مونديال وأكثر في قطر
الشريط الإخباري :
مونديال وأكثر في قطر
ابراهيم عبدالمجيد القيسي
نشر في: الاثنين 21 تشرين الثاني / نوفمبر 2022. 12:00 صباحاًآخر تعديل: الاثنين 21 تشرين الثاني / نوفمبر 2022. 12:00 صباحاً
للكلام وقت مناسب، وبكل المقاييس ليس هذا وقته، فالمناسبة الكونية انطلقت فعلا، وعلى هامشها ألف مناسبة واختبار.. أعان الله قطر.
في قريتنا وفي مناطق كثيرة في الكوكب، تتحرك مشاعر الصغار وكثير من الكبار في مناسبة كمناسبة كأس العالم لكرة القدم، وثمة فقراء لا يمنعهم فقرهم من التعبير عن تأثرهم بالحدث، وتجدهم يحركون أقدامهم بال»شلاليت»، بعضهم يركل كل شيء بقدمه، وهي حالة جسدية وليست نفسية فقط، فثمة هرمونات يفرزها الجسم بتأثير من تفاعل الشخص مع الحدث، فتجد الأطفال يبالغون في لعب كرة القدم، وتتساقط على ألسنتهم مصطلحات وألفاظ وأسماء ورغبات ساكنة، وكلها تتحدث عن كرة القدم والبطولات والأحلام .. هذه مناسبة تؤثر على غالبية سكان الكوكب، وتحتل أحيانا كل المساحة العقلية والنفسية عند الناس، وكأنها غيمة تظلل العالم ويشعر كل شخص بتأثيرها ويتفاعل معها.. ويمكن لأي شخص أن يبحر في الإنترنت ووسائل الإعلام المختلفة، ويلمس بكل جوارحه هذا التسونامي المتعلق بكأس العالم، والذي يزداد إثارة وإدهاشا لأنه يحدث في بلد عربي.
الطوفان يغرق الميديا كلها، بإثارة وجدل وإدهاش منقطع النظير، وإن كانت قطر قد أنفقت 220 مليار دولار على التحضير للمناسبة وفعالياتها الكثيرة، وهو الرقم الذي قيل عنه بأنه أكثر مما تم إنفاقه على المناسبة في تاريخها كله، في رقم ضئيل نسبيا، لأن «مونديال قطر» أكبر وأكثر تأثيرا من كل مناسبات المونديال والألعاب الأولمبية على امتداد تاريخهما.. فالأمر لم يقتصر على اللعبة فقط، بل إن اللعبة والبطولة والكأس مجرد مناسبة، لانطلاق أكثر من فعالية عالمية وعربية بلا تحضير ولا استئذان، وفيها مليون اختبار للعرب وللعالم..
لن أتحدث عن الهجوم على قطر والعرب والمسلمين وثقافتهم وعقيدتهم، حيث توقعته منذ أن ظفرت قطر بتنظيم البطولة، وتوقعت كما توقع وتحدث كثيرون من الأردنيين ومن العرب، أن ينتهز المنتهزون المناسبة لمزيد من إساءة لنا، ومحاولة تفويت الفرصة علينا بأن نستغل المناسبة او حتى لا نستغلها لإبراز هويتنا الثقافية والإنسانية، التي تجتهد عليها قوى العالم لدحرها والتقليل من شأنها، بل والإساءة إليها وشيطنتها.. لكن هذا لا يمكن، فالشعوب نفسها تشارك وتتابع ومهتمة بالمناسبة، وحاضرة في قطر، وفي بلدان عربية، حيث تقل هوامش التضليل والخداع والتزوير.
لا ينفع الكلام، ولا مكان له، وكل الشعوب العربية والأنظمة السياسية تعرف بأنها قصرت، ولم تستغل هذه المناسبة الكونية لخدمة هويتها العربية الاسلامية، في الوقت الذي حضر فيها اعداء هذه الهوية وهذه القيم أنفسهم، ووضعوا ملفات جدلية على الطاولة، بل واستبقوها لإثارة جدل، وتصيّد أخطاء، وتوظيف ردود الأفعال العادية لمزيد من تشويه للعرب وللمسلمين عقيدة وثقافة وقضايا ووجود.