أسرى الحرية يضيؤن الحياة أيام الرماد ٠٠٠

{clean_title}
الشريط الإخباري :  
أسرى الحرية يضيؤن الحياة 
أيام الرماد ٠٠٠ حكايات خلف القضبان 
نواف العامر 
( في حضرة الحقيقة) 
سليم النجار 

نواف العامر من مواليد قليل الملاصقة لنابلس في العام ١٩٦٢ 
متزوج وأب لثمانية مناصفة بين الإناث والذكور، ويحمل شهادة الدبلوم في المحاسبة من الكلية المتوسطة بالعاصمة الأردنية - عمان ١٩٨٢.
 
أعتقل في سجون الإحتلال الإسرائيلي لعدة مرات بينها مرتين في الإعتقال الإداري سيء الصيت.
 
أحس وهو يتقدم نحو المحكة الإسرائيلية بأنه يفعل شيئا للمرة الأولى في حياته، فعمره عمر أيام المعتقل الإسرائيلي، ومع ذلك لم يذهب مرة واحدة الى قسم شرطة٠

أخذ يعيد حساباته من هنا وهناك، فلم يصل الى شيء، سوى إنه فلسطيني عبر عن انتمائه لوطنه، فكافأه الإسرائيلي بالسجن. 

تتسع مساحة القلق، وهو لا يعرف للأمر مصدرا أو سببا، حتى لحظة دخوله المعتقل، وعندما عرف كيف حدث ذلك، كتب أيام الرمادة- حكايات خلف القضبان.
 
ولكل كاتب تقاليده الخاصة عندما يراود الكلمات وينطوي في لجّتها ذاهلا مأخوذا، فكان المعتقل الإسرائيلي عالمه.
 
بين البداية والنهاية٠ أملى نواف العامر جدولا دفّاقا من الصفحات الحساسة، وكانت له إطلالات والتفاتات إلى أنواع كتابة المقال من داخل المعتقل، والتي ستلعب دورا في قادم الأيام في الثقافة العربية، وتأسيسا خصوصا إذا ما أخذنا في الحسبان أنه خفض الأسلوب التقليدي وطرح على المشهد الإبداعي العربي نموذجا له وقعٌ وجرس ومزايا.

وما من ثورة في المعنى والتحديث لا تصاحبها وتجانسها، في قليل أو كثير، ثورة في المبنى والمِعْمار،
فأيام الرمادة- حكايات خلف القصبان، هي حكايات تتحدث في هموم مختلفة، ستبقى مرآة متوجهة لمعاناة المعتقل الفلسطيني، التي تُنتهك آداميته على مدار الساعة، كما العامر في مقاله "رسالة إلى نملة" ("هجوم كاسح" كانت حملة النمل التي تستهدف غرفتنا الإعتقالية، كل شيء في الأنحاء مستهدف، الخبز، السكر، الحلويات، العصير، البسكويت، والساكر، سرب من النمل في الإتجاهين، وتغدو في نسق رتيب عجيب غريب ص٣٧).
 
ولسان حال كلماته تشي بالقول، إني لَظالِمٌ للخق ولنفسي حين أحفل بهذه الضفادع البائسة التي تملأ جو فلسطين نقيقا، ومالذي يمنعني حين تتثقل عليّ عِشْرة الضفادع، أن أنسلّ من بينها كما تنسلّ الشعرة من العجين، فأخلو لكلماتي التي تجلت بعنوان" صائد الروس"،( في الطريق عائدا الى مجدو، أصابه الدوار والإعياء بسبب ارتفاع في صغط دمه، نقل للعيادة، الطبيبة المشرفة من أصل روسي، عرف جنسيتها من سحنتها فألقى التحية بالروسية، استمعت إليه قليلا، طلبت على الفور نقله إلى مجدو بسيارة وعدم مرافقة البوسطة لساعات أخرى، وقد كان ص٨٩).

يستهل العامر مقاله "بصاق" بالحديث عن مخلوقات صغيرة، تزقزق للوجع، كأنها موسيقى الموت الأخير، كأنها سمعت كلها جرسا خفيا من داخل نفسها يصحّيها من نوم القاتل، المستمع بالتعذيب كمثافقة بين الجلاّد والتاريخ المصنوع من الأكاذيب، الأمر الذي جعلهم، قتلة محترفون على أرضنا، لكن رسالة المعتقل الفلسطيني جاءت على شكل مغاير يُثير الدهشة، لنقرأ كيف صَوَرَ العامر في مقاله "بصاق" ( لم يملك المحتل سوى الاحتجاج لقادة الإضراب ( كيف تبصقون على اللحم المشوي إنها نعمة الله تعالى، "الردُ بصقة اخرى على أرضية الساحة يمسحها الأسير بحذائه ٠٠٠٠٠٠ لغة جديدة ص٩٧).

هناك حكاية بلا أحداث كثيرة، إن حملت أفكارا كبيرة وحوارا جميلا اتصف بها العامر، إذ يتسلل برقّة وعذوبة، مقالٌ إثر مقال، لا يمكن إلا أن تعترف باتصالها وتَعاقُبها، وليس في استطاعتك أن تُسقِط منها شيئا، لأنه عندئذٍ يتعثر السياق والسؤال فهل استطاع العامر أن يجعل القرّاء "يقرأون"، إذا ما قرأنا جزءً من مقاله المعنون "حديث الصورة" ( قال لي أحد الأسرى، أنّ بعض من عايشهم أصابتهم حالة تشبه الإدمان بالحديث مع الصورة، كنا نظن به المسّ والمرض النفسي، لكن الحقيقة كانت مرة، بعضهم كان به الهوس النفسي والحالة المتحطمة، لم تحتمل ذرات قلبه المحنة والفراق، يحدث نفسه يضحك دونما سبب، ختم صديقي حديثه بقوله "للصورة حديث لا يعقله إلا العالمون" ص٧٩)٠
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences