مصدرها الاوروبيين .. معلومة كاذبة حول صفقة سلاح روسي "كحجة" لمعاقبة الجزائر

{clean_title}
الشريط الإخباري :  
تستند الدعوات المتتالية لنواب في البرلمان الأوربي والكونغرس الأمريكي لمعاقبة الجزائر أو مراجعة العلاقات معها، على معلومة تدعي شراء البلاد لأسلحة بقيمة 7 مليارات دولار من روسيا خلال سنة 2021، وهي الصفقة التي لا أثر لها بحسب مختصين في الشأن العسكري.

أول من وظّف هذه المعلومة، كان السيناتور الجمهوري ونائب رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الأمريكي، ماركو روبيو، الذي وجّه رسالة في 16 أيلول/ سبتمبر الماضي، تدعو وزير خارجية بلاده، أنطوني بلينكن لفرض عقوبات على الجزائر.

وزعم هذا السيناتور عن ولاية فلوريدا في رسالته أن "الجزائر من بين أكبر أربعة مشترين للأسلحة الروسية في جميع أنحاء العالم، وبلغت ذروتها بصفقة أسلحة بقيمة 7 مليارات دولار في عام 2021”. وتابع مخاطبا بلينكن: "كما تعلم، يُوجه القسم 231 من قانون مكافحة أعداء أمريكا من خلال العقوبات لعام 2017 الرئيس إلى فرض عقوبات على الأطراف المشاركة في معاملات مهمة مع ممثلي قطاعي الدفاع أو الاستخبارات في حكومة الاتحاد الروسي. وفوّض الرئيس تلك السلطة لوزير الخارجية، بالتشاور مع وزير الخزانة”.

ولم يمض أكثر من أسبوعين على تلك الدعوة المستندة إلى الصفقة مجهولة المصدر، حتى ظهرت مطالبات جديدة داخل الكونغرس الأمريكي، توظف نفس الرقم من أجل معاقبة الجزائر. فقد جمعت السيناتورة ليزا ماكين وهي ممثلة ولاية ميشيغان عن الحزب الجمهوري، 27 توقيعا داخل الكونغرس، لدعم رسالتها الموجهة لبلينكن، والتي تدعوه فيها إلى تطبيق قانون معاداة أمريكا على الجزائر، باعتبارها بلدا داعما لروسيا التي تشن حسبها حربا بربرية على أوكرانيا وهي بحاجة لمزيد من الأموال عبر بيع الأسلحة.

وتقول الرسالة في جزء منها: "كما تعلم (الخطاب موجه لبلينكن)، فإن روسيا هي أكبر مورد للأسلحة العسكرية للجزائر. وفي العام الماضي وحده، أنهت الجزائر صفقة شراء أسلحة مع روسيا بلغت قيمتها الإجمالية أكثر من 7 مليارات دولار. في هذه الصفقة، وافقت الجزائر على شراء طائرات مقاتلة روسية متطورة، بينها سوخوي 57 التي لم توافق روسيا على بيعها إلى أي دولة أخرى حتى الآن، مما يجعل الجزائر ثالث أكبر متلق للأسلحة الروسية في العالم”. وبحسب ماكين والموقعين معها، فإن "صفقة شراء الأسلحة الأخيرة بين الجزائر وروسيا يجب أن تصنف على أنها صفقة مهمة، بموجب قانون مكافحة الإرهاب، ومع ذلك، لم تضع وزارة الخارجية أي عقوبات حولها”.

واللافت أن العدوى انتقلت سريعا إلى الجهة المقابلة من الأطلسي. فقد أطلق نواب في البرلمان الأوربي دعوة شبيهة، قبل نحو أسبوع، تدعو هذه المرة المفوضية الأوربية لمراجعة اتفاق الشراكة مع الجزائر، وحملها على التوقيع على اتفاقية تجارة الأسلحة التي تنظم بيع الأسلحة التقليدية، بزعم أنها تدعم روسيا في "عدوانها” على أوكرانيا.

وذكر 17 نائبا في البرلمان الأوروبي، في رسالتهم إلى أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، أن "الجزائر بعد توقيع عقد أسلحة بقيمة أكثر من 7 مليارات دولار في عام 2021، أصبحت ثالث أكبر مستورد للأسلحة الروسية في العالم”.

وذكر النواب الذين يقودهم أندريوس كوبيليوس، رئيس الوزراء الليتواني السابق، ورئيس مجموعة حزب الشعب الأوروبي في البرلمان الأوربي، أن الدعم الذي تقدمه الجزائر يشكل انتهاكًا للمادة 2 من اتفاقية الشراكة لعام 2005، التي تنص على "احترام المبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان الأساسية، على النحو المنصوص عليه في الإعلان العالمي”. وطالب الموقعون، باتخاذ خطوات لضمان عدم استدراج شركائه لتمويل الحكومة الروسية من خلال شراء المعدات العسكرية. 

وفي حديثه لـ”القدس العربي”، استغرب المحلل الجزائري المختص في الشأن العسكري أكرم خريف، تكرار الحديث عن صفقة 7 مليارات دولار سنة 2021 في رسائل النواب الأوربيين والأمريكان، رغم أنه لم يسبق للجزائر التوقيع على طلبية أسلحة بهذا الحجم.

ويؤكد خريف أن استيراد الجزائر للسلاح الروسي يكون غالبا في صفقات من 5 سنوات، ويتم التسديد حسب مستوى وصول الطلبية، لذلك لا يوجد رقم ثابت لحجم ما تدفعه الجزائر سنويا لروسيا، لكن المتوسط السنوي يتراوح ما بين مليار وملياري دولار ولا يزيد عن ذلك، ولا يمكن أبدا أن يصل لـ7 مليارات دولار كما يدعيه النواب الغربيون.

ويرى المحلل العسكري، أن هذه الدعوات توظف بشكل مفضوح معلومة كاذبة من أجل الدفع لفرض عقوبات على الجزائر، وهي في الواقع مدعومة من لوبيات دول معادية للجزائر، تريد استعمال قضية السلاح الروسي كحجة فقط، خاصة وأن الجزائر لم تخف يوما اعتمادها على السلاح الروسي.

وبحسب ما ذكرته مجلة "جون أفريك” الفرنسية، فإن الجزائر وموسكو لم توقعا في عام 2021، أي عقد أسلحة بقيمة 7 مليارات دولار. وبحسب نفس المصدر، فقد بلغ إجمالي صادرات الأسلحة من روسيا إلى الجزائر العام الماضي 985 مليون دولار، و2 مليار دولار سنة 2020، وفقًا لتقرير صادر عن دائرة الجمارك الفيدرالية الروسية تم الإعلان عنه في أيلول/ سبتمبر 2021.

© جميع الحقوق محفوظة لوكالة الشريط الإخبارية 2024
تصميم و تطوير
Update cookies preferences