الزامور ...

{clean_title}
الشريط الإخباري :  
  بقلم :  المحامي معن عبداللطيف العواملة 

بالأمس،  كنت أقود مركبتي في شوارع عمان الحبيبة  و كانت الزوامير تنطلق من كل حدب و صوب في المدينه . يعد الزامور جزءآ مهمآ من أجزاء أي مركبة و هو يقوم بدور هام جدآ في العملية المروريه بحيث أن تعطله يمثل خللآ  يجب الاسراع في اصلاحه، و أن   وجوده ينطلق من قيام حاجة ملحة للتنبيه  لخطر قادم  أثناء المسير، بالنتيجة  فهو يحمي من وقوع الحوادث في كثير من الاحيان  و يصوب المسار،  و لهذا فأن ادارة ترخيص السواقين و المركبات تهتم بوجوده و بمدى فاعليته عند فحصها للمركبات ، بأعتباره من أساسيات العملية المروريه،  حتى أن احد مدراء الترخيص السابقين روى لي  حادثه  جاءه فيها   أحد كبار ضباط الامن العام المتقاعدين  و المشهود له بالكفاءة و النزاهه،  و قال له سيارتي بدي ارخصها و بدها دهان ووضعي المادي لا يسمح،  فقال له سيارتك بتزمر ؟ قال اه والله  فكان الرد ممتاز هذا بكفي .
 لا أدري لماذا سقت هذه المقدمة مع اني مبيت النيه للكتابه عن ثقة الاردنيين بالحكومة  و   التي تمثلت  بنسبة بلغت  33%   حسبما جاء بتقرير مركز الدراسات الاستراتيجية  مؤخرآ،  و المؤشر   ما بين حجم هذه الثقة و اعادة الاعتبار للعمل العام،  سيما و أننا  في خضم الحديث عن مراجعات ستقوم بها الدولة في المرحلة القادمة، و على عدة مستويات.  حتى عهود متأخرة من المئوية الاولى،  كان للعمل العام مكانة و هيبة من نوع خاص. فالمسؤول الحكومي  كان يتمتع بالاحترام الخاص لأدراك الناس بحجم المسؤولية و عمق الايثار و الانضباط المصاحب للموقع الرسمي  من قبل من يتبوأ  العمل العام .
في الفترات  الاخيرة، و لاسباب متعددة، تعرض العمل العام للانتقاص و الشك، و غابت الثقة الى حد كبير. و تردى  مستوى الخدمات الحكوميه كثيرآ. كان لذلك انعكاسات سلبية كبيرة، دفعت الدولة، و لا زالت، ثمنا باهضا لها لا يتجلى فقط في تدني الثقة في الحكومات عند الحديث بملفات سياسية أو أقتصادية ، بل تعداها الى ان اصبح امرا مالوفا  . فقد تراجعت المصداقية و افتراض حسن النوايا في ظل ما نواجهه اليوم من ظروف استثنائية ، و تصدرت المشهد  الوعود المؤجلة ،  فأعداد الفقراء و العاطلين عن العمل بأزدياد  و الغلاء  الجنوني  يأكل الاخضر و اليابس ،  و المعروض لا زال هو اجراءات اقل من عادية. 
المؤشرات الحالية مقلقة و هي كذلك منذ زمن. الازمات المركبة الاخيرة كشفت عمق المشكلة بشكل مباشر و وضحتها بالصوت و الصورة. المسؤول الحكومي بشكل عام لم يعد يحظى بالمصداقية الشعبية، و هذا ما يزعزع الثقة في الحكومات، حيث اصبحت الرواية الحكومية حول اي موضوع تقابل بالتشكيك المباشر. يجب ان تكون هذه الحقيقة محط اهتمام رئيسي عند ادارة عملية المراجعات القادمة و ما يليها من قرارات.
أطلاق الزامور هنا واجب وطني،  فتكلفة غياب الثقة و المصداقية باهظة بشكل كبير، و ستكون المعيق الرئيسي امام جميع عمليات التطوير و الاصلاح. نحتاج الى جهد كبير في هذا المجال و من دون تأخير، فالمسالة لها تداعيات اجتماعية و اقتصادية و سياسية غير محمودة. يجب  دراسة وسائل اعادة الاعتبار للعمل العام و مكانته في المجتمع. الامر لن يكون سهلا، و لكنه سيشكل حجر الزاوية لنجاح التوجهات الحكومية المستقبلية.
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences