ارتفاع أسعار الاتصالات في لبنان يقلق العمالة المهاجرة
الشريط الإخباري :
نجت نويل موسانجا عاملة النظافة الكينية بصعوبة شديدة من الانهيار الاقتصادي في لبنان وموجات انتشار مرض كوفيد-19 وانفجار مرفأ بيروت، لكن عندما أعلنت الشركة المُقدِّمة لخدمة الإنترنت مضاعفة الأسعار شعرت بالخوف من أن ينقطع آخر شريان حياة يربطها بعائلتها في الوطن وعملها في لبنان.
وتكسب العاملة الحرة بالكاد ما يقيم أودها. لكن الآن وبسبب ارتفاع تكاليف الاتصالات سيتعين عليها ترشيد اتصالاتها مع أقاربها ومع أرباب العمل المحتملين.
وقالت موسانجا في شقتها البسيطة جداً في الطابق الأرضي في منطقة برج حمود كثيفة السكان الواقعة على مشارف بيروت "سأصبح مثل من سقط في حفرة عميقة”.
ويقيم في لبنان نحو 250 ألف عامل مهاجر أغلبهم من افريقيا جنوب الصحراء وجنوب شرق آسيا وفقا لبيانات الأمم المتحدة.
وعادة ما تخضع إقاماتهم لنظام "الكفالة” الذي تقول المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان إنه يعطي صاحب العمل سيطرة زائدة على حياة العاملين تكاد تقارب العبودية.
وزاد الانهيار المالي الذي يشهده لبنان منذ ثلاث سنوات من معاناة العمال المهاجرين، إذ يتخلص أرباب الأعمال من العمالة المنزلية ويتركونهم في الشوارع بعد أن أصبحوا غير قادرين على دفع أجورهم الشهرية، التي تتراوح بين 150 و400 دولار.
ولجأ بعض العاملين للعمل الحر، يقيمون على حسابهم ويقومون بأعمال التنظيف أو رعاية الأطفال لكسب عيشهم.
لكن هذه الأعمال تزداد صعوبة كل يوم. فقد خسرت الليرة اللبنانية 95 في المئة من قيمتها، في حين ارتفعت تكاليف المواد الغذائية واستخدام وسائل المواصلات بنحو 11 ضعفاً..
والإنترنت هو التحدي التالي الكبير.
فحتى الشهر الحالي كان قطاع الاتصالات اللبناني مستمر في استخدام السعر الرسمي للصرف وهو 1500 ليرة للدولار في المحاسبة على فواتير المكالمات وخدمة الإنترنت.
ولكن مع تراجع الإيرادات لم تتمكن الدولة من استيراد الوقود الكافي لتشغيل محطات الاتصالات مما تسبب في انقطاع الخدمة خلال عام 2021.
ولإصلاح ذلك قالت الحكومة اللبنانية أن رسوم الاتصالات ستحسب على أساس سعر صرف لليرة أقل كثيراً وأكثر مرونة تحدده منصة "صيرفة” الحكومية.
وتقول مجموعة "إس.إم.إي.إكس” المدافعة عن الحقوق الرقمية أن خطة الحكومة ستؤدي إلى زيادات تصل إلى أربعة أضعاف في قيمة فواتير العملاء.
وقالت موسانجا، التي تعمل أيضاً كمتطوعة في مجال الدفاع عن حقوق المهاجرين، إن زيادة الأسعار ستغير شكل الحياة بالنسبة للعمال المغلوبين على أمرهم.
وسيتعين عليهم الاختيار بين الدفع مقابل الحصول على خط اتصال منزلي أو خط محمول من المُرجَّح أن يقللوا من استخدامه للحفاظ على الدقائق المحدودة ااتصالا المتاحة لهم.
كما ستشكل هذه الزيادات خطراً أكبر على العمال الذين يسعون للهروب من أرباب العمل الذين يسيئون معاملتهم.
وقالت موسانجا "طوال الوقت، أتلقى شكاوى عبر الهاتف من عاملات مقيدات بعقود ويواجهن مشاكل… لذلك، يجب أن تتاح لدي خدمة الإنترنت للوصول إليهن وحل كل هذه المشاكل”.
كما أن تكلفة المعيشة المرتفعة في كل النواحي تعني أيضاً أن العمال المهاجرين لن يتبقى لهم أي شيء تقريباً لإرساله في تحويلات إلى أقاربهم في مسقط رأسهم.
وأضافت "الآن في لبنان، إذا كنت تعمل هنا، فأنت تهدر وقتك وطاقتك… لأن كل شيء باهظ الثمن، ولن يكون لديك ما تدخره لنفسك أو ترسله إلى عائلتك. لذلك من الأفضل العودة إلى الوطن”.
ولكن تنفيذ هذا الخيار صعب بسبب ارتفاع أسعار تذاكر السفر.
كما يمكن أن يكون لقفزات أسعار الاتصالات تأثير على الصحة العقلية للعمال المهاجرين وأسرهم في الوطن.
وقال كريم نوفل، أخصائي الاتصالات في حركة مناهضة العنصرية، إنه مع ارتفاع حالات العنف داخل المنازل في مختلف أرجاء لبنان منذ عام 2019، ستكون أسر العمال في الوطن في حالة قلق دائم إذا لم يتواصلوا معهم من حين لآخر.
وقالت تسيغريدا بيرهانو وهي مدافعة عن العمال المهاجرين في لبنان وتبلغ من العمر 27 عاما لرويترز أن العمال المقيمين كانوا يعتمدون على هواتفهم وخدمات الإنترنت المنزلي للبقاء على تواصل مع بعضهم البعض ومع عائلاتهم، لا سيما خلال جائحة فيروس كورونا.
وتابعت قائلة "هذا بمثابة علاج لهم. لذلك، إذا لم يكن لديك اتصالات وإذا لم يكن لديك إنترنت، فسوف تفقد كل شيء”.