الأسر الفقيرة ورمضان.. سلع أساسية غائبة
الشريط الإخباري :
سماح بيبرس
عمان بدت على وجه أم صالح الخمسينية ضحكة تداري ما تحمله نفسها من ألم وحسرة عندما سئلت عن استعدادها لشهر رمضان الكريم.
أم صالح ربة الأسرة لـ3 أبناء قالت حرفيا "عايشين كل يوم بيومه، الحمد لله، لا استعدادات ولا اشي” وأكملت "الله كريم….. والرزق على الله”.
السيدة، التي تقطن في مخيم البقعة، تقول "الفول” و”الحمص” و”القلاية” هي الأطباق الرئيسية التي تتكرر غالبية أيام الشهر لدى العائلة.
وقد يضاف إلى قائمة الطعام بين الحين والآخر طبق يحتوي الدجاج بحسب ما يقدم لها من دعم من "أهل الخير”.
دخل أسرة أم صالح لا يتجاوز 600 دينار فهي تتقاضى شهريا حوالي 105 دنانير كـ "راتب ضمان” بعد وفاة زوجها، إضافة الى 20 دينارا من صندق الزكاة، و38 دينارا -بصورة غير منتظمة- من مركز البر والإحسان، كما أن لديها ابن يعمل ويتقاضى 200 دينار في أحد المطاعم في المخيم، لكنه لا يساهم في مصروف البيت بشكل كبير، وابنة تعمل في إحدى المدارس الخاصة تتقاضى أيضا 200 دينار، وتساعد بقدر استطاعتها في المصروف، مشيرة إلى أنّ جزءا لا بأس به من راتبها يذهب للمواصلات.
وترى أم صالح أن الأسعار بشكل عام مرتفعة، وهناك أغذية ومواد كثيرة لا تستطيع شراءها، وقد تستغني عنها في كثير من الأحيان.
يأتي هذا في الوقت الذي تتنبئ توقعات رسمية ودولية بارتفاع كبير في عدد الفقراء الأردنيين الذين تجاوزوا المليون بقليل قبل الجائحة، وكانوا يشكلون
15.7 % من المواطنين.
وكان وزير التخطيط والتعاون الدولي ناصر الشريدة، قد أشار في تصريح أن نسبة الفقر في الأردن وصلت إلى حوالي 24 % بعد الجائحة وذلك بصورة "مرحلية” وقبل تنفيذ مسح دخل ونفقات الأسرة الذي يتم الاعتماد عليه في استخراج معدلات الفقر، فيما كان البنك الدولي قد أشار إلى أن معدل الفقر الوطني ربما يرتفع حوالي 11 نقطة مئوية بالنسبة للأردنيين، ليصل إلى حوالي 27 %.
رئيس غرفة تجارة عمان ونقيب تجار المواد الغذائية خليل الحاج توفيق أكد ضرورة توفير حماية للطبقات الفقيرة والمعرضة للفقر من موجات ارتفاع أسعار السلع محليا والتي جاءت انعكاسا لارتفاعات الأسعار العالمية، فيما من المتوقع أن تستمر في الارتفاع.
واقترح الحاج توفيق أن يتم احتساب قيمة الزيادة على سلة الاستهلاك الشهري لهذه الأسر وتعويضها بشكل مباشر، بمبالغ نقدية، مع تأجيل سداد ما يترتب على هذه الأسر من سلف وقروض خلال الشهر الفضيل، ودون فوائد وغرامات.
ودعا إلى ضرورة "مأسسة” عملية الدعم المقدم لهذه الأسر لمواجهة أي ظرف أو تطورات مستقبلية يكون لها تأثير على الأسعار.
وكان الحاج توفيق قد أشار إلى أن ارتفاع الأسعار محليا هو انعكاس لارتفاع الأسعار العالمية التي بدأت منتصف 2020 بسبب جائحة كورونا، واصفا هذه الزيادة بأنها "خارجة عن ارادتنا” لأنّها انعكاس للأسعار العالمية.
وتوقع الحاج توفيق أن يكون هناك ارتفعات أخرى خلال الأشهر المقبلة على الكثير من السلع، وذلك بعد ارتفاع أسعار النفط عالميا بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، إذ أن هذا سينعكس على أسعار الشحن والحديد والألمنيوم ومدخلات الإنتاج الصناعي.
أستاذ الاقتصاد د.قاسم الحموري يرى أن كثيرا من الأسر الأردنية الفقيرة اليوم لم تعد تمتلك الحلول لتلجأ لها بعد الجائحة، فقد استنزفت هذه الأسر مدخراتها "إن وجدت” وباعت ما لديهم من ممتلكات بسيطة، وغيرها من وسائل التكيف.
وأكد أن التكافل الاجتماعي بين الأسر الأردنية هو الحال لمثل هؤلاء، فلا بد من دعوة المقتدرين على تحمل مسؤوليتهم المجتمعية والعمل على دعم مثل هذه الأسر.
أما أستاذ علم الاجتماع د.حسين الخزاعي أكد أنّه في ظل ارتفاع معدلات الفقر ووجود أكثر من 80 % من القوى العالمة ممن دخلها أقل من 500 دينار، فإنّه لا بدّ من أن نستغل الشهر الكريم في تعزيز قيم التكافل والتراحم الاجتماعي، والعمل على تغيير بعض العادات التي تؤدي الى تحمل الأسر أعباء مالية.
ويذكر الخزاعي أمثلة من شأنها أن توفر على الأسر الأردنية كالمبادرة إلى الاعتذار عن قبول الدعوات في شهر رمضان، وعدم توجيه اللوم لمن لم يبادر في الدعوة.
كما لا بد من تعظيم قيم المساعدة وتقديم الدعم للأسر المحتاجة بين فئات المجتمع المختلفة مع مراعاة الفئات المستضعفة، وأكد ضرورة تفعيل دور المؤسسات والشركات في هذا الجانب سواء من ناحية المسؤولية المجتمعية أو مراعاة أوضاع الموظفين لديهم.
وكانت دراسة صادرة عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف”؛ في آب (أغسطس) 2020 قد أشارت الى أن معدل دخل بعض الأسر في الأردن انخفض، وتضاعف عدد العائلات التي يقل دخلها الشهري عن 100 دينار أردني (140 دولارا) منذ انتشار جائحة كورونا.
وأضافت هذه الدراسة التي جاءت حول التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي تواجه الأطفال والشباب الأكثر هشاشة وأولياء أمورهم في الأردن خلال جائحة كورونا، أن 28 % من العائلات لديها تمويل يكفي لأسبوعين فقط لإعالة أنفسهم، وأن 68 % من العائلات تعطلت أعمالها بسبب الجائحة.
وأشارت الدراسة، التي شملت عائلات أردنية وسورية، إلى أن "28 % من الأطفال يذهبون إلى فراشهم جياعا أثناء حظر التجول، وانخفضت النسبة لتصل إلى
15 % بعد فك حظر التجول”.
الغد