من كنتين السجن، وأحياناً يتلقى ملابس كتبرع من عائلات أسرى الضفة الغربية. الآن في فصل الشتاء نشعر بالقلق عليه بشكل خاص. نخشى عليه من البرد ونحن نعرف أن الملابس في كنتين السجن باهظة الثمن. أشعر دائماً بأنني أسير مثله بسبب شعوري بالعجز لأنني لا أقدر على رؤية إبراهيم وإحضار ملابس ونقود له.
بلال ابن إبراهيم (20 عاماً) وشقيقته دنيا (21 عاماً) لم يزورا والدهما سوى وهما صغيران. منذ تسعة أعوام لم يحظيا برؤيته. والدي يسألني كل يوم عن إبراهيم، وبسبب وضعه الصحي ورغبتي في مواساته أضطر أن أكذب عليه. أقول له دائماً إنه بخير على الرغم من أنني لا أعرف شيئاً عنه.
* *
من إفادة خضرة الصعيدي (69 عاماً)، وهي والدة الأسير عوض الصعيدي (43 عاماً):
عندما اعتقلوا ابني عوض كان في فترة الخطوبة. اعتقله الجيش الإسرائيلي في 2 كانون الأول (ديسمبر) 2004 في حاجز أبو هولي وسط قطاع غزة، ثم حكم عليه بالسجن لمدة 15 عاماً. في العام 2012 تشاجر عوض في السجن مع أحد السجانين فحكم عليه بالسجن أربعة أعوام أخرى. في أعوام سجنه الأولى كنا نذهب لزيارته في سجن نفحة مرة كل أسبوعين تقريباً. بعد ذلك نقلوه مرات عدة من سجن إلى آخر، والآن أعادوه إلى سجن نفحة. إسرائيل تمنع منذ البداية زيارة الإخوة والأخوات، ومنذ العام 2017 أنا أيضاً لم أر عوض لأن إسرائيل منعت زيارة الأسرى من سكان قطاع غزة المنتسبين إلى حماس، ومنذ أن تفشى وباء كورونا تمنع إسرائيل زيارات جميع الأسرى الذين من قطاع غزة. الأعوام الأخيرة تمضي علي وأنا في قلق دائم على ابني. أفكر فيه كل الوقت.
إسرائيل تستغل وباء كورونا لكي تمنع زيارة الأسرى سكان قطاع غزة ولكنها تسمح بالزيارة لعائلات الأسرى من سكان الضفة الغربية. هذا التمييز يفتقر إلى المنطق والهدف منه فقط إيقاع عقاب جماعي على سكان القطاع. لا علاقة لهذا الأمر بكورونا.
في الفترة التي كان يسمح فيها بالزيارة كانت الزيارات دائماً مشقة هائلة: في الليلة التي تسبق الزيارة لا أستطيع أن أغفو خشية أن أتأخر وتفوتني الحافلة. كنت أخرج من المنزل عند الساعة 4:00 فجراً وأنتظر الحافلة في الشارع الرئيسي. كنت أقف هناك في العتمة، وعندما تكون أحوال الجو عاصفة كنت أقف في البرد القارس وتحت المطر. أما العذاب الحقيقي فكان يبدأ عند وصولنا إلى حاجز "إيرز” حيث التفتيش وفحص الهويات. كانوا يدخلونني مرة تلو الأخرى في ماكينة المسح والأمر نفسه يتكرر عند وصولنا إلى سجن نفحة -مرة أخرى تفتيش وانتظار طويل إلى حين ينتهي السجانون من تفتيش وفحص أوراق جميع من حضروا للزيارة.
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences