الإعلام الغربي.. هل “سقط قتيلا” بالحرب الأوكرانية؟
الشريط الإخباري :
محمد الكيالي
عمان- أكد إعلاميون أن الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، أظهرت مدى انحياز وسائل إعلام غربية، لطرف ضد آخر، برغم أنها تنادي على الدوام بالحياد والموضوعية.
وشددوا في تصريحات لـ”الغد”، أن ما يجري في أوكرانيا، استغلته ماكينة الدعاية السياسية الغربية، بحيث لم تعد تُظهر الحقائق من مختلف الأطراف المتصارعة، وزاد ذلك بانحياز وسائل التواصل الاجتماعي الكبرى التي أصبحت تحرض على الكراهية والعنصرية والعنف.
وفي هذا الصدد، قال وزير الثقافة الأسبق، عميد معهد الإعلام السابق، الدكتور باسم الطويسي، إنه من الواضح أن الحرب الروسية الأوكرانية تشهد دعاية متبادلة ليس طرفيها روسيا او أوكرانيا، بل الجانب الروسي من جهة والغربي من جهة أخرى بقيادة الولايات المتحدة الاميركية.
وأوضح الطويسي، أنه في الحروب جميعها، يتراجع الإعلام والإخبار بمفاهيمهما الموضوعية لصالح الدعاية، وتبقى أطراف أخرى في المشهد، يمكن أن تقدم رواية قريبة للحقيقة.
وبين أن العالم في هذه الحرب ينقسم إلى معسكرين، واحد مع الرواية الروسية وآخر مع الرواية الغربية، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة وفي حروبها التي خاضتها منذ بدء القرن الـ21، وتحديدا حرب احتلال العراق، تراجعت الموضوعية وقيم التوازن ووصف الوقائع في إعلامها.
وشدد الطويسي، على أن ما يحدث حاليا، يؤكد التراجع في قيم الصحافة بوسائطها كافة (جمع المعلومات، حماية حق المواطن بالحصول على المعلومات.. الخ)، ما يرسخ الآثار الهائلة السلبية للتكنولوجيا.
ولفت إلى أن هناك افتقادا لوجود جهات مستقلة قادرة على تقديم وصف للوقائع، أقرب ما يكون الى الموضوعية، وتحولت القضية إلى دعاية في عالم يسوده إغراق للدعاية السياسية وقلة المعلومات.
واعتبر الطويسي، أن مواقع التواصل، ليست منصات صحفية وليست وسائل إعلام موضوعية، ولا يمكن أن تعطي المعلومة الحقيقية والصحيحة، لأنها غائبة منذ نشأتها، لأنها نماذج أعمال تجارية فقط.
وأشار إلى أن هذه المنصات، ساهمت بهدم الحقيقة في العالم، وإضعاف دور الصحافة، حيث ما تزال تتصاعد وتتضخم في جني الأرباح على حساب الحقائق.
وقال الطويسي، إن هذه المنصات، تحولت إلى أدوات بيد أطراف تسيطر على العالم، كما حدث في وقت سابق من العام الماضي خلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، والذي ظهر فيها التحيز الصارخ على شبكات التواصل ضد المحتوى العربي الفلسطيني لصالح المحتوى الصهيوني.
وأضاف أن هذا التحيز "يتجدد في الفترة الحالية، في رواية ما يحدث في أوكرانيا، بغض النظر عن طرفي الصراع، بخاصة وأننا كجمهور مستقل وبعيد، نريد رواية وصف الوقائع بمعناها المجرد والمهني”.
بدوره، قال العضو المؤسس لمركز حماية وحرية الصحفيين، الزميل نضال منصور، إنه لا يوجد حياد في الإعلام، وإنما هناك موضوعية فقط، مشيرا إلى أن الموضوعية تكمن في القدرة على إبراز كامل الآراء، برغم الموقف الرئيس الذي يتبناه الصحفي أو الإعلامي أو المؤسسة التي يعمل بها.
وأكد أن الإعلام الغربي، ليس إعلاما واحدا، مبينا أن هناك وسائل إعلام غربية، خرجت عن الموضوعية وأظهرت أصوات صحفية إعلامية، خطاب كراهية وعنصرية.
وأضاف منصور أن الفرق، يكمن في أن هنالك جمهورا أكثر قدرة على المساءلة والمحاسبة، والمؤسسات الغربية الإعلامية لديها سياسات تستطيع المحاسبة والمساءلة.
ولفت إلى أن وسائل إعلام أخطأت بتبني خطاب الكراهية والعنصرية، قدمت اعتذارها للجمهور لاحقا، منوها إلى أن الإعلام الغربي، ليس في سلة واحدة، بخاصة وأن الأزمة الروسية الأوكرانية، أظهرت أن هنالك تمييزا، بحيث أسقطت الكثير من الخطوط والتابوهات والشعارات التي يتحدثون بها.
وقال منصور، إن منصات التواصل المعروفة على غرار "فيسبوك” و”انستغرام” و”يوتيوب” وغيرها، سمحت بشكل مؤقت، بخطاب تحريضي على غرار "الموت للغزاة” وغيرها.
وأكد أن خطاب الكراهية والتحريض على العنف، يجب أن يكون مرفوضا في زمن السلم والحرب على حد سواء، مبينا أن منصات التواصل وأبرزها "فيسبوك”، يجب أن تكون لديها معايير تستند على مسطرة واحدة.
وشدد منصور على أن الحالة الفلسطينية، أظهرت عدم التوازن في مواقع التواصل، وأن هناك معايير تطبق على المحتوى الفلسطيني، وتمنعه من الظهور بشكله الحقيقي.
وأضاف أن الجميع يريد المحافظة على منصات التواصل على حرية التعبير، لا أن تنزلق تحت أي مبرر لخطاب كراهية وعنف فقط، لأن الذين يتظلمون عيونهم زرقاء وبشرتهم بيضاء.
فيما أكد الخبير قي قوانين الإعلام وأخلاقيات المهنة يحيى شقير، أن العالم العربي بطبيعته مستهلك للمعلومات التي تنشرها وسائل الإعلام الغربية، مبينا أن الإعلام الوطني العربي، تقوده حكومات محلية، وأن هذا الأمر ما يزال كما هو حتى مع تحرر الفضاء، فالكثير من منصات البث العربية، هدفها الحشد خلف حكوماتها.
وأشار إلى أنه في الحرب الروسية الأوكرانية، يرى المتابع أن انحياز الصحف والمواقع الإلكترونية وحتى الفضائيات، يكون وفق موقف الدول من هذه الحرب.
وبين شقير، أن الدول العربية التي لها موقف محايد من هذه الحرب، تقدم محتوى أيضا محايدا، اذ تأخذ بالاعتبار تاريخ التضامن العربي الروسي، بينما دول أوروبا الغربية والولايات المتحدة، لها موقف إعلامي منحاز ضد روسيا بطبيعة الحال.
وشدد على أن الإعلام، أحد أهم الفرق العسكرية لدى أي دولة في العالم وفي أي حرب، وبالتالي فإن صناعة المعلومة أو المحتوى، سلاح فتاك تستعمله الدول لتحقيق انتصاراتها.
وأكد أن قلة ثقة المواطن العربي بإعلام بلاده، سببها محاولة الإعلام العربي أحيانا إخفاء بعض الحقائق عن الجمهور، وهناك أمثلة كثيرة على ذلك في الدول العربية، فيما تقوم مؤسسات الإعلام الغربية بكشف أي حقيقة يريدها العربي وبشكل فوري.
وشدد شقير، على أن كل ذلك، لا يمنع بأن الإعلام الغربي يتمتع بالازدواجية، إضافة إلى أنه ينحاز لقضايا يراها الكثيرون عادية، فيما يتغاضى عن قضايا أخرى ذات أهمية قصوى على غرار القضية الفلسطينية.